كُثُر هم الشعراء الذين تحدثوا عن الشيب وأيام الشباب والنشاط والقوة والضعف في أشعارهم، فهذه سنة الحياة: طفولة.. شباب.. رجولة.. كهولة.. هرم ولكن هل استفاد الإنسان من شبابه وطاقته وقوته قبل ضعفه وشيبه؟.. هل خطط لمستقبله؟.. ما هو موقفه عندما يتوقف في محطة الشيب هذه المحطة الهامة في حياة الإنسان والتي قال عنها الشاعر سعود العازمي: لاوالله اللي لاح في عارضي شيب لو جيت ابغطيه ما ينتغطى شابت بي الدنيا وشفنا التعاجيب نوبه نعديها .. ونوبه انتخطا مليت من كثر الهواجيس يا ذيب العمر عدّا شبته ثم خطا واوجد حالي وجد من له مطاليب تاهت به الافكار والعقل شطا والشيب ليس مقياساً لعمر الإنسان فقد يظهر الشيب في سن مبكر من حياته نتيجة الضغوط النفسية أو كثرة التفكير أو نوعية الطعام وغير ذلك، ومن الطريف أنه عندما يغزو الشيب الإنسان يقوم بطرد هذا الزائر بشتى الوسائل فهو ضيف غير مرغوب فيه، وقدومه بلا دعوة، وقد قال في هذا الأمر الأستاذ غازي بن ناصر بن ظافر الأسمري في كتابه "مواعظ الشيب" في المقدمة (رأيت الكثير ممن كانوا أكبر مني سناً ينادونني بيا عماه ويقدمونني قبلهم وفي اعتقادهم أن هذا الشيب إنما أتى لكبر سني. فكنت أحياناً أفرح لذلك كثيراً وكنت في أحايين أخرى أغضب لذلك كثيراً. حاولت جاهداً أن أستره وأخفيه بالخضاب ولكنني وجدت ذلك لا يجدي وربما تعقبته بالمقص ولكنه كان يضحك مني فلا أقص واحدة حتى تخرج بدلاً منها أخريات أكثر بياضاً وإشراقاً وصرت أنا والشيب في هذه الحالة) انتهى. ومن قصص الشيب الطريفة: زار الشاعر على بن عويض الشاطري رفيق دربه الشاعر مروي بن دويس المطيري بعد انقطاع طويل عنه بسبب مشاغل الحياة وبُعد المسافة بينهما، وعندما التقى صديقه لاحظ عليه تقدّمه في السن وقد بدأ في عارضه الشيب فقال هذه الأبيات التي يحث فيها أبناء رفيقه على البر بوالدهم والاعتناء به نظراً لتقدمه في السن، وهي لا تخلوا من الطرافة والمداعبة: عودٍ عوارض لحيته شيبنّي وبانت ظروف العود مير اعتنوا به اللي منوّل حس نجره يدنّي اليوم جعل الله يغفر ذنوبه ياما شرى كبشٍ معه كيس بنّي بوقتٍ على عوص النجايب ركوبه واليوم يا نواف عودٍ مسنّي والبر فعله فيه ما هو صعوبه وعندما سمع الشاعر مروي بن دويس الشاطري قصيدة رفيقه رد بقصيدة لا تخلو من الطرافة أيضاً ومنها: سنك تراه مقاربٍ حول سنّي وشيبك على العارض غدا له شبوبه هذا الكبر يقرب وصلك ووصلنّي وعما قريب يصير شكلك اعجوبه اسمع وأشوفك في مقامك تونّي راح الشباب اللي زها لك بثوبه وكانك على الماضي شفوق وتحنّي اللي مضى دار الرياح بهبوبه