لا تستغرب في كثير من محافظات وقرى وهجر المملكة من مشاهدة أعداد كبيرة من المتسللين المجهولين؛ ممن دخلوا البلاد بطرق غير شرعية ونظامية، وشكّلوا أعداداً كبيرة أصبحت خطراً دائماً على المواطنين، من خلال ما يمارسونه من سرقات واعتداءات، فضلاً عن تصنيعهم للخمور وترويجها، مستغلين بُعدهم عن مراكز الأمن الكبيرة في المدن، حتى استطاعوا العمل كمجموعات متعددة للتهريب إلى المدن، وتنحدر أصول معظمهم إلى منطقة "القرن الإفريقي"، و"اليمن"؛ بسبب ما تعانيه بلدانهم من مصاعب اقتصادية. عوائل متسللة اتخذت من الجبال والأودية مستقراً لها ظاهرة مخيفة وتساءل "فيصل البكري" عن تواجد أعدد كبيرة من المتسللين ومخالفي أنظمة الإقامة في محافظة "النماص"، وينتشرون في جنوب المملكة بشكل عام، خاصة في الجبال والوديان القريبة من القرى والمحافظات؛ مما شكّل ظاهرة مخيفة، مبيناً أن المتسللين ينتشرون أثناء النهار في كل مكان بحثاً عن عمل أو مصدر رزق، أو عن طريق التسول، ووصلوا إلى السرقة، الأمر الذي ضاعف مخاوف أهالي تلك المناطق. وسرد ما شاهده في إحدى الليالي بالقرب من منزله وقال: بعد أن صليت العشاء لاحظت وجود نار في "جبل شعير" في النماص، فتوجهت إلى موقع تلك النار مشياً على الأقدام حتى أعرف ماذا يحدث، وعند اقترابي من مصدر النار بحوالي خمسين متراً وجدت نفسي بين أكثر من عشرين رجلاً وأكثر من خمس فتيات أعمارهم ما بين (20) و(30)عاماً يحملون (شواكيش)، وعندها ارتعدت فرائصي من نهاية مؤلمة، ولكن كان لطف ربي اقرب وجاملتهم بابتسامة لطيفة، وطمأنتهم أني لست شرطياً ولاطفتهم ثم أدرت ظهري وأنا أتوقع ضربة في رأسي في أي لحظة، وعند وصولي إلى البيت أقفلت باب الحوش وباب العمارة وأنا أقول في نفسي "يارب سترك". امتهن بعض المتسللين صناعة الخمور وترويجها دون رقيب وعن العدد المتوقع للمجهولين في النماص قال إن عددهم كبير وبالمئات، مما يشكّل خطراً على المجتمع، لا سيما أنهم صغار سن، ومن ضمنهم نساء ورجال، مبدياً خشيته من أن يمتهنوا سلوكيات خاطئة تؤثر سلباً على أبناء المنطقة، فضلاً عن إمكانية انتشار الأوبئة والأمراض بسبب إهمالهم لأنفسهم وعدم توفر الرعاية الصحية لديهم، داعياً من يرغب في رؤية هؤلاء المتسللين إلى الذهاب بعد صلاة الفجر إلى الحقول والمنازل القديمة بالنماص، ويجدهم شللاً ومجموعات ينتشرون في كل مكان. متسللون لم يركنوا إلى القرى بل وصلوا إلى المدن الكبيرة هجرة السكان ويرى "سالم الزيداني" أن سبب تواجد المجهولين في القرى يعود في الأساس إلى هجرة معظم سكانها منها، وبالتالي وجد هؤلاء المجهولون المجال دون مضايقة أو خوف، مبيناً أن الحل يتمثّل في العودة إلى تلك الأماكن، من خلال توفير الخدمات الضرورية والوظائف والجامعات للبنين والبنات؛ مما ساهم في نموّها، ومن ثم التصدي إلى هؤلاء المخالفين، خصوصاً أن كثرة السكان تستلزم زيادة عدد القوات الأمنية وبالتالي ضبط الأمن بشكل أفضل. اعتداءات وسلب وشدّد "رافع الشهري" على أن المتسللين مجهولي الهوية متواجدون بكثافة في كثير من قرى الجنوب -التي أصبح أهاليها يضعون أياديهم على قلوبهم خشية أي تعديات من هؤلاء المخالفين- بعد أن تكررت الاعتداءات والسلب والإفساد، وبيع المخدرات والخمور، دون أن يواجه ذلك حزماً كافياً لردع تصرفات هؤلاء، مبيناً أن شيوخهم يتوزعون في المساجد للتسول عند أوقات الصلوات، ويتجولون في الأسواق والطرقات، ونساؤهم وأطفالهم يتسولون عند الإشارات المرورية وأرصفة الشوارع. وقال: شاهدت في إحدى مناسبات الزواج في إحدى قرى محافظة المجاردة، دخول عشرة رجال في عنفوان شباب وأصحاب بنية جسمانية كبيرة، وقد احتزم كل منهم إما بخنجر أو عصا، ودخلوا إلى صالة الطعام قبل الضيوف، وأكلوا حتى شبعوا، ثم أخرج كل واحد منهم كيس نفايات كبير، وسكب الصحن بما فيه من طعام، وحمله على ظهرة وسط دهشة الضيوف، وخرجوا صوب الجبل مسرعين"، مشيراً إلى أن المتسللين يقطنون في أعالي الجبال، في هجر تركها أهلها لعدم وجود الخدمات، وينزلون ويفعلون مثلما فعلوا في المناسبات، ويدخلون الأسواق، ويأخذون منها ما يريدون دون حسيب أو رقيب، بعد أن يرهبوا البائع بالخناجر والتهديد. مخاطر عديدة وأوضح "سلمان الشهري" -متخصص في شؤون القرن الأفريقي- أن تواجد هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين له أخطاره الأمنية والاقتصادية والاجتماعية في المملكة؛ خصوصاً تلك المدن والقرى والهجر التي يتواجدون فيها بكثافة؛ مما يؤثر أحيانا في التركيبة السكانية والوضع الأمني والاجتماعي، منوّهاً أن المملكة ليست المستهدفة الوحيدة بالهجرة، حيث إن هجرتهم تشمل دول مجلس التعاون الخليجي، وبعض الدول العربية وأوروبية أخرى. وقال إن الهجرة المستمرة ترجع إلى أسباب اقتصادية، مبيناً أن الصومال أصابها جفاف قبل عدة سنوات؛ مما ضاعف سوء الأوضاع الاقتصادية لديهم، فضلاً عن بلدهم يعاني من عدم وجود مشروعات تنمي خيرات بلادهم لعدم وجود الدعم، مقترحاً أن تتضافر جهود الدول العربية وخصوصاً الخليجية بتخصيص صندوق لدعم هذه البلدان، وتمويل مشروعات تنموية في الصيد والزراعة، خصوصاً أن "الصومال" تملك أطول ساحل في أفريقيا، وعلى الرغم من ذلك لا يُستغل من قبلهم بسبب عدم توفّر وسائل صيد حديثة.