تلك الصورة القديمة التي كان الناس فيها يمثلون طاقة التهام عنيفة تنتظر صوت أذان المغرب كي "تفتك" بالطعام,ونشأت عنها نصائح وأقاويل وأمثلة ورسوم كاريكاتير أيضا , جميعها تدعو إلى التروي والرفق المتبادل ما بين الآكل والمأكول ..لقد تراج عت كثيرا ..لم تعد تلك الصورة رمزا تنصب عليه الأقاويل قبيل دخول شهر رمضان, وربما لتعدد مصادر العيش وبالتالي تحسن سلوكية التغذية وكذا مرور رمضان الكريم في السنوات الماضية عبر أجواء اعتدال مناخية أصبحت الآن تميل إلى البرودة الشديدة,ولابد أن يضاف إلى العامل ي ن السابقين مسألة تحسن الوعي الذي حين نلمس التطور الطارىء عليه في نوعية الشارع والمسكن وتعدد القراءة والعلاقات والرحلات فلابد أيضا أن يمتد إلى الطعام.. لقد نشأت أجواء نفسية,وغذائية,واجتماعية,وفنية أيضا خاصة برمضان جعلته يأتي مصحوبا باحتفاء جماعي كبير ..فيزف إلى الناس وكل أيامه أعياد .. في القاهرة في آخر يوم لشعبان يخيل لك أن الناس قد تلق وا بلاغا جادا وصارما يفرض عليهم مغادرة البلاد خلال ساعات لذا فهم في هوس من الشراء والزحمة والسرعة ولكن ليس لمغادرة المدينة وإنما هم يتخاطفون على المكسرات والفواكه المجففة. في المملكة يؤوب الناس من كل العواصم الأخرى قاطعين إجازات أو مصالح أو اجتماعات حيث لابد من المشاركة في احتفالية رمضان .. وفي الدول الفقيرة مثل أندونيسيا واليمن والباكستان تنشأ مهرجانات للتعاضد يسمح فيها الأغنياء للفقراء بأن يقفوا معهم على مستوى خط إنساني واحد, واتصور أن أكثر الناس كرما مع بعضهم في رمضان هم المصريون, حيث تنتشر في الشوارع ما يسمى ب "موائد الرحمن" وهي استضافات سخية للغاية تقام في السرادقات العامة ويتسع بعضها لمئات الآكلين ويحرص الصارفون عليها أن تحتوي على أكثر من خمسة أنواع من الغذاء الجزل حتى تستطيع الجزم بأنه لا يوجد في مصر جائع واحد خلال رمضان.. المملكة فيما ألاحظه وبالذات عبر الصحف هي أكثر الدول الإسلامية إنفاقا على فقيرها وفقير غيرها.. تابعوا إعلانات الصحف وهي مجانية عندنا في "الرياض" لتلمسوا التعددية المذهلة لرعاياتها التي حين تشمل الفقير واليتيم والأسر المحتاجة هنا نجدها تتحدث عن المحتاج البوسني والشيشاني أو المهجرين من المسلمين الأفارقة أو الآسيويين بسواسيةلا تختلف عن أسلوب المعالجات الإنسانية السعودية الداخلية بشيء..ومن حقنا أن نفخر بذلك وبسلمان الأمير سلمان بن عبدالعزيز ..وإن كانت الأولى كافية حين نجح بتحويل قرية البادية التي كانت على أطرافها تستبيح البداوة سلب كل شيء إلي مدينة إنسانية حضارية كبيرة تعالج شؤونا وأبعادا في الإخاء الإسلامي لا تجاريها فيها أي مدينة أخرى .. كلما تواصل " سلمان" الإنسان في ريادات فتح الآفاق الإنسانية للعمل الخيري وتخيلت أن قدرات المشاركة ستتوقف عند حدود معينة,وجدت هذه المدينة ومعها مجتمعنا الفاضل في جدة,والدمام, وتبوك, وأبها,ونجران,وجيزان تدفع بالمزيد من العطاء ليؤكد الجميع أن حدود السواحل والجبال والرمال تحتوي تدفقات خير إنسانية كأروع ما يكون عليه سخاء روافد الأنهار.