قد يكون عند إشارة مرور يقف بين السيارات مستعطفاً الناس في حالة من حالات التسول المنظم، وقد يكون يبيع قوارير الماء، وربما يكون يعمل خلسة في أحد المحلات المنزوية في طرف الحارة، لكنه في نهاية المطاف يقيم في البلاد بطريقة غير مشروعة. وبالرغم من أن ذلك المخالف ربما يكون قد دخل المملكة بتأشيرة عمرة، أو من خلال عقد عمل هرب بعده من كفيله، أو عن طريق التهريب عبر الحدود البرية، إلا أنه رغم ذلك يعيش في البلاد. ترى كيف يدخل الرجل المخالف إلى البلاد، ثم كيف يعيش فيها ؟ أين يسكن، وكيف يحول الأموال التي يكتسبها إلى بلاده ؟ وكيف يحصل على العلاج ان مرض؟ لا يجد "محمد" والذي قال لنا ان هذا اسمه حرجاً وهو يقف معنا في شارع عبدالرحمن الغافقي بشرق الرياض ليتحدث لنا عن طريقة دخوله العاصمة الرياض، فحسب رواية الرجل فقد دخل مع مجموعة من اليمنيين إلى جنوب المملكة، وتسللوا إلى خميس مشيط، ثم تحينوا الفرصة حين توقفت ذات ليلة ناقلة سيارات محملة بالمركبات، وغافلا سائقها الذي توقف للتزود بالوقود، وصعدوا إلى أعلى سيارة وانيت كانت فوق الناقلة، وبقوا في حوض ذلك الوانيت ليوم وليلة حتى وصلوا إلى مدينة الرياض دون أن يدرك سائق الناقلة ذلك، ودون أن تدرك نقاط التفتيش طيلة ألف وخمسمائة كيلو متر أن هناك رجالا في أعلى الناقلة. وفي شارع خالد بن الوليد لم يكن "حسين" أقل جرأة من سابقه في الحديث عن وضعه كمخالف لأنظمة البلاد، فبعد أن شكا الفقر والفاقة وأنها سبب تسلله للمملكة سعياً وراء الرزق، وصف السعوديين بأهم شعب طيب، وأنهم يشفقون عليه ويمنحونه صدقات كلما شاهدوه يتسول، لكنه شكا ما أسماه استغلال العمالة المقيمة بشكل نظامي لأولئك الذين يقيمون بشكل غير مشروع، وقال: انني أسكن لدى هندي في البطحاء منحني جزءا لا يتجاوز المتر في المترين لأنام به بمقابل 500 ريال في الشهر، وأنه يحدد لي أوقاتاً للعودة لتلك الغرفة وإلا فإنه لن يفتح لي الباب، كما أنه لا يمنحني مفتاحاً وأنا أعتبر شريكا في السكن، كما أبدى "حسين" امتعاضه من استغلال أبناء جلدته عند تحويل الأموال لأهله، وقال: إن هناك يمنيين لديهم اقامات، ويمتهنون تحويل الأموال الخاصة بالذين لا يملكون إقامات، مشيراً إلى أنهم يتقاضون من 50 إلى 100ريال عن كل عملية تحويل، وهو مبلغ يرى "حسين" أنه كبير جداً. حسين ..غاضب من استغلاله من قبل العمالة النظامية وحول سؤال عن أين يمكنه أن يتلقى علاج لو اضطر لذلك وهو لا يملك إقامة في البلاد، قال: في البطحاء كل شيء متوفر، مشيراً إلى وجود أطباء هنود وباكستانيين متخصصين في استقبال من لا يحملون إقامات، لكن "حسين" أيضاً لم يفته هذه المرة أن يبدي امتعاضه من استغلال أولئك الأطباء لما أسماه الحاجة الإنسانية لمن لا يملك إقامة في حقهم في الحصول على العلاج.