قبل عام ونصف تقريباً من الآن أعلن خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - أنه سيتم تعيين أعضاء من النساء في مجلس الشورى ليشاركن الرجال في هذا المجلس مهمة مناقشة قضايا المجتمع بكل جوانبها دون استثناء أو تحديدٍ لما هو للرجل أو لما هو للمرأة، فالرجل والمرأة كما تقتضي الفطرة شركاء في الحياة على اعتبار أن مجتمع الأسرة الذي يشترك فيه الرجل مع المرأة هو نموذج مصغر للمجتمع الكبير (الوطن) الذي يشترك فيه النساء والرجال على حد سواء. تعزيز مشاركة المرأة وهي نصف المجتمع كان ولا زال مطلبا أساسيا فعندما كتبتُ تلك المقالة قبل عقد من الزمان كنت أدرك انه سوف يأتي اليوم الذي نرى فيه المرأة تشارك مجتمعيا وسياسيا، ولعل السبب في ذلك ثقتي بالإرادة السياسية لهذا الوطن، وهذا ما حدث بالفعل اليوم وبعد مرور عام ونصف أصدر خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - أمره الملكي بتعيين أعضاء جدد في مجلس الشورى السعودي حيث بلغ عدد المعينات من النساء عشرين بالمائة من عدد الأعضاء ما يعني دخول ثلاثين سيدة من البارزات وصاحبات الشهادات العليا، وممن لهن دور فاعل في هذا المجتمع. وهذا يعني مشاركة حقيقية لا تقتصر على الاستشارة أو النصح بل تتجاوز ذلك إلى التماثل مع الكثير من المجالس البرلمانية في العالم التي لا يصل بعضها إلى هذا الرقم من الأعضاء. هذا الحدث تاريخي فللمرة الأولى التي يسجل فيها التاريخ دخول عناصر نسائية عاملة في هذا المجلس وهذا يضاف إلى السجل الحافل لخادم الحرمين الشريفين حفظه الله في سبيل تحقيق كل ما يمكن أن يساهم في رفعة هذا الوطن بجانب الكثير من التطورات التنموية التي تحققت خلال العقد الماضي. الحقيقة أن هذا المسار التطويري بجعل العنصر النسائي في مجتمعنا شريكا في عملية سياسية ذات علاقة بالتنمية وتنظيماتها الداخلية في سبيل النمو أو التطور السياسي في المملكة إنما يحقق متطلبات تنموية تخص هذا المجتمع الذي يسعى إلى أن يسير نحو الاتجاه التنموي الصحيح في جميع المجالات سواء سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية. في شهر صفر من العام 1424 ه كتبتُ مقالا في صحيفة الوطن السعودية عن المرأة والمجتمع جاء في ذلك المقال " إن صوت المرأة مازال مفقوداً وحتى إن وجد فإنه يُسمع وفق موافقة الرجل وتحت مقصه الرقابي وهذا الإفراز أسكت أكثر فئات المجتمع عن الظهور، فالمرأة مازالت تغيب عن منابر المجتمع الإعلامية والسياسية والاقتصادية والتربوية". كما جاء في ذلك المقال القديم أيضا " إن فهم الواقع الاجتماعي للمرأة ينطلق من تعريف دورها الاجتماعي فهي وإن كانت جزءاً رئيسياً في المجتمع إلا أنها مازالت كالأنهار التي تصب في البحار لا يتم الاستفادة منها بشكل صحيح". اليوم وبعد مرور عقد من الزمان أعلن خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - دخول المرأة لمجلس الشورى وهنا ليس أمامي سوى الاعتراف والإيمان بأن التطور والنمو المتدرج والمتعقل يحدثان في مجتمعي في ظل منهجية حكومية وإرادة سياسية تدرك آليات وتوقيت التغيير المطلوب، كما أن التمثيل الشامل لمناطق المملكة وتنوعاتها المجتمعية يتحقق أيضا بشكل متطور مع كل دورة من دورات المجلس. تعزيز مشاركة المرأة وهي نصف المجتمع كان ولا زال مطلبا أساسيا فعندما كتبتُ تلك المقالة قبل عقد من الزمان كنت أدرك انه سوف يأتي اليوم الذي نرى فيه المرأة تشارك مجتمعيا وسياسيا، ولعل السبب في ذلك ثقتي بالإرادة السياسية لهذا الوطن، وهذا ما حدث بالفعل فهذا القرار التاريخي حدث دون كسر لقيم هذا المجتمع وتراثه إنما جاء استجابة طبيعية وافق عليها الجميع لأنها تعبير منطقي واستجابة عاقلة لتحولات طبيعية في الحياة الاجتماعية التي تطلبت أن يكون للمرأة السعودية دور بارز في تعريف ومناقشة المسيرة التنموية للوطن. خلال مسيرة مجلس الشورى ومنذ إنشائه حدث الكثير من التحولات فيما يخص نظامه الأساسي ووسائل مناقشته ولوائحه الداخلية فلقد تطور الكثير من مواد هذا المجلس ونظامه الأساسي وكل هذا يعبر عن استجابة طبيعية لحجم التغير الذي يحدث في نظام هذا المجلس بشكل تدريجي وفقا للتطورات وهذا ما سوف يعطي هذا المجلس سمة الرسوخ التاريخي والتغيير المتدرج في مساره، فمجلس الشورى اليوم وفقا لتاريخه والتطورات التي حدثت لشكله السياسي أو البيروقراطي لن يكون أيضا كما هو بعد سنوات من الآن فهو يسير وفق آليات وتنظيمات جعلته مادة متطورة وهذا ما يدركه كل من تتبع تاريخ هذا المجلس. إن المطالبات المتعددة من فئات المجتمع السعودي حول مهام المجلس أو الرغبة في انتخاب أعضائه أو تفعيل دوره هي مطالبات تعبر عن طموح المجتمع السعودي ورغبته الدائمة في التطور وهذا ما تشاركه به الدولة وقيادتها، وهذا في الحقيقة يلقى استجابة كبيرة من قيادة هذا الوطن فقبل عشر سنوات من اليوم لم يكن لدينا امرأة في منصب إداري بارز أما اليوم نجد أننا تجاوزنا الكثير من طموحاتنا بوجود ثلاثين سيدة من أفراد هذا المجتمع تشارك الرجل عضوية مجلس الشورى بالإضافة إلى أخريات في مناصب إدارية عليا في القطاعين العام والخاص. المجتمع يعيش اليوم تحولات تنموية كبرى ساهمت في إحداث نقلة كبيرة لهذا المجتمع عبر برامج تنموية سوف تحقق وبشكل تدريجي معايير أعلى لتطور هذا الوطن فبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث يشكل واحدا من أهم البرامج التي سوف تساهم في كثير من التحولات الايجابية لهذا المجتمع بعيداً عن القفز على حواجز الزمن أو كسر القيم والمبادئ الراسخة، انه لابد وان ندرك انه لايمكن أن توجد معوقات تنموية تمنع أي مجتمع من تحقيق تطلعاته ما دام هناك رغبة دائمة ومشتركة بين القيادة والمجتمع لتحقيق أعلى معدلات النمو والتطور لهذا المجتمع.. مرونة أي مجتمع هي انعكاس طبيعي لرغبته الدائمة في إحداث التغيير والنمو والتحول فها نحن اليوم نشاهد المرأة تدلف إلى مجلس الشورى عبر كفاءات نسائية اثبتن أنهن قادرات على المساهمة في تنمية هذا المجتمع من خلال تلك النجاحات التي تحققت للمرأة السعودية في المحافل الدولية ، وكما طالبت مثل غيري بحضور كبير للمرأة في المحافل المجتمعية والسياسية ، فإنني على يقين أن تمثيل المرأة في هذا المجلس سيكون كبيرا وذاا نتائج إيجابية..