يقال إن كثيراً من الرجال يقتلون أنفسهم من أجل الحُب، وأكثر منهم النساء اللاتي يمُتن منه، في حين أن نظرة الحُب تختلف عند الرجل والمرأة، فهو يعني عندها قصةً عاطفية هي "البطل"، وعند الرجل قصة هو "المؤلف"، بينما هناك لحظات في حياة كل امرأة تحس فيها بالحاجة إلى رجل كي تحبه بكل جوارحها، وترتقي به من مرحلة الحب إلى العشق، فالحُب يهبط على المرأة في لحظة مملوءة بالسكون والإعجاب، في حين يظن البعض أن الرجل يعشق كثيراً ويعشق سريعاً، لكنه ليس كذلك، إنه قد يعجب كثيراً وتلفت نظره سيدات كثيرات، لكنها واحدة فقط التي يمكن أن تملك قلبه وتستحوذ عليه، فيبدأ الحُب كما قلنا بلفت انتباه ثم إعجاب، وقتها يفتح لها قلبه ليرى هل تستطيع أن تملأ أركانه وتستحوذ عليه أم لا؟، فإن حدث ذلك كان "الهوى"، لتبدأ رحلته مع العشق!. حالة تحتبس فينا ألماً مع روتين الحياة الزوجية وتبقى من دون حل إلى نهاية العمر الحُب والعشق بين الأزواج لا نراه كثيراً، فقد نرى امرأة تحب زوجها، لكنها لا تعشقه، وكذلك رجل يحب زوجته لكنها لا ترتقي بمنزلتها إلى مرحلة "عشيقة"، قد يكون ذلك لأسباب عدة أبرزها العادة، وأيضاً الملل الزوجي والروتين، فالمرأة بطبيعتها العاطفية تحتاج إلى مشاعر الحب والحنان والعاطفة الجياشة التي تتطلع أن تحصل عليها وتعيشها، فهي تحلم بفارس أحلامها وكلمات حب وقصص رومانسية تغرق فيها، وورود حمراء تُهدى إليها، ورجل يحتضنها ويسافر بها عبر "أحلام وردية" و"كلمات رنانة"، مع عشق لا ينتهي، لكنها تصطدم بالواقع، وتجد أنها لا تستطيع أن تعطي أكثر مما يُقدم لها. طبيعة قلب وقد يحتاج الرجل حقاًّ إلى أربع نساء في حياته، حيث أن كل رجل بداخله طفل صغير ورجل حكيم وعاشق مُتيم ومشاعر أخرى كثيرة، بعضها قد يكون متضارباً وبعضها متداخل، لكن قد تستطيع امرأة واحدة فقط أن تملأ حياته متى استطاعت أن تفهم طبيعة أركان قلبه وتملأها بما يريد، وفي كل ركن منه، فتعطيه العاطفة والحب والحنان في جانب كأم، وتعطيه الطمأنينة وتشعره باحتياجها له في جانب كطفلة، وتعطيه المشاعر والرغبة كعشيقة، وتعطيه الإحساس بالدفء والاستقرار كزوجة، هنا فقط نقول إنها قد استطاعت أن تستحوذ على الرجل وتفهم رغباته ومشاعره وأحاسيسه، إلاّ أنه تختلف نسب تلك المشاعر والأحاسيس من رجل لآخر، لكنها موجودة، فمن استطاعت فهمها وتحديد نسبة كل واحدة منها، وكذلك التعامل معها تكون هي الحبيبة الوحيدة التي ملكت قلبه. حُب وعشق وهناك فرق بين الحُب والعشق، ودلائلهما أنه أمام الشخص الذي نعشقه تخفق نبضات القلب بسرعة، لكن أمام من نُحب نشعر بالسعادة في قربه، نظرة العين بالعشق تشعرك بالاحمرار في الوجنتين، بينما الحُب يمنحنا الابتسامة، في العشق لا نستطيع أن نتحدث بما يجول في خواطرنا، ونشعر بالخجل، بل ولا نستطيع النظر إلى عينيه مباشرة، بينما الحُب نستطيع أن نتحدث ونظهر أمامه كل مشاعرنا، ونبتسم ونحن نناظر عينيه، كذلك عندما يبكي من نعشقه فإننا نبكي معه، ومع من نُحِب نحاول التخفيف عنه، وإذا توقفت عن حُب شخص كل ما تحتاج له أن تغلق أذنيك، لكن إذا حاولت إغلاق عينيك عن العشق سوف يتحول إلى قطرات من الدموع، سوف يبقى في قلبك إلى الأبد. بوتقة واحدة شؤون الحياة الحالية بتعقيداتها المختلفة، بدأت تؤثر في الحُب، فهو لا ينتهي حتى لو بدأ يأخذ أشكالاً جديدة، وأحياناً يبدأ الحُب بعد الزواج وليس قبله، فالتوافق بين الزوجين ينتج في الأساس من مواقف عدة وجد الطرفان نفسيهما أمامها، فتلاقت سلوكياتهما مع المعطيات الموجودة، بحيث يكونا في "بوتقة" واحدة لا يستغني أحدهما عن الآخر، فالأحاسيس هي نتاج أساسي لهذا التراكم اليومي، ولعلاقة حُب قائمة، لكن هذا الحُب يتعرض لهزات ومواقف صعبة، فينقص بالتراكم، وربما لا يصيب شغاف القلب ليرتقي إلى مرحلة العشق، وبالتالي تنخفض درجته إلى مرحلة العادة والروتين، فاليوم نجد أن الجانب العقلي تغلب على كل شيء، بينما الحُب الذي يصل إلى مرحلة العشق نجد أن الطرفان ينتميان لبعضهما، يربطهما شعور جسدي وروحي، وكل طرف مثل أعلى للآخر في التضحية والتفاني وتقاسم تبعات الحياة من أحزان وأفراح، ولا يمكن أن يفرقهما شيء. أكثر شفافية وقالت "عزيزة العمري": إن المرأة مختلفة في تركيبتها العاطفية، مختلفة عن الرجل، هي أكثر شفافية وتطلّع للحصول على الحب والحنان والاحتواء؛ لحاجتها إلى هذه المشاعر، فهي حاجة أساسية كحاجتها للماء والهواء، لكن الرجل بمجرد أن يمتلك المرأة يحوّل العلاقة إلى روتينية، شعارها الرسمي الحُب بدون أي تعاطي مع هذه العلاقة بصفة يومية، وكأنها تحصيل حاصل، في حين تتطلع المرأة الى الاحتواء والشعور بالأمان مع الزوج. وأوضحت "ريم العسيري" أن التركيبة الفكرية والذهنية والعاطفية للرجل مختلفة عن المرأة، فتركيبة المرأة التي تقرأ كل شيء بعاطفتها وبمشاعرها الرقيقة التي فطرها الله عليها؛ لتكون منبع للأمومة وللمحبة تجعلها تواقة دائماً لسماع الكلام الجميل والثناء الدائم والمديح، ولكي تكون سكناً للرجل، لذلك تظل في حالة بحث مستمرة عن الحب والاحتواء والعاطفة، وتظل تطلبها وترخي أُذنها لكل الكلمات والقصائد الشعرية والكلمات النثرية، وهي تتساءل: أين أنا من مثل هذه العواطف الجياشة والتي أحتاج إليها؟. شعور متعالٍ ورأت "عالية المغربي" -معلمة- أن فكر الرجل واقعي أكثر من المرأة، فهو يضع في أولوياته تأمين الأسرة من الناحية الاقتصادية، ويجعل العاطفة آخر اهتماماته، بينما هو يتطلع ويرغب في الحصول على هذه العواطف، وقد يأخذه الشعور بالتعالي وعدم إبراز هذه الحاجة، ليظل محافظاً على شعوره بالقوة، وأنه يسيطر على مشاعره، مضيفةً أنه غالباً ما يعبّر الرجل عن حبه لزوجته بالموقف وليس بالكلمة، فقد يخرجها للفسحة أو للسفر، وتجده حريصاً على راحتها، ويوفّر لها كل متطلباتها، لكن من الصعب عليه جداًّ أن يقول لها: "أنا أُحبك"، عكس المرأة تماماً التي تميل إلى الكلام والسماع أكثر، فالفرق بين واقعية الرجل ورومانسية المرأة هي أساس المشكلة. مودة ورحمة وقالت "سماح علي": الحب بين الأزواج أفضل من العشق، فالقرأن شدّد على المحبة وليس العشق، قال تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"، وذلك بلاشك معنى أشمل وأرقى وأسمى بكثير من حُب تلك الصور الخيالية التي تصورها لنا الروايات، لكن هو حُب معتدل تستقيم به الفطرة ويحقق التكاثر والتزاوج والتلاطف بين عشيرين يفترض أن علاقتهما باقية حتى الممات، وبمنتهى الانسجام والتفاهم والود، يؤديان فيها رسالة عظيمة تبدأ ببذرة سرعان ما تكون نواة لمجتمع إسلامي قوي، ألا وهي الذرية. ونصحت "لبنى الفاهمي" المرأة بأن لا تُفكر دائماً فيما ينقصك وما تحتاجين إليه، بل فكري أيضاً في احتياجات زوجك من الحب والحنان، ولا يكن تعاملك معه بالمثل إن جفا جفيتي وإن أعطى أعطيتي، مضيفةً أنه إذا أردتيه أن يبادر بهدية لك فبادري أنت بإهدائه، مشيرةً إلى أن عدم فهم الحياة الواقعية للأزواج، وقناعتهم أنها حياة مليئة بالمشاكل الحياتية اليومية التي تحتاج الى قرار وتصرف وعناء، وكذلك زخم حياتي وأجواء مشحونة، قد يفرض على الزوجين البعد عن الجو العاطفي الرومانسي والكلام المعسول.