هاجس الأمن الخليجي تعدى مفهوم الحماية الدولية، والاعتماد عليها، لأن أمريكا القائد الأساسي في إدارة الصراعات الدولية، وضعت الخليج على رأس مهماتها حتى اليوم لأنه المخزون التاريخي الأكبر للنفط، والذي لا غنى عنه في تحريك آلتها الصناعية والعسكرية، وحصولها على الدولة المستفيدة الأولى منذ اكتشافات آبار النفط مروراً بحربها الباردة مع السوفييت ومنعهم الوصول إلى البحار الدافئة، وحتى الآن في استمرار حاجتها للطاقة، أو الموقع الاستراتيجي الذي ظل على الدوام، مركز ثقلها في ملتقى القارات.. أمريكا سربت العديد من التقارير من خلال مراكز بحوثها وخبرائها بأنها لم تعد تهتم بنفط الخليج العربي، أو مواردها منه، طالما ستصبح هي منافساً في استخراج وتصدير الفائض من نفطها للخارج، وأن آسيا الجديدة صارت الأولى في الاهتمام الاقتصادي والسياسي، وبالتالي فهذا المتغير المحتمل والقريب لا نجد له الاهتمام المباشر من قبل دول مجلس التعاون، وهي المحاطة بالمخاطر الايرانية، وانفلات الأمن في اليمن والمشكل الديموغرافي مع الجاليات الأجنبية التي أصبحت تتضاعف على عدد السكان، مما يخلق أوضاعاً قد تؤدي إلى محو صفة الدولة العربية لصالح هذه المجاميع، والتي ستكافح دولها على منحها ميزة المواطن الأصلي أو المواجهة غير المتكافئة مع معظم الدول الخليجية وخاصة ذات التعداد السكاني المتواضع، والجغرافيا الصغيرة.. الحديث عن بناء قوة عسكرية وتكامل اقتصادي وربط جغرافي لا يزال مشروعاً على الورق، أي لا توجد مظاهر عملية تتلاقى على سؤال كيف نحمي مصيرنا بعد الفراغ الذي ستتركه أمريكا تحديداً؟.. الواقع يضعنا أمام عجز تام عن بناء استراتيجية عملية، فلا اتفاق على كيف يتم شراء السلاح وفق احتياجات هذه الدول، ولا توحيد سياساتها في ذلك، وهناك عجز تام في الكوادر العسكرية في مختلف التشكيلات للقوات البحرية وهي ذات السواحل القصيرة، إلا عمان والسعودية واللتان لهما مساحة كبيرة، عمان على الخليج وبحر العرب والمملكة على الخليج والبحر الأحمر، وكذلك قوة المشاة والقوة الجوية، ولا نرى في بنود ميزانيات هذه الدول الغنية إنشاء مصانع للأسلحة، وربما تفتقد حتى الذخيرة المنتجة محلياً.. والأمر لا يتكرر مع النظم المعمول بها في بعض الدول في التجنيد الإجباري أو خدمة العلم، كاحتياطي دائم لمن يترك الخدمة لأي طارئ آخر، ولم نتعود رؤية مناورات مشتركة تكشف مدى حجم القوة واستعدادها.. الحديث في هذا الأمر ينطلق من مخاوف موجودة ولا يمكن نكرانها وما لم نتحرك مع الزمن السريع وندفع بمسؤولياتنا إلى التكاتف والاسراع في خلق قوة مشتركة، فالمصاعب سوف تكون كبيرة، وهو ما يدفعنا إلى القول إننا في خطر ما لم نفهم حقيقة واقعنا!!