تبدأ يوم الاثنين المقبل في العاصمة البحرينية «المنامة» اجتماعات الدورة 33 للمجلس الأعلى لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، لمدة يومين، حيث تلتئم القمة في ظروف غير عادية، وتحديات شعبية غير مسبوقة؛ أفرزتها تداعيات «الربيع العربي»، والتدخلات الإيرانية في المنطقة، والأزمة السورية، إلى جانب الرغبة الشعبية في تعزيز مظاهر الوحدة الخليجية، و»الدفاع المشترك»، و»التكامل الاقتصادي»، والتنمية البشرية، و»الوعي السياسي» بأهمية الحفاظ على المنجزات. وتنظر القمة في اجتماعها المقبل إلى توصيات اجتماعات الهيئة المعنية بدراسة الانتقال من مرحلة «التعاون» إلى مرحلة «الاتحاد»، وتذليل العقبات، وسرعة الإنجاز، وهو ما يتوقع أن يتضمنه البيان الختامي للقمة؛ حيث لا يزال هذا المقترح الذي أطلقه الملك عبدالله في «قمة الرياض» العام الماضي؛ يأخذ صدى رسمياً وشعبياً لدى أبناء المنطقة. «ندوة الثلاثاء» هذا الأسبوع تناقش التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والثقافية التي تواجه دول الخليج، وذلك تزامناً مع القمة المرتقبة في «المنامة».. تعزيز «الوحدة» والاستقرار و «الدفاع المشترك» والتنمية البشرية وتعزيز «الوعي السياسي» بعد أحداث «الربيع العربي» قمة غير عادية في البداية، أوضح «الشيخ حمود آل خليفة» أن القمة الخليجية الثالثة والثلاثين المقرر إقامتها في المنامة نهاية الشهر الحالي هي قمة عادية من حيث مكانها وموعدها المحددين، إلاّ أنها في الواقع قمة تُعقد في ظروف غير عادية؛ نتيجة ما يحدث حولنا من أحداث إقليمية ودولية؛ ما سيكون لها تأثير في طبيعة القمة بحثاً واستشارة وتوصية وقراراً، ومن ذلك الأزمة السورية، والمفاعل النووي الإيراني، مشيراً إلى أن مملكة البحرين استعدت استعداداً كاملاً لعقد هذه القمة، مذكراً بدعوة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - للانتقال من مرحلة مجلس التعاون الخليجي إلى الإتحاد، مؤكداً أن مملكة البحرين كانت في طليعة الدول الخليجية التي رحبت وأيّدت هذا المقترح، وحظيت تلك الدعوة بموافقة رسمية وشعبية في «البحرين»، متأملاً أن يتحقق هذا الحلم في القريب العاجل، لا سيما أن المنطقة تمر بالعديد من التحديات. د. العقيل: البنية الاجتماعية الخليجية تعاني اختلالاً أثّر في «الهوية» و«الانتماء» مرحلة الاتحاد وأكد «العجاجي» أن القمة الخليجية المقبلة تأتي في ظروف استثنائية، وتمثل امتداداً للعمل المشترك الذي استمر منذ الدورة الأولى سنة (1981م)، ومن المتوقع أن يتم التركيز في القمة القادمة في ما تم الاتفاق عليه في المجلس الأعلى في دورته ال (32) بشأن مقترح خادم الحرمين الشريفين الخاص بقضية التحول من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، حيث تمت الموافقة في ذلك اللقاء على أن تُكوّن هيئة مختصة بهذا الشأن، وهذه الهيئة بدورها رفعت التوصيات إلى المجلس الوزاري المتمثل في وزراء خارجية دول مجلس التعاون بحسبانهم هم الذين يتولون الإعداد لقمة قادة دول المنطقة، ومن المعروف أن هؤلاء القادة دَرجوا على أن يجتمعوا مرتين سنوياً منذ أربعة عشر عاماً، إذ كانوا قبل ذلك يجتمعون كل عام في قمة واحدة بنهاية كل عام ميلادي، إلى أن أصبح هناك اجتماع نصف سنوي تشاوري؛ لوجود حاجة ماسة لقضية التعاون في كل المجالات السياسية والاقتصادية، والاجتماعية والعسكرية. د. المليكي: نحتاج إلى اتحاد يعبّر عن «دبلوماسية» فاعلة في صناعة القرار الدولي تحديات اجتماعية وأكد «د. العقيل» أن التحديات الاجتماعية التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي تدخل في إطار أن هذه الدول تمثّل مجتمعاً واحداً وتاريخاً واحداً ومصيراً واحداً؛ إلاّ أن هناك مجموعة من المدخلات السياسية والاقتصادية والثقافية التي أثّرت في الجانب الاجتماعي، وأهمها اختلالات في البنية الاجتماعية، ومصدرها مدخلات أو مشكلات ربما أوجدناها نحن بسبب التغيّر الاجتماعي، أو التلاقي الحضاري، أو نتيجة دخول بعض الثقافات الأخرى، إضافة إلى البطالة، والفقر، وكثرة العمالة الوافدة، مشيراً إلى أن اختلال البنية يؤدي حتماً إلى فقدان الهوية وضعف الانتماء. قادة الخليج بذلوا كثيراً لشعوبهم وبقي الحفاظ على المنجز ومواصلة المسيرة بمشروعات نوعية تخدم الأجيال المقبلة وقال إن كثيرا من الشباب الخليجي فقدوا هويتهم الثقافية والاجتماعية؛ بسبب وجود مدخلات كثيرة، وقد لا يكون لديهم فقدان كبير ولكن لديهم أسئلة عريضة في أذهانهم، مثل: «من نحن؟»، و»ماذا نريد؟»، و»إلى أين نتجه؟»، و»هل مجتمعنا هو الأحسن والأفضل؟ أم نقارن أنفسنا بمجتمعات أخرى؟»، موضحاً أن أسباب ضعف الانتماء الخليجي متعدد، وأهمها المدخلان الثقافي والفكري، إلى جانب كثرة المدخلات وتضاربها، لا سيما في وسائل التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و»تويتر» وغيرها من وسائل الإعلام الجديد، ذاكراً أن هذه المدخلات إذا لم تؤثّر تأثيراً مباشراً؛ فهي تضع - على أقل تقدير - علامة استفهام؛ خصوصاً إذا لم تكن هناك ردة فعل عكسية لما هو مُدخل، إلى جانب وجود فضائيات غير منضبطة سواءً في الفكر أو السلوك أو الممارسات المختلفة، أو خلق الأكاذيب أو صنع أخبار ملفقة؛ ما يؤدي إلى إيجاد نوع من الاهتزاز في ثقافة المجتمع. «الأمن الفكري» التحدي الأكبر أمام شعوب المنطقة بعد تزايد الاهتمام بمواقع «التواصل الاجتماعي» وحرية التعبير تحديات إعلامية وقال «د. الحمود» إن الحديث عن الإعلام الخليجي الرسمي اليوم مُصاب بشيء من الضمور، حيث إن فكرة الإعلام الرسمي التي كنّا نتحدث عنها لعقود مضت اليوم نجدها تتلاشى، وهذا لا أعده تحدياً، وإنما هي سمة الواقع المتحول اليوم في بيئة الإعلام في المنطقة العربية والخليج بشكل واضح، حيث من الصعب أن نتحدث اليوم عن إعلام رسمي، وآخر غير رسمي؛ معللاً ذلك بالبيئة المتجددة؛ وتحديداً ظهور وبروز مجموعة من البرامج في الإعلام الرسمي التقليدي الذي كنّا نسمّيه في يوم من الأيام رسمياً وهي برامج متمردة على كل الثقافة الرسمية التي تعودنا عليها. الشيخ حمود آل خليفة: قدرنا أن يكون مصيرنا واحد لمواجهة تحديات المنطقة وأضاف أن المؤسسة الرسمية - التي كانت ترعى الإعلام في منطقة الخليج وتمثّلها وزارة الإعلام غالباً - وجدت نفسها مضطرة للدخول في بيئة الإنترنت، وبيئة الشبكات الاجتماعية، وبالتالي نجدها اقتحمت بيئة هي ليست رسمية على الإطلاق، ولكنها بيئة يهيمن عليها غير الرسميين، مبيناً أن الجانب الآخر والمهم هو ذلك الرجل الرسمي الذي يمثّل الإعلام الرسمي سواءً أكان وزير الإعلام أم مدير قناة أم وكالة أنباء أم محرراً أم غيرهم من الوجوه التي كنّا نراها، واليوم لم نعد نرى مثل ما نرى في الإعلام غير الرسمي، وبالتالي نجد أن الشخصية الرسمية الإعلامية تلاشت، وأصبحنا أمام أفراد يخدمون الإعلام الرسمي، ولكنهم يحضرون بشكل أكبر جماهيرياً في الإعلام غير الرسمي، على هذا أرجو من مجلس التعاون أن يأخذ في الحسبان أننا في مرحلة مقبلة تتلاشى فيها الأبعاد الرسمية على الساحة الإعلامية تحديداً. د. الحمود: الجيل الجديد حسم أمره وشكّل ثقافته ولم ينتظر «الإعلام الرسمي» يوجهه تحديات الطاقة وأوضح «د. ابن جمعة» أن لديه دراسات تبحث عن العلاقة بين الاستقرار السياسي والرفاهية الاقتصادية، خصوصاً في دول الخليج مع التركيز في قيمة النفط، وماذا نفعل بالنفط من أجل أن نحقق الرفاهية الاقتصادية لمواطني الخليج؟، مشيداً بمقترح التحول من التعاون إلى الاتحاد؛ ما يدلل على المسؤولية التي يشعر بها قادة هذه الدول تجاه دولهم، حيث الاتحاد أصبح ضرورياً وليس اختياراً فقط؛ إذ إن الاستقرار السياسي إذا لم يتم في دول الخليج؛ فإن جميع طموحاتنا الاقتصادية لن تجدي نفعاً؛ لأن الاستقرار السياسي هو الذي يؤدي إلى الاستثمارات الداخلية في النفط، ويساهم كذلك في تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى دول الخليج ويخفّض عامل المخاطرة في الاستثمارات. د. ابن جمعة: نجحنا في استخراج النفط وبيعه وبقيت «معركة» التعليم والتأهيل للسوق تحديات سياسية وشدّد «د. المليكي» على أهمية تفعيل دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله - إلى الاتحاد بدلاً من التعاون؛ لتحقيق قوة اقتصادية وعسكرية في المنطقة، منوّهاً إلى أن الاتحاد يمنحنا قوة دولية تمكنّنا من بناء علاقات استراتيجية في المجتمع الدولي، إلى جانب أن الاتحاد يمنحنا قوة في صنع القرار، وقوة في التنفيذ، حيث أصبح لدينا ما يُسمّى بدبلوماسية خليجية تؤثر في المستوى الدولي، ويجب أن نحافظ عليها ببنائها وتقويتها، لافتاً إلى أن احتفالات اليوم الوطني لكل دولة خليجية أصبحت تعم الخليج؛ لما يربطنا من علاقات تاريخية واجتماعية. العجاجي: «المجلس» أنجز الكثير اقتصادياً ولا يزال يعاني مشكلات «التشريعية» وقال إن المقومات الرئيسة للاتحاد موجودة لدينا كاللغة والعادات والدين والتقاليد؛ فإذا قارنا ما لدينا من مقومات الوحدة بالاتحاد الأوروبي لوجدنا الفارق كبيراً لصالحنا، حيث يختلفون في اللغة والعادات والتقاليد، ولكن على الرغم من ذلك استطاعوا أن يكوّنوا الاتحاد الأوروبي، وهذا يرجع إلى التطورات السياسية التي تؤدي في نهاية المطاف إلى صنع القرار وعدم التردد في تنفيذ القرارات؛ لأننا وللأسف الشديد نجد معظم قرارات مجلس التعاون بحاجة إلى سرعة تنفيذ. سامي النصف مستشار السفارة البحرينية متوسطاً حضور الندوة منجزات اقتصادية وأوضح «العجاجي» أن المجلس الأعلى وافق في دورته السابقة على قضية اعتماد قواعد موحدة على إدراج الأسهم والصكوك والسندات، إضافة إلى وحدات الصناديق للاسترشاد بها لمدة عامين للعمل بها، متوقعاً أن تكون الخطوات المتعلقة بتكامل الأسواق المالية قد تم الانتهاء منها؛ لأنها تأتي مُكمّلة لما تم إنجازه في مجال الاتحاد النقدي. وقال إن مراحل التكامل الاقتصادي بدأت بإنشاء منطقة التجارة الحرة، ثم انتقلت إلى مرحلة أعلى وهي منطقة الاتحاد الجمركي الذي تم الاتفاق عليه عام (2003م)، ثم اكتمال الخطوات التأسيسية بإقامة منطقة عملة موحدة، حيث تم الاتفاق على الاتحاد النقدي المُتمثّل في النظام الأساسي للمجلس النقدي، حيث دخل حيّز النفاذ، وبدأ العمل في الإعداد والتهيئة؛ لاستكمال كل المراحل التأسيسية للعملة الخليجية الموحدة، مبيناً أنه - بحكم عمله منذ (2004م) في مجال الاتحاد النقدي الخليجي - وجد فجوة بين الإعلام وبين ما تم إنجازه، حيث تم تسليط الضوء على منجزات دون أخرى، وهي أعمال مستمرة وأبرزها التنسيق في السياسة النقدية والمالية المتعلقة بتوحيد المفاهيم والمعايير الاحصائية التي تتوافق مع الدول؛ إذ من الصعب أن توجد عملة موحدة، وسياسية نقدية موحدة وصرف موحد في ظل تضارب بيانات ووجود اختلافات في التعريف والمكونات. المشاركون في الندوة شددوا على سرعة التحول من مرحلة «التعاون» إلى «الاتحاد» «عدسة - محمد السعيد» وأضاف أن ما تم إعلانه في هذا المجال هو الموافقة على إنشاء المركز الاحصائي الخليجي ومقره في «سلطنة عمان» الشقيقة، مبيناً أن اجتماع القمة القادمة يندرج ضمن منظومة متكاملة، حيث إن المجلس الأعلى يجتمع مرتين في السنة، إلى جانب مجلس وزراء الخارجية، ومجلس وزراء المالية، ولجنة محافظي البنوك المركزية، إضافة إلى اللجان العسكرية، ولجان تجارية وإحصائية، حيث سيتم طرح ما تقدمه هذه المجالس واللجان على قادة دول المجلس على الرغم من أننا نمر بظروف استثنائية تُعقد فيها هذه القمة؛ إلاّ أن العمل على تحقيق ما تم الاتفاق عليه مسبقاً سيستمر. المصدر : أمانة مجلس التعاون الخليجي عقبات الطموح! وتداخل الزميل «سالم الغامدي»، قائلاً: «على الرغم من الوحدة الخليجية، إلاّ أنه ما زال أمامنا عقبات تحُول دون تحقيق طموحات الشعوب الخليجية، وأهمها القوة العسكرية، والتكامل الاقتصادي، والدبلوماسية السياسية الموحدة في المواقف والقرارات»، مشيراً إلى أن «الرياض» نشرت مؤخراً خبراً يتعلق بإمكانية تعيين العسكريين المتقاعدين للعمل في أي دولة من دول مجلس التعاون الخليجي، متسائلاً: لماذا نستقدم العمالة الأجنبية من أرجاء العالم وفي جميع التخصصات، وإذا كانت لدينا فائض في تخصصات لماذا لا تتحول إلى دولة خليجية أخرى، مثل شاب سعودي لم يجد وظيفة في السعودية يجد وظيفة في الإمارات أو قطر أو إحدى الدول الخليجية والعكس صحيح؟. وعلّق الشيخ «آل خليفة»، قائلاً:»نحن في البحرين تناولنا أمرين مهمين، هما دعم المسيرة المباركة لتحقيق طموحات أبناء مجلس التعاون الخليجي، وقطع شوط كبير في موضوع العمالة ومعالجة البطالة»، موضحاً أن لكل دولة ظروفها وطبيعة تكوينها واحتياجاتها، مبيناً أن وزراء العمل في دول مجلس التعاون قطعوا شوطاً في هذا الاتجاه بحكم عملهم واختصاصاتهم. وتداخل «د. المليكي» معلقاً على مداخلة الزميل «الغامدي»، مبيناً أن تناول هذا الموضوع يتطلب فهم الهياكل الاقتصادية في دول الخليج، مستشهداً بنظرية اقتصادية تنص على أنه «إذا زاد النمو قلّت البطالة»، بينما نجد علاقة عكسية في دول الخليجي حينما ننمو تزيد لدينا البطالة؛ لأن جميع استثماراتنا تتجه إلى العقار، وكما هو معلوم فإن العقار لا يخلق وظائف، والأسهم كذلك لا تخلق وظائف، بينما المطلوب هو التوجه نحو الصناعة المنتجة التي توظف المواطنين، خاصة الذين لا يرغبون في أعمال عادية في مطاعم أو غيرها، داعياً إلى إنشاء مصانع كُبرى، إلى جانب أن نُفعِّل الاستثمار السياحي؛ لأن السياحة تحتاج إلى كثافة عمالية. تغيّر اجتماعي وعن أسباب التغيّر الاجتماعي في المنطقة وحجم تأثيره؟ أجاب «د. العقيل» أن الأسباب عديدة، وأبرزها اقتصادي وتكنولوجي، حيث نجد أن التغيّر الاقتصادي حدث بعد استخراج البترول وتصديره؛ ما أدى إلى حدوث عدة متغيرات منها الوفرة المالية، وتدفق العمالة الذي أثّر بشكل واضح في المجتمع سواء في البنية الفكرية أو الثقافية، حتى السلوكية والوجدانية؛ لذلك لا يمكن أن نقارن بين أجيال المنطقة في تفكيرهم ورؤاهم وولائهم وانتمائهم؛ بسبب دخول عوامل متعددة أحدثت نوعاً من الاهتزاز والاختلال، وخلقت نوعاً من عدم الثقة فيما لديهم من معطيات ثقافية واجتماعية واقتصادية وغيرها. تأثير الإعلام الجديد وحول تأثير الإعلام الجديد ووسائل التواصل الإجتماعي «تويتر» و»فيس بوك» وغيرها في الوعي السياسي والاجتماعي والاقتصادي لدى المواطن الخليجي؟، ذكر «د. الحمود» أن السؤال لم يعد مطروحاً الآن إلى أي مدى تؤثر الشبكات الإعلامية والاجتماعية أو الإعلام الجديد في التشكّل الذهني لدى الناس، خصوصاً لدى الأجيال الناشئة على مستويات سياسية واجتماعية واقتصادية، مبيناً أننا تجاوزنا هذه المرحلة ونعيش فترة ما بعد التشكّل الذهني الجديد لدى الناس، وبالتالي فإن أي نشاط اليوم على مستوى الدول والأفراد أو المنظمات أو الجامعات، أو على مستوى الدراسات والبحوث الصغيرة لا يدرس هذا التشكّل؛ يجد نفسه في القرن الخامس عشر، ذاكراً أننا اليوم تشكّلنا ثقافياً بطريقة مختلفة تماماً، والجيل الجديد اليوم يعي كثيراً ما يحدث من هذه الأشياء. وقال إن التحدي الذي يجب أن نواجهه اليوم هو أن لدينا جيلاً خليجياً تشكّل وانتهى، فكيف نواجهه؟ وكيف نتعامل معه؟، والإجابة عن ذلك تشتمل على ضرورة أن نؤمن بهذا التشكّل ونعترف به، وعلى المؤسسات الرسمية التقليدية أن تؤمن بهذا وتعترف بالتشكّل، إلى جانب أن نؤمن بحق هذا الجيل في صنع ثقافته وذهنيته كما يشاء بأدواته «تويتر»، و»فيس بوك»، وثالثاً وهو الأهم بالنسبة للقمة القادمة هو أن نؤمن بتداعيات المنطقة وأحداثها في إطار هذا التشكّل. وأضاف: «كنت أتصفّح «النت» لفت نظري القضية السورية، بينما القضية الإيرانية أصبحت من الأمور المتعارف عليها، في حين أن القضية السورية بأبعادها الإنسانية والسياسية والاجتماعية والسيادية، وما سيتمخض عنه المستقبل خلال الأشهر القادمة، لهذا أرى أن القمة القادمة يجب أن تعرف انعكاسات هذه القضية تحديداً على الكيانات الخليجية، وعلى ذهنية الشباب، فعلى سبيل المثال هناك عاطفة جياشة تجاه الشعب السوري، وما يتعرض له من انتهاكات وقتل وإهدار دماء وتشريد، حيث كل هذه الصور والأحداث نجدها في (تويتر) و(فيس بوك)، فإلى أي مدى ستؤثر هذه الأحداث في الجيل الخليجي؟، وما الضمانات التي تقدمها دول المجلس لهذا الجيل الناشئ الذي يرى جيرانه السوريين مشردين على الحدود؟ فهذا أمر مذهل ومخيف، يستدعي القادة في قمتهم القادمة أن يتحدثوا بكل جرأة وشفافية عن انعكاسات التشكّل الجديد لذهنية الجيل الحالي، وما يترتب عليه من تأثير في الجيل المقبل الذي سيقود الحراك الاجتماعي في دول المجلس. ش وعي سياسي وعن الوعي السياسي وتعزيز المشاركة السياسية بين أبناء شعوب المنطقة؟، أجاب «د. المليكي»، قائلاً: «حينما تريدني أن أشارك سياسياً يجب أن أتفق معك في الولاء والانتماء لا في المشاركة؛ لأنه عندما تدخل الفتنة في العمليات السياسية فليس هناك ولاء ولا انتماء للمواطن الخليجي لأي قرارات، مبيناً أن الشيء المؤسف أننا حينما نأتي للحديث عن مجلس التعاون نُطلق حملات إعلانية وإعلامية، ولكن عندما ننظر إلى النتيجة النهائية لا نجد شيئاً، وبعض القرارات لا تجد طريقها للتنفيذ - على حد قوله - لافتاً إلى أن المشاركة السياسية حق من حقوق المجتمع في حدود ما يخدم المجتمع، وليس مقتصراً على إقامة علاقات دبلوماسية مع دولة ما، أو استقبال سفير من السفراء، وإنما المطلوب هو اتخاذ قرارات تكون لها تأثيرات اقتصادية واجتماعية وأمنية، وعسكرية، إذ من المستحيل أن تدور عجلة الاقتصاد من دون أمن واستقرار، موضحاً أن اليهود في أمريكا يسيطرون على ثلاثة أمور هي «علم النفس»، و»الإعلام»، و»الاقتصاد»، حيث يستخدمون الاقتصاد لدعم الإعلام ورسائله المؤثرة نفسياً. الاتفاقية الاقتصادية وحول إمكانية تجاوز دول المجلس تحديات البطالة والعمالة والفقر والتضخم، والتقليل منها على المدى القصير أو البعيد، أوضح «العجاجي» أن الاتفاقية الاقتصادية موقعة منذ زمن طويل عام (1981م)، ووقعت أخرى مماثلة خلال الدورة ال (22) من قبل المجلس الأعلى، وهذه الاتفاقية الحديثة نقلت العمل المشترك من مرحلة التنسيق إلى مرحلة التكامل، وتشمل عدة جوانب مثل الموارد البشرية، والتعليم، ومحو الأمية، إلى جانب تفعيل الاستراتيجية السكانية، وتوطين القوى العاملة وتدريبها وزيادة نسبة مساهمتها في سوق العمل. وأضاف أن في كثير من الحالات نجد العمل المشترك يكون مستمراً ولا يتم ملاحظته في شكله النهائي حتى يخرج بشكل مكتمل، كالعملة الموحدة على سبيل المثال، حيث العمل في هذا الجانب كبير، وجنت الدول الخليجية فوائداً كبيرة من العمل المشترك، وتبقت مسألة إصدار العملة (مثل الكرز التي توضع أعلى الكعكة)، وهذا ما يركّز فيه الإعلاميون ولكن قبل هذه النتيجة وجد تناغم وانسجام، ومثال آخر يبرز في نظام المدفوعات الذي يجعل المنطقة واحدة، إذ ليس من الممكن تحقيق اتحاد نقدي من دون نظام مدفوعات موحد، ولا يمكن أن نصل إلى مرحلة مرتفعة في نظام التكامل قبل تحقيق نظام مدفوعات موحد؛ لأن هذا الجانب الفني سهل جداً معالجته، ولكن العقبات التي تواجه المجلس هي علاج المشكلات التشريعية؛ لكونها صعبة ومعقدة ومتداخلة، فعندما تعالج جزء يفتح المجال أمام إجراءات أخرى. استثمارات خليجية وتساءل الزميل «نايف الوعيل» عن إمكانية إنشاء صناديق خليجية للاستثمارات الآمنة وإيجاد صندوق خليجي واحد؟. وأجاب «د. ابن جمعة»، قائلاً: «الشيء المؤسف أنه عندما تهب الرياح العاتية نسعى للاجتماعات، ولكن سرعان ما تهدأ هذه الرياح ويتم تناسي القضية نهائياً!، وهذه المشكلة في اعتقادي ليست مشكلة الخليجيين وحدهم، بل جميع الدول العربية، لذا نجد أن الأمور أصبحت تتجه إلى معدل كبير من المخاطرة، والمطلوب في أول الأمر معالجة هذه القضية، حيث يجب أن نوحد العملة الخليجية؛ لأن هذا الدولار الأمريكي للأسف تسبب بشكل مباشر في التقليل من عملاتنا». وقال «العجاجي» إن إجراءات توحيد قواعد الصناديق أُقرت من المجلس الأعلى في القمة الماضية، ولكن يبدو أنه من الصعب وضع صندوق واحد، وإنما يأخذ طابع القطاع الخاص الذي يعمل على تحديد المخاطر والفرص المتاحة بعيداً عن القرارات السياسية. سيادة الدول وأكد «د. أحمد الجميعة» أن هاجس المساس بالسيادة لكل دولة خليجية هو من أهم التحديات والعقبات التي تواجه كثيرا من المشروعات التي تتأملها وتتطلع إليها الشعوب الخليجية، مثل المحكمة الاقتصادية، والتشريعات التي ترتبط بالاتحاد النقدي، والصناديق الاستثمارية. وعلّق الشيخ «آل خليفة» على ما ذكره «د. الجميعة»، قائلاً: لا أعتقد أن أي عمل مشترك سيكون له تأثير في سياسة كل دولة خليجية، وعندما طُرح موضوع الاتحاد تمت مراعاة سيادة كل دولة، والوحدة الأوروبية هي أقرب مثال، ويمكن أن نقتدي بها في هذه القضية؛ على الرغم من أنه لا تتوافر لديهم مقومات الوحدة كما هو متوافر عندنا، فنحن إذن أولى بهذه الوحدة من غيرنا من الدول، لا سيما أن هذه الوحدة لم تؤثر في سيادة أي دولة من الدول الأوروبية، ولا ننسى أن النظام الأساسي في مجلس التعاون ينص على أن التكامل والترابط يوصلنا إلى الوحدة، وهي من أهم أهداف هذا المجلس منذ إنشائه. وأكد «العجاجي» في مداخلته أن أصحاب الجلالة والسمو لديهم إطلاع بما يدور في مجلس التعاون الخليجي، خصوصا ما يتعلق بالأمور السيادية التي لا ينبغي التنازل عنها، مبيناً أن هناك إعدادا وعملا فنيا كبيرا يسبق كل قرار يصدر من قبلهم ولا توجد ارتجالية في مثل هذه الأمور. دمج ثقافي وعلّق «د. العقيل» على ما ذكره «د. ابن جمعة» حول أن أساس الوحدة الخليجية هو الاقتصاد، وما أشار إليه «د. الحمود» من أن الجيل القادم هو من سيبني مستقبله، وقال: كيف يبني الجيل مستقبله، وعلى أي أساس، حيث المخزون التاريخي لدينا هو أساس بناء مستقبلنا؛ وإذا قطعنا صلتنا به، يعني ذلك أن نبحث من جديد عن قاعدة أخرى ننطلق منها، داعياً أعضاء مجلس التعاون أن يسعوا إلى الدمج الثقافي بشكل واضح؛ حتى يتحقق التكامل بشكل أفضل. وردّ «د. ابن جمعة» على ما ذكره «د. العقيل»، قائلاً: منذ قرون ونحن نتكلم عن تاريخ آبائنا وأجدادنا وللأسف لم نفعل شيئاً، والوقت الحالي هو عصر تقنية وتعليم متطور؛ لذا نحن مطالبون أن نركّز في التنمية البشرية بالتعليم والتثقيف والتدريب؛ وإلاّ فلن نفلح، فضلاً عن أننا أصبحنا متأخرين عن كثير من الدول في عدة مجالات، ونجحنا في استخراج النفط وبيعه، ومعظم ما نراه في دول مجلس التعاون الخليجي عبارة عن إجراءات فقط، ذاكراً أن مستقبل الأمور الاقتصادية مجهول الرؤية، والشأن السياسي غير واضح المعالم، فضلاً عن أن التهديدات والتحديات كبيرة. وأكد الشيخ «آل خليفة» أن «البحرين» لديها تجربة ناجحة في التنمية البشرية، مهنئاً المملكة حكومة وشعباً؛ على ما تضمه من صروح علمية، إلى جانب برنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي، حيث ستكون مخرجاته تصب في مصلحة التنمية البشرية التي ستخلق نقلة حضارية مهمة، مستشهداً بإجابة خبير عن كيفية استثمار الإيرادات النفطية بشكل يضمن مستقبل أبنائنا، فكانت إجابته الاستثمار بالتعليم؛ لكونه يمنحنا عنصراً بشرياً يجيب عن جميع التساؤلات. وتداخل «العجاجي» ذاكراً أن اتجاهنا للاتحاد هو خيار استراتييجي وليس هروباً من أي خطر، ويجب أن نفهم أن هذه خطوة مهمة وتعمل من أجلها الدول منذ سنوات حتى يتحقق التكامل المنشود. وعلّق «د. الحمود» على ما ذكره «د. العقيل» حول وجهة نظره حيال بناء مستقبل الجيل الجديد، وقال: أنا لم أشر إلى أن نترك الجيل يبني مستقبلة بنفسه بل العكس من ذلك الجيل الحالي تركنا وبنى مستقبله، وإذا استطعنا أن نقنع هذا الجيل بما لدينا يمكننا المنافسة في سوق رائج بالمعلومات والتواصل؛ وبالتالي نحقق مكانة لدى اهتمامات هذا الجيل. وحدة مصير وأكد الشيخ «آل خليفة» مبيناً أن دول مجلس التعاون حققت كثيرا خلال الأعوام الماضية، ولكن ربما يكون مستوى ما تحقق لا يوازي الطموحات، مشدداً على أن القيادات الخليجية حريصة على ترسيخ العمل المشترك، ولا يمكن الرجوع عنه مهما تكالبت التحديات، مبيناً أن عملية الوحدة عملية حتمية وهو أمر يدخل في إطار قدرنا، و- إن شاء الله - سيتحقق ما نريد وسنعيش هذا الفرح؛ بشرط أن نكون يداً واحدة، بمعنى أن الذي يؤثر فيّ، يؤثر بالتالي فيك، والعكس صحيح. تأخير «حلم الاتحاد» لا يخدم أحداً..! قال الشيخ "حمود آل خليفة": اعتباري مواطناً خليجياً انظر باعتزاز وتقدير لمكتسبات دول المجلس، فإذا استطعنا أن ننشئ السوق الخليجي، وأن نحقق الاتحاد الجمركي والربط الكهربائي ونؤسس لإيجاد وحدة نقدية؛ إذن نحن سنصل إلى مبتغانا بشكل تلقائي، ولكن أمامنا تحديات كثيرة أدت إلى تأجيل تنفيذ بعض القرارات، ولكن الشيء الذي لا نختلف فيه هو أننا شعب واحد ومتجانس بشكل يكاد يكون فريداً وغير موجود مثله في هذا العالم، وتتوفر لدينا كل المواصفات التي تجعلنا عائلة واحدة. وأضاف لقد ظهرت جلياً حقيقة هذا الانتماء والأخوة والترابط الاجتماعي خلال أزمة دولة الكويت حينما حشد الخليجيون قوّاتهم وضحّوا بكل شيء من أجل نصرة اخوانهم، وكذلك عندما تعرضت مملكة البحرين لأزمة تدخّل الخليجيون فوراً، فكل تلك المواقف أثبتت أننا أسرة واحدة، لذا فإن التحديات تجعلنا نُعجّل ونُسرّع في الخطوات من أجل الوصول إلى الهدف". وأشار إلى أن أهم التحديات هو كيف نحافظ على مكتسباتنا التي حققناها؛ وذلك لا يتم إلاّ عندما نسعى إلى حماية أنفسنا بالوحدة؛ لأن الاتحاد قوة أمام التهديد النووي الإيراني، لاسيما في ظل التدخل الإيراني المباشر في شؤون دول المجلس، والأوضاع في سوريا وتأثيرها على المنطقة، فضلاً عن الأوضاع في دول الربيع العربي وما يترتب عليها من أمور، منوّهاً أننا نمر بوضع يُحتم علينا تحقيق الاتحاد، خاصةً أن دعوة خادم الحرمين الشريفين جاءت من قائدٌ فذ له رؤية ثاقبة، ووضع النقاط على الحروف، ونحن بلا شك نؤيده في اقتراحه، ويجب أن نسعى جميعاً لتحقيق هذا المقترح والانتقال إلى المرحلة التالية من العمل الخليجي، مبيناً أن خادم الحرمين الشريفين يعلم أهمية الانتقال إلى المرحلة المقبلة، حيث استطعنا أن نُحقق رؤيته، وأوجدنا العوامل المشتركة التي تُسهم في وضع الهيكل الحقيقي للإتحاد؛ لأنه في الأساس تنظيم يجب أن تتوافر فيه جميع المواصفات التي تجعل منه اتحاداً متكاملاً، مشدداً على أن كل العوامل التي تدعونا للاتحاد موجودة لدينا في دول مجلس التعاون، وكل تأخير ليس من صالح أهل المنطقة، حيث يكفينا ما نحن فيه من تحديات تُحتم علينا أن نكون جسداً واحداً، ذاكراً أن الاتحاد مطلب شعبي، مُرحّباً بالقيادات الخليجية في البحرين، متأملاً أن يكون اجتماعهم القادم مميزاً يدفع إلى الهدف المنشود وهو الإتحاد. كل دولة تتخصص صناعياً ولا ننافس بعضنا اقتصادياً قال "د.فهد بن جمعة" إن جميع دول الخليج تنتج النفط، وتمثّل أكثر من (65٪) من احتياطي الأوبك، وتعادل (40٪) من الإنتاج العالمي، وهذا الإنتاج يواجه أخطاراً من حيث النقل؛ ولهذا فإن على دول مجلس التعاون أن تضع استراتيجية موحدة تساعد في كيفية استثمار النفط، واستثمار البتروكيماويات، بحيث نكون في اتجاه واحد، دون أن ننافس بعضنا بعضاً، إلى جانب أن نعمل على تحويل صناعة النفط إلى منتجات تؤدي إلى ارتفاع قيمته النهائية، وبالتالي نصبح دولاً صناعية؛ إذ إن عدم توجه هذه الدول إلى التصنيع أوجد لدينا بطالة، وإذا نظرنا إلى العوامل التي تحدد أسعار النفط ومستقبله، مثل العملة وما يصاحبها من استقرار سياسي، وكمية الإنتاج والاستثمار والإمكانات؛ فكلها تحتاج إلى رؤية استراتيجية تساعد على استغلال المميزات النسبية ما بين دول مجلس التعاون. وأضاف أنه لا يختلف اثنان على أن دول الخليج هي مركز النفط والغاز ولكن كيف تنظر إلى المستقبل؟ فهل باستطاعتنا استثمار هذه الثروة وبالتالي تحقيق الرفاهية الاقتصادية لشعوبنا؟، وهل تستطيع إيجاد بدائل أخرى على اعتبار أن النفط ثروة غير متجددة وغير دائمة؟، وما البدائل الأخرى التي تساعدنا في توحيد استثماراتنا؟، فإذا كانت الطاقة الشمسية فلتكن، وإذا كانت الطاقة الذرية فلا مانع.. المهم في هذا الجانب هو كيف نُركز استثماراتنا بشكل فعّال حتى لا نخسر إجمالي الناتج الخليجي بسبب تفرق الاستراتيجية الاقتصادية، مما يزيد من ضرورة الاتحاد، داعياً إلى تكامل في المجال الصناعي، مذكراً بأن السعودية في الثمانينات من القرن الماضي انتهجت أسلوب واستراتيجية احلال الواردات، إلاّ أنها لم تنجح؛ وذلك لعدة أسباب أبرزها ارتفاع معدلات الأجور، مقارنة بدول مثل الصين، وبعض دول شرق آسيا، إضافة إلى انخفاض تكاليف المواد الخام، أما في الوقت الحالي فهناك ارتفاع ملحوظ في المواد الخام، حيث توجد تحديات كبيرة تواجه الدول المنافسة في المجال الصناعي، فضلاً عن ارتفاع في أجور الدول المنافسة، مقابل انخفاض نسبي في معدلات الأجور في السعودية. وأشار إلى أن دول مجلس التعاون عليها أن تفكر في انتهاج استراتيجية تصنيعية ترتكز على التعاون؛ لأنها تعتمد على سوق أكبر، فمثلاً تستطيع مملكة البحرين أن تتخصص في صناعة معينة وتكون أسواق الخليج مفتوحة لها، وكذلك الحال بالنسبة لبقية الدول الخليجية، حيث إن مثل هذا التوجه يسهم في معالجة عدة قضايا أهمها خلق فرص وظيفية بأجور مجزية لجميع الخليجيين بمختلف قدراتهم، وبالتالي علاج التراكمات التي خلقها تدفق العمالة الأجنبية. الاتحاد الخليجي من دون ديمقراطية..! طرح الزميل "جمال القحطاني" سؤالاً حول عقبات الاتحاد الخليجي، وأجاب الشيخ "آل خليفة"، قائلاً: "وجد مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز؛ بتحويل مجلس التعاون إلى اتحاد ترحيباً واسعاً من جميع فئات المجتمع الخليجي، وهو ما يؤكد أهمية الاتحاد بالنسبة لدول المنطقة، وعلى هذا شُكّلت لجنة مختصة لوضع تصورات وتقديم مرئيات حول هذا الموضوع، ورفعت تقريرها للاجتماع الوزاري الأخير، وبناءً على ذلك تُرك الأمر لمناقشته من قبل أصحاب الجلالة والسمو في قمتهم الاستثنائية القادمة في مملكة البحرين، ولا يمكن أن أتحدث عن أمور تفصيلية في هذا الشأن؛ لأنني لم أطلع عليها ولست بمتحدث رسمي باسم اللجنة. وعلّق "د.ابن جمعة": يجب أن نكون صريحين؛ فلم ولن يكون هناك اتحاد مبني على العاطفة التي تعتمد على اعتبارات خاصة، وإنما الاتحاد تحتمه المصلحة المشتركة بين دولن الخليج، والمصلحة الاقتصادية هي أساس الاتحاد التي بدورها تجنّبنا الخطر القادم؛ لأن في الاتحاد قوة وترابطا، أما العوامل الأخرى كالتقاليد والأخوة، والعادات فهذه عوامل تصب في جانب المقومات ولكن المهم هو العامل الاقتصادي الكبير الذي يوحد هذه الدول. وتداخل "د.المليكي"، قائلاً:"هناك مؤثرات وفتن ومتغيرات سياسية خصوصاً من دول الجوار تسعى إلى غسل عقول الخليجيين في إطار البحث عن الحرية والديمقراطية، مبيناً أنه يرى أن الديمقراطية لا تصلح في الدول العربية، وبالتالي لا تصلح أن تكون حلاً لمواجهة التحديات التي تواجه دول الخليج، مشيراً إلى أن ما نحتاج إليه هو الإصلاح، داعياً مجلس التعاون أن يُعرِّفوا الجيل الجديد معنى دول مجلس التعاون؛ نظراً لأن الحملات الإعلامية في هذا الجانب ضعيفة، وتحتاج إلى تقوية الجانب الإعلامي؛ بما يساعد على توصيل رسائل مقنعة لهذا الجيل الشاب. ثلاثة تحديات إعلامية:الرؤية والمحتوى والولاء قال "د.عبدالله الحمود" إن الإعلام الخليجي يواجه تحدياً كبيراً على مستوى الرؤية والفكرة، فإذ كنا في السابق في دول مجلس التعاون نمتلك ست رؤى؛ فإننا اليوم نمتلك أكثر من ست آلاف رؤية، بل ست ملايين رؤية، على اعتبار أن كل مواطن لديه رؤية، مشيراً إلى أن الأجدر هو من يستطيع أن يقنع برؤيته عدد أكبر من المتابعين من القراء أو غيرهم، وبالتالي لم يعد لنا في مجلس التعاون رؤية يمكن أن نتحدث عنها، حيث أصبحنا أمام سؤال مهم عن ماهية الرؤية التي نريدها في المجلس على المستويين الإعلامي والاتصالي: هل هي رؤية الناس؟، أم رؤية الجيل الجديد؟، أم رؤية المؤسسة التقليدية الثقيلة المخضرمة؟، مبيناً أن هذه أمور جدلية إذا لم نواجه العمل الإعلامي بشفافية؛ ستكون هذه أحد التحديات التي يجب أن يُعنى بها في الاجتماع القادم؛ لأن هذا الأمر سيؤثر حتماً على ما سيأتي من تحديات. وأضاف:"إذا فقدنا الرؤية فمن المؤكد أننا نواجه تحدياً في المحتوى، وبالتالي فإن المضمون الذي كانت دول الخليج تقدمه في وسائل الإعلام وتضمن أنه يصل إلى الجماهير بأي مستوى أنه بدأ يتلاشى شيئاً فشيئاً، بل أؤكد أنه أصبح ليس له قيمة في ظل منافسة شرسة جداً مع مضمون ينتجه المواطن، وعلى هذا فإن المضمون الذي كانت المؤسسة الرسمية تتشرف به في أي مستوى من المستويات لم يعد له أي قيمة، إلاّ أنه يمر مروراً عابراً في كم كبير من المضامين التي لا تنتجها المؤسسة الرسمية، وبالتالي أعتقد ان المضمون الرسمي يتضاءل كثيراً في التعامل مع هذه التحديات". وأشار إلى إننا إذا فقدنا الرؤية وجزءا كبيرا من المضمون سنصل إلى القطب الثالث من التحديات وهو تحدي الولاء والمناهضة، فمن الإعلام السابق التقليدي كنّا نعرف من نوالي، وكيف نوالي، ومن نناهض، وكيف نناهض، وكانت الرسائل الإعلامية الخليجية واضحة جداً -مع وضد-، وكانت الرسالة مستقلة؛ إن والينا، أو إن ناهضنا، بينما اليوم ما بقي من الإعلام الرسمي وغير الرسمي -من وإلى- سوى ولاء مُسف لا يتسق مع المرحلة، وهو ولاء ممجوج، أو ولاء لفكرة مرفوضة اجتماعياً ومرفوضة إعلامياً وجماهيرياً -على حد قوله-، وإن ناهضنا فنحن مع الأسف نقترب من أن نفجر في الخصومة، ضد طرف، أو في طرف ضد طرف آخر؛ مما يشكّل قلقاً في مستقبل العلاقة بين كيانات المنطقة، وبالتالي هذه البيئة أوجدت تحدياً كبيراً يقودنا إلى البحث عن إجابة سؤال إلى أين تقودنا هذه التحديات؟، وما مستقبل العمل الإعلامي الخليجي؟؛ لهذا أعتقد أن القمة القادمة إذا ما واجهت مثل هذه التحديات ربما تقدم للجمهور الذي ينتظر من هذه الاجتماعات أشياء مهمة وفعالة تُقدم له بعضاً من الحلول. المشاركون في الندوة الشيخ حمود آل خليفة سفير مملكة البحرين لدى المملكة أ. د. سليمان العقيل أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود أ. د. عبدالله الحمود أستاذ الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية د. فهد بن جمعة عضو جمعية اقتصاديات الطاقة الدولية د. فهد المليكي عضو هيئة التدريس بمعهد الدراسات الدبلوماسية فادي العجاجي مستشار اقتصادي