في أكثر من مناسبة يشير بعض الخبراء والمحللين والباحثين إلى أن حجم المشاريع الجديدة بميزانية الدولة يمثل (38%) من حجم الإنفاق الحكومي عام 2012م كدليل على ارتفاع قيمة المشاريع، في حين انه لا يوجد رابط فعلي بين حجم المشاريع المعتمد بالميزانية ورقم موازنة الدولة المعلن والمصروفات التقديرية للعام المالي، وتبرز الأهمية الى أن قيمة معظم المشاريع الجديدة التي يعلن عنها كل عام بالميزانية ليست ضمن مصروفات ذات الميزانية، أي أنها قيمة مشاريع جديدة اعتمدت للجهات الحكومية للتعاقد عليها ولم ترصد كامل قيمتها بالميزانية المعتمدة بها رغبة في اعتماد اكبر عدد من المشاريع الحيوية والبدء في تنفيذها، لأنها تحتاج لسنوات لانجازها وبالتالي يخصص بالميزانيات القادمة مبلغ كسيولة سنوية للصرف عليها وحسب مراحل الانجاز. ولوجود لبس لدى كثير من المهتمين بالشأن الاقتصادي ومنهم بعض المحللين في قواعد وإجراءات المحاسبة الحكومية وإعداد موازناتها - الذي يختلف عن المنشآت التجارية – فان هناك اعتقادا متداولا بان جميع موجودات مؤسسة النقد التي يُعلن عن نموها كل شهر والتي تجاوزت ال(2.3) تريليون ريال هي احتياطيات عامة للدولة وتمثل كرقم فائض عن الإيرادات التقديرية، ويتحدثون بفخر عنها على الرغم من أن نسبة كبيرة منها هو بسبب فشل جهاتنا في تنفيذ مشاريعها وصرف ما خصص لها بالميزانية، فمع أن هناك فائضا سنويا فعليا للإيرادات لهذا العام عن التقديري المتحفظ في بداية العام، إلا أن رقم الموجودات في حقيقته يتضمن جميع الأموال التابعة لمؤسسة النقد وماتديره كاستثمارات لجهات شبة حكومية، والاهم أن جزءا كبيرا من تلك الموجودات هو قيمة مشاريع متعثرة لم تصرف قيمتها، أي أن معظم الموجودات - أرصدة نقدية أو اسمية – تقابل التزامات قائمة سيتم الصرف منها بعد إنجاز تلك المشاريع، وليست جميعها احتياطيات وفائضا عن مصروفات والتزامات الدولة. وبعيدا عن المتبقي من أرصدة المشاريع المعتمدة من فائض الإيرادات قبل سنوات ومبلغ ال(250) مليار ريال الخاص بمشاريع الإسكان والتي جميعها بحسابات مستقلة لدى مؤسسة النقد، فان جميع المشاريع الجديدة للعام القادم وكذلك جميع أقيام المشاريع الضخمة التي سبق اعتمادها ولم تصرف مبالغها سيتم تمويلها مما يتحقق من إيرادات في السنة التي ستصرف بها وكذلك من موجودات المؤسسة ومنها الاحتياطي العام للدولة الذي لم يحدد حجمه من تلك الموجودات التي حالياً تنمو ايجابيا بسبب النفط، وسلبيا بسبب تعثر المشاريع وعدم صرف مخصصاتها! وبالتالي مازالت تلك المشاريع تمثل عبئا قائما على الدولة ولن أبالغ إن ذكرت أن المتوقع كالتزامات قائمة بدون المشاريع الجديدة لميزانية 2013م قد يتجاوز ال(1.7) تريليون ريال وستستحق الصرف من تلك الموجودات فور انجازها، وذلك وفقا لإجمالي حجم ومدد المشاريع الجديدة التي تعلن كل عام والمتعثر منها وبيانات المنصرف السنوي المعلن في نهاية العام، إضافة لقيمة الالتزامات الضخمة التي يُعلن عن اعتمادها خلال العام المالي وهي بالتأكيد خارج أرقام الميزانية المقرة أول العام. وإذا كنا نعيش سنوات طفرة تشهد فيها ميزانية الدولة زيادة كبيرة في إيراداتها بسبب أسعار النفط ونحتاج لسرعة انجاز المشاريع المتعثرة لجهاتنا التي لا ترى ان لديها مشكلة مالية في تأخرها لكونها معتمدة بميزانياتها، فانه من الناحية المالية للدولة ككل يمثل انجاز تلك المشاريع بالوقت الحاضر أهمية كبرى لكون الصرف عليها حالياً من فائض الإيرادات النقدي للنفط وغيره، ولكن مع استمرار بقاء تلك الالتزامات وعدم انجازها سيرفع التكلفة على مؤسسة النقد مع التضخم وانخفاض الأسواق والقوة الشرائية للعملة خصوصا في حال انخفاض السيولة النقدية المتوفرة من النفط وتزامن ذلك مع انجاز تلك المشاريع والحاجة لصرف مستحقات المقاولين عبر اللجوء لتسييل الاستثمارات القديمة المسجلة بقيمها الاسمية كموجودات للمؤسسة، مما يضخم من التكلفة الفعلية على الدولة لكل مشروع متعثر حالياً مع أن بعض عقودها بمبالغ خيالية.