تجربة تاريخية خاضتها الرياضة السعودية عبر اختيار أول رئيس منتخب للاتحاد السعودي لكرة القدم، وكامل أعضائه، في سباق مثير رائع وتنظيم مثالي وتحت نظر مراقبين من الاتحاد الدولي (فيفا)، اختارت الجمعية العمومية أحمد عيد رئيسا وهذا برأيي انتصار للجمعية قبل أن يكون انتصارا للرئيس الفائز، فالرجل الأكاديمي الذي تزخر مسيرة حياته بخدمات رياضية مذ كان لاعبا مميزا خُلقاً وأداءً في النادي الأهلي، وحاميا لعرين المنتخب الوطني في زمن البدايات، وما قدمه لناديه وخبرته العملية مع اتحاد الكرة السابق ولجانه وتوليه رئاسة المجلس المؤقت؛ فضلا عن الحضور المميز في عرض برنامجه الانتخابي بأسلوب يكشف عمقا في التعاطي مع الاحتياجات بغض النظر عن قدرته على تحقيق كل ما وعد به، فحتى المنافس الذي خسر بشرف وحظي بثقة عدد كبير من أعضاء الجمعية قدم برنامجا جيدا وطرح وعودا لا يمكن التسليم بقدرته على بلوغها، غير أنها لعبة الانتخابات التي تظهر فيها الوعود ومحاسبة تنفيذها من عدمه تحدده السنوات الأربع المقبلة، ما يعني أن حاجة المجلس الجديد لالتقاط الأنفاس وترتيب الأوراق بتقديم الأولويات، لا أن يبدأ الهجوم ضد الرئيس الفائز وأعضاء مجلسه بعد دقائق من إعلان النتائج، انتصرت الجمعية العمومية، وبتُّ أثق في جهودها وقيامها بأدوار مهمة تجاه مجلس الاتحاد الجديد الذي ضم 17 عضوا بينهم أكاديمون وشخصيات رياضية مهمة تشعر بتشكيل مجلس إدارة قوي؛ جميع أعضائه فاعلون لينهي حقبة من زمن تواجد أسماء لا قيمة لوجودها في مجالس الاتحادات والأندية، وتزامن اختيار أول رئيس منتخب في تاريخ اتحاد القدم مع أسوأ مرتبة للمنتخب الوطني في تصنيف الاتحاد الدولي الشهري باحتلاله المركز 126، والاتحاد الجديد سيكون عليه عبء كبير في تحديد الآليات المناسبة لتطوير المنتخبات خلال أربع سنوات مقبلة، واتخاذ خطوات مهمة نحو الكفاءات الإدارية التي تقوده، ورغم أن البرنامج الانتخابي تضمن ملفات عدة وعد أحمد عيد بمعالجة العجز المالي وتوسيع مصادر الدخل والشفافية والتطوير التنظيمي وغيرها، فيبقى ملف الفساد والرشاوى اللذين بدآ في الانتشار في أولويات العمل المنتظر، لضمان رياضة تنافسية شريفة، واختيار قيادات ناضجة للجان الحساسة وحمايتها، والعمل على إغلاق ملف التوقفات المتكررة في الدوري السعودي، وتطوير المسابقات، وضمان وصول مستحقات الأندية من النقل التلفزيوني دون تأخير، واختيار أمين عام كفؤ. النجاح منقطع النظير للانتخابات أثبت أن أبناء الرياضة السعودية أنموذج مميز للشعب السعودي القادر على التعامل مع الديموقراطية بنضج والاستسلام لرأي الأغلبية وتواضع الفائز، ومبادرة الخاسر لتهنئة منافسه، لقد كانت صورة جميلة لانتخابات نزيهة وسط مراقبة دولية، وعلى الهواء مباشرة قادت صناديق الاقتراع لفوز من حظي بثقة الجمعية العمومية، وكم هو مؤسف محاولة بعض البرامج الرياضية ك"الملف الأحمر" إقناع المشاهدين بأن الانتخابات مفبركة وأن نتائجها معروفة مسبقا للوقوف مع خالد المعمر، المعمر خسر بشرف وهنأ منافسه بالفوز ونشكره على جهوده، أما أحمد عيد فاختياره تماشى مع رأي معظم الرياضيين المنطقيين؛ لا أصحاب الميول ومقدمي الصداقات على المصلحة العامة!!.