سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خادم الحرمين الشريفين يؤسس لمستقبل دول مجلس التعاون الخليجي للتحول من التعاون إلى الاتحاد المتغيرات الإقليمية والدولية فرضت رؤية خادم الحرمين نحو التحول السريع للتنمية
أحمد عماد المفوز - القسم السياسي - الجزيرة: استشعر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- أهمية التحول من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد ووضع -أيده الله- رؤيته لمستقبل دول مجلس التعاون الخليجي عندما قال: «تعلمون بأننا مستهدفون في أمننا واستقرارنا، لذلك علينا ان نكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقنا تجاه ديننا وأوطاننا») هكذا قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله في كلمته لافتتاح القمة الخليجية الأخيرة التي عقدت في مدينة الرياض مؤخرا، وفيها دعا إلى تطوير التعاون الخليجي ليكون اتحادا خليجياً، والحقيقة ان ما أشار اليه خادم الحرمين - حفظه الله - بقوله (ومنذ سنوات كل مواطن محب لوطنه ومشفق على الشعب الخليجي الواحد من التحديات الاقليمية، والسياسية والاقتصادية والاجتماعية) حيث جاء الترحيب الفوري بدعوة خادم الحرمين الشريفين للاتحاد من قبل جميع قادة دول الخليج ومواطنيها. وتوج هذا التوجه من قبل خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - بصدور قرار القمة في هذا الاتجاه وكلفت اللجان المختصة لدراسة آليات الوصول إلى تطبيق هذا الاتحاد. على أرض الواقع بهدف جني ثمار هذا التعاون الخليجي الذي استمر زمناً طويلاً حيث اتفق قادة دول مجلس التعاون الخليجي على تشكيل هيئة متخصصة على مستوى عال بواقع ثلاثة أعضاء عن كل دولة توكل إليها دراسة المقترحات من جميع جوانبها، على ضوء الآراء التي تم تبادلها بين القادة، وتقدم الهيئة تقريراً أولياً إلى المجلس الوزاري في دورته الأولى لعام 2012 لرفعها إلى قادة دول مجلس التعاون، على أن ترفع الهيئة توصياتها النهائية إلى اللقاء التشاوري القادم.. لا شك أن مرحلة عربية جديدة في صدد التشكل قد يقرؤها البعض في توجه دول الخليج إلى الاتحاد بهذا الإعلان التاريخي، فقد جاءت دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خلال اجتماعات الدورة ال32 لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في الرياض، للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، لتدشن بداية مرحلة تاريخية مهمة في مسيرة العمل المشترك بين دول المجلس. هذه الدعوة جاءت منسجمة مع بشارات أخرى صدرت عن القمة تضمنها في «إعلان الرياض» الذي أتى يحمل بين طياته حزمة من القرارات والتوصيات المهمة، في مقدمتها تسريع مسيرة التطوير والإصلاح الشامل، والحفاظ على الأمن والاستقرار، وتماسك النسيج الوطني والرفاهية الاجتماعية، وتحصين الجبهة الداخلية، وترسيخ الوحدة الوطنية، والتصدي للمحاولات الخارجية وتطوير التعاون الدفاعي والأمني. مبررات التحول إلى اتحاد فرضت المتغيرات الإقليمية والدولية الجديدة التي طرأت على بعض الدول العربية، واقعاً جديداً على منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، مما جعلها تنتقل إلى مرحلة نوعية جديدة من العمل تمثل في الدور الإقليمي السياسي الذي أخذت تضطلع به، بعد أن كان دورها منحصراً في ترتيب البيت الداخلي، ذلك لأن هذه المتغيرات والأحداث التي طرأت على العالم العربي كان لها انعكاساتها على الوضع في بعض دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى مطامع الإيرانية المتكررة من خلال احتلالها لجزر الإماراتية الثلاث وتدخلاتها السافرة في الأحداث الذي حصلت في مملكة البحرين ودورها في إشعال الفتن الطائفية التي حدثت في دولة الكويت هذا المشهد السياسي فرض ضرورة قيام دول مجلس التعاون بدور لا يحتمل التأجيل، وهو الدور الإقليمي السياسي الذي ما زالت إرهاصاته باقية إلى اليوم، وهو الذي جعل الدبلوماسية الخليجية تنجح في حلحلة الوضع في بعض القضايا أثبتت من خلالها ظهور منظومة مجلس التعاون الخليجي كقوة لا يستهان بها، مثال على ذلك ما حدث في اليمن، حيث استطاعت هذه الدول الوصول إلى حل توافقي بين الحكومة والمعارضة، والانتقال السلمي للسلطة. لم تعد منظومة دول مجلس التعاون هي تلك المنظومة من الدول التي تدفع وتمول، إنما أصبحت منظومة سياسية تؤخذ في عين الاعتبار من قبل العالم، ولذلك جاءت دعوة الملك عبد الله بن عبد العزيز في الجلسة الافتتاحية لاجتماع مجلس التعاون الخليجي بالرياض لفكرة الاتحاد الخليجي، لكي تعبر عن هذا الدور الجديد، وأصبحت هذه الفكرة قضية حتمية ومطلباً شعبياً خليجياً لا يحتمل التأجيل ولا بديل عنه، خاصة في ظل تزايد الصراع في المنطقة واتضاح نوايا بعض دول الجوار وإذا كان هذا الإدراك جاء متأخراً، فإنه يجب ألا يمنع المضي في تطبيقه، حيث أصبحت فكرة الاتحاد الخليجي ضرورة حتمية، ومن الضروريات التي تجعل فكرة هذا الاتحاد الخليجي أمراً حتمياً لا مفر منه، هو أن دول العالم لم يعد يهمها إلا ما يحقق مصالحها، وهذا ما عبّر عنه قائد شرطة دبي، ضاحي خلفان، في مؤتمر الأمن الخليجي الذي عقد في البحرين، عندما قال: «إن من جملة التهديدات التي تواجه أمن مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الأطماع الإيرانية في الخليج، تأجيج النزاعات والخلافات الطائفية، عدم تجريم أفعال الكراهية، عدم سيادة القانون، الفساد المالي والإداري، عدم وجود ضمان اجتماعي، ضعف الانتماء الوطني، وفقدان الولاء». كما أكد خلفان أن «الاتحاد لدول الخليج العربي غاية في الأهمية»، كما أن «السنوات الخمس المقبلة، ربما تكون سنوات (مخاض) على مستوى الأمن الخليجي من الناحية السياسية». دعوة الاتحاد تجد أصداء واسعة في العالم وجدت الدعوة الحكيمة للاتحاد، أصداء واسعة في العالمين (العربي - الإسلامي والغربي) على المستويين الرسمي والشعبي، وتناقلت وسائط الاتصال ودوريات النشر الخبر لما يمثله من ثقل تجلى في جلال «الدعوة» و»الداعي لها» و»المدعوين إليها» بكل ما يمثلونه من آمال وطموحات لشعوب وأمة ظلت تترقب أنوار الفجر وبيارق الأمل وثابة نحو المجد، فجاء في البيان الختامي (وإذ يواكبون تطلعات شعوبهم نحو تسريع وتيرة العمل المشترك وترسيخ مفهوم الهوية العربية والإسلامية لدول مجلس التعاون وتحقيق المزيد من الترابط والوحدة والمنعة والرفاهة، وإذ يعلنون تصميمهم على تعزيز وتوثيق دور مواطني دول المجلس في سبيل تحقيق مستقبل مشرق يلبي طموحات الأجيال الصاعدة وينمي طاقاتهم وقدراتهم الإبداعية) وذلك عبر (تبني مبادرة خادم الحرمين الشريفين لتجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد لتشكل دول المجلس كياناً واحداً يحقق الخير ويدفع الشر استجابة لتطلعات مواطني دول المجلس ومواجهة التحديات التي تواجهها) كما جاء في نص البيان. وعلى الفور جاءت ردة الفعل الشعبية متجاوبة مع الدعوة التاريخية فكان تفاعل الشارع العربي الخليجي وغير الخليجي بما يشبه الانبهار لهذه اللحظة غير المسبوقة في تاريخ المنطقة، حيث صرحت السيدة شيخة الجفيري «أول برلمانية منتخبة في المجلس البلدي القطري» (الدعوة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين بالانتقال من التعاون إلى مرحلة الاتحاد، مقترح استراتيجي، لافتة إلى أن منظومة مجلس التعاون حققت نجاحا كبيرا في السنوات الماضية)، إلى ذلك علق البرلماني الكويتي د.عادل المهيد على الدعوة بقوله (ستسهم في تفعيل دور مجلس التعاون الخليجي ودوله الأعضاء في السياسة الدولية مشيرا إلى ضرورة مد جسور التعاون على أعلى المستويات وفي شتى المجالات لتحقيق هذه الدعوة الحكيمة). إلى ذلك، ذكرت د. بهية حبشي نائب رئيس مجلس الشوري البحريني (إن إنشاء الاتحاد الخليجي حلم غال يراودنا جميعا، متمنية أن يتحقق على أرض الواقع بصورة مؤسساتية على أكمل وجه)، كما أضافت د. سميرة أمين عضو مجلس الشورى في سلطنة عمان (أن الدعوة تأتي تتويجا للخطوات والجهود التي بذلت في العمل الخليجي المشترك للوصول لصيغة الاتحاد)، وفي مصر قال د. حمدي عبدالعظيم الخبير الاقتصادي ورئيس أكاديمية السادات سابقاً (إنها دعوة في غاية الأهمية لأنها تعد نوعا من أنواع التطوير والنهوض للأمام والتقدم والتعاون الخليجي)، أما السفير جمال بيومي رئيس برنامج دعم المشاركة العربية الأوروبية، فيقول: (إن هذه مبادرة جيدة ويجب تشجيعها، وننتظر ذلك من الإخوة العرب خاصة إذا كان جزءا من العالم العربي يستطيع أن يخطو مثل هذه الخطوات المهمة فلابد وأن يكون قادراً على ذلك). لقد أصبحت المملكة بفضل الله وجهود أبنائها تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين ليست فقط قبلة العالمين ومأوى الأفئدة كما كانت في كل عصر، بل أيضاً بلاد جاذبة في كل النواحي لرجال الأعمال والمستثمرين و العمال وأصحاب الخبرات والدارسين والمتعلمين وكل منافذ الحياة وأصحاب التخصصات النادرة تشرئب أعناقهم للعمل في المملكة أو التواصل معها، وذلك من فضل الله علينا وبجهد قيادتنا حفظها الله. الاتحاد التكاملي سيحول دول التعاون لقوة لقد كانت مسيرة التعاون الاقتصادي والإنمائي بين دول المجلس في الأعوام الثلاثين الماضية ممتلئة بالإيجابيات، وإن لم تخلُ من بعض أوجه القصور والسلبيات، فعلى المستوى الداخلي، وجدت دول الخليج بعد ثلاثين عاماً على إنشاء المجلس أنها لم تحقق جميع تطلعاتها في تحقق التكامل الاقتصادي الشامل، وإذا كانت بدأت خطوات نحو الاتحاد الاقتصادي من تنفيذ مشروع منطقة التجارة الحرة عام 1983 التي بموجبها ألغيت جميع الرسوم الجمركية بين دول المجلس على البضائع ذات المنشأ الوطني، ثم بدأت المرحلة الثانية من التكامل الاقتصادي الخليجي عام 1999 بإنشاء الاتحاد الجمركي الذي تم تطبيقه فعليا اعتبارا من مطلع 2003م. وبعدها اتجهت دول المجلس إلى انتهاج خطوات نحو إقامة السوق الخليجية المشتركة، من أبرزها ضمان حرية التنقل والإقامة لمواطني دول المجلس، ومنحهم معاملة متساوية في الدول الأعضاء، وحرية حركة رؤوس الأموال بالإضافة إلى حرية التملك والاستثمار. كل ذلك كان له مردود إيجابي في ارتفاع حركة التجارة البينية بين دول المجلس الست مما ضاعف الأرباح المادية ووسع دائرة المستفيدين في القطاع العام والخاص ما منحه ديناميكية ومرونة غير مسبوقة. إلا أن كل هذه الخطوات لا يمكن الاعتماد عليها في إقامة اتحاد اقتصادي أو حتى سياسي بين مكونات المجلس، فإنه يتوجب الإسراع بعملية التكامل الاقتصادي التي من شأنها أن توجد أساسا راسخا لأي جهود تكاملية أخرى بل إنها ستجعل من دول مجلس التعاون قوة ذات وزن وتأثير سياسي واقتصادي في طريقها نحو الوحدة الشاملة (سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً). إن تلك الآثارالإيجابية التي تراكمت من الفترة الماضية لدول مجلس التعاون من الناحية الاقتصادية لهي واضحة جلية تتمثل في توسع فرص الانفتاح بالتجارة مع العالم الخارجي وارتفاع معدلات الدخل القومي وزيادة فرص الاستثمار الداخلي والخارجي والبيني على نطاق أفضل، مما انعكس على العملات التي حافظت على سعر صرفها حتي في أشد الفترات صعوبة (الحروب والكوارث الطبيعية) أوقات الشدة، كل هذه المؤشرات تمت في فترة تعاون وتنسيق فماذا سيحدث لو تمت الوحدة الاندماجية لهذه الاقتصاديات الناشطة والمتوسعة؟ بلا شك النتيجة تكون أقوى من قبل الوحدة والتنسيق بين الدول وبعضها سيؤدي إلى تحقيق مصالح مشتركة خاصة في مجالات الثروة المعدنية والبترول والغاز والأنشطة الأخرى بحيث يكون هناك تكامل اقتصادي حقيقي بالإضافة إلى حرية انتقال الأيدي العاملة ورأس المال والسلع والخدمات داخل دولة الوحدة دون أية معوقات جمركية أو إدارية. كما أسلفنا القول فإن الايام القادمة تكون الصورة قد اتضحت في تكوين الإطار المؤسسي «للاتحاد» من تشكيل الهيئة المتخصصة المشتركة، التي أشار إليها «إعلان الرياض» الصادر عن القمة، التي تضم أعضاء من دول مجلس التعاون الست بواقع ثلاثة أعضاء لكل دولة، إلى مجلس وزراء الخارجية في دورته الأولى، لرفعها لقادة دول مجلس التعاون وترفع الهيئة توصياتها النهائية إلى اللقاء التشاوري حسب مواعيد الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي فإذن تعزيز القدرة لدول المجلس بما تملكه من ثروات وعملات نادرة وخيرات لمواجهة المتغيرات والمخططات والهزات السياسية في الدول المجاورة من عدم استقرارها ناهيك عن كوارث الأزمات المالية والتجارية والتقلبات السياسية مزاجاً ومصلحة واطماع. فالمطالبة تحقيق دعوة الملك عبد الله والمسارعة إلى تفعليها أمراً مطلوباً لمزيد من حماية الحقوق وتطبيق الاتفاقيات بأقصى سرعة للمحافظة على المنجزات والوفاء بالالتزامات أخلاقياً وقانونياً.