يسكن الخوف القرى الجنوبية التابعة لمنطقة عسير بسبب زحف مجموعات من مجهولي الهوية ممن يتسللون إلى المملكة. وتكمن الخشية المحسوسة في نفوس السكان من تصرفات الغرباء الذين يفدون إلى الأراضي خلسة وهي التصرفات التي عادة ماتكون مصحوبة بممارسات مخالفة للقانون. فالغرباء القادمون من اليمن وبلاد القرن الأفريقي يعلمون جيدا أنهم يوجدون في المملكة على نحو مخالف لذا يعمدون إلى الاختباء وارتكاب أفعال تحقق لهم عوائد مادية بأي طريقة كانت ليقينهم التام بقصر مدة بقائهم واحتمالية القبض عليهم في أي وقت. وتحمل محاضر أقسام الشرط في منطقة عسير الكثير من الجرائم كالسرقة وتصنيع الخمور والسطو كان وراء ارتكابها متسللون. وعلى الرغم من أن الأجهزة الأمنية تنشط في تخليص محافظات وقرى عسير من المتسللين إلا أن التضاريس الصعبة ومساعدة بعض المواطنين لأولئك جعل من تواجدهم ملموسا. رجال ألمع ينتشر بأعداد كبيرة في محافظة رجال ألمع متسللون من الجنسيتين اليمنية والإثيوبية، تختبئ في بعض المنازل المهجورة محولة إياها إلى أوكار لتصنيع وترويج العرق المسكر بين شباب المحافظة وأصبحت قرى وبلدات المحافظة ملاذا آمنا للعديد من مجهولي الهوية ومخالفي الإقامة ولكن كيف تمكن أولئك من الدخول إلى المحافظة؟ وهل أضحت عملية التسلل سهلة إلى هذا الحد؟ يجيب على ذلك مجهول من الجنسية اليمنية في قرية شصعة البناء شمالي المحافظة «في الوقت الحالي نجد صعوبة في الدخول إلى الأراضي السعودية خلاف ماكان عليه الوضع في السابق حيث كان بمقدورنا الدخول والخروج بسهوله تامة وفي أي وقت». ذلك المجهول يقطع مسافات طويلة هو وآخرون من أجل الوصول إلى محافظات وقرى عسير «نسير على الأقدام أثناء الدخول ومن ثم نستقل سيارة تعود لمواطنين من المملكة متخصصين في نقل المجهولين بقيمة تتراوح من ال100 إلى 200 ريال إلى محافظة جازان بداية ومن ثم يتوجهون بنا إلى عسير وننتشر في القرى والبلدات كالبتيلة، حسوة، شصعة البناء، رقعاء، وادي فو، شوقب، دالج، المجمعة، والعاينة، وغيرها من القرى والبلدات المنتشرة ولا نجد صعوبة في السكن في القرى والهجر فبعض الناس يساعدوننا هناك». ذلك الكلام الخطير الذي ساقه المجهول يصادق عليه عبدالله هادي الألمعي من سكان بلدة ميل قيس جنوبي محافظة رجال ألمع «يعود تواجد المجهولين إلى المواطنين أنفسهم إذ يصلون إلى الغرباء عن طريق المشي على الأقدام أو التهريب بواسطة سيارات خاصة لنقلهم وتهريبهم إلى المحافظة». وهنا يقول مواطن تستر على مخالفين عبر نقلهم بسيارته وتشغيلهم في أعمال تعود إلى ملكيته فضل عدم ذكر اسمه «أعرف بأن التستر على تلك الفئة يعتبر مخالفة صريحة للنظام ولكنهم عملوا عندي في الرعي والزراعة وماشابه بثمن زهيد فالمتسلل والمخالف يرضى بأي ثمن يدفع له بعكس العامل النظامي الذي يضاعف أجره عدة مرات». يتخصص المجهولون في ترويج الشمة والحبوب المخدرة والخمور وهنا يعترف إثيوبي مجهول مقيم بصورة غير نظامية «مجموعة من الشباب السعوديين يترددون على الأوكار التي تعود لنا نحن الأفارقة المجهولين لغرض شراء المسكر فبعض الشباب من الموظفين والعاطلين عن العمل، يساهمون في تمويل وتصنيع العرق المسكر، حيث يتم استلام مبالغ مالية يقدمها الشباب لنا ونحن نتولى عملية تصنيع العرق المسكر وترويجه في المحافظة». وعن طريقة الانتشار في ترويج الممنوعات يقول الإثيوبي «الشباب السعوديون ينقلوننا عبر سياراتهم الخاصة، لنصل إلى بعض المحافظات القريبة من رجال ألمع ووسيلتنا في التواصل هي الهاتف النقال حيث يسهل مهمة البيع والترويج وتوصيل الطلبات». يطلق الإثيوبي اعترافا خطيرا «تم ترحيلي عدة مرات وفي كل مرة أعود إلى الموقع نفسه». فيما أوضح المواطن علي يحيى من سكان بلدة شوقب جنوبي رجال ألمع أن البلدة بها المئات من المجهولين من الأفارقة وبعض الجنسيات العربية، ويدير هذه العصابة أشخاص من أبناء جلدتهم، مهمتهم بيع الممنوعات بأنواعها، كما نشاهد شبابا يترددون عليهم لغرض شراء الخمور التي يصنعونها من مياه الصرف الصحي. وسبق وأن ضبطت شرطة المحافظة وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مصنعا للعرق المسكر يديره وافد من الجنسية الإثيوبية، قبل عدة أشهر، مشيرا إلى أن وادي شوقب ووادي رادة يشهدان تردد المئات من جميع الجنسيات، ولديهم مواقع مراقبة في قمم الجبال، والبعض يملك أسلحة ولديهم وسائل اتصال، بشرائح مجهولة. مؤكدا حدوث إشكالات وخلافات بين المجهولين بسبب الأحقية بالمواقع. وأضاف بأن هناك من يقوم بالمتاجرة في الأسلحة والممنوعات وغير ذلك من جميع الجنسيات واعترف بأحقية رجال الأمن في «المداهمة» نظرا للحفاظ على أمن البلد، وقال لم نجد أي مضايقات سوى من المجهولين الأفارقة المهيمنين. فيما كشفت ملفات شرطة منطقة عسير عددا من التحقيقات في جرائم وصلت إلى القتل فيما بين العصابات الأفارقة في بطون الأودية وبعض الجبال لتدخل بعضهم على مواقع بعض داخل تلك الأودية الأمر الذي يجعل هناك مخاوف كبيرة من تلك العصابات التي يشكلها هؤلاء المجهولون. مركز السودة في قرى ريدة التابعة لمركز السودة في محافظة عسير تكثر سرقات المنازل من قبل فئة المتسللين ويتواجد عدد كبير من المجهولين بجوار محمية ريدة التابعة حيث أفاد أحدهم أنهم يريدون التوجه إلى محايل عسير. مجهول آخر وضح عليه الإعياء جراء المسافة الكبيرة التي يقطعها مشيا حيث أفاد بأن رفيقه قد توفي من التعب بعد دخولهم إلى المملكة بمسافة قصيرة وسيواصل هو سيره مشيا للحاق برفاقه في جبال النماص. تلك الحالة المربكة للسكان والأهالي الذين ينشدون العيش بسلام في قراهم الوادعة دفعتهم إلى تحصين أنفسهم بأنفسهم فالمنازل طوقت بأسيجة من حديد والنوافذ أوصدت بقواطع حديدية والسلاح الشخصي بات ضرورة في المنازل للتعامل مع المواقف المفاجئة. يقول سعيد السروي وهو من السكان «نحن نعاني الأمرين بسبب تواجد المتسللين غير النظاميين بين قرانا حيث يسكنون بين الجبال ويراقبوننا حتى نغادر قرانا نهارا نحو أعمالنا ليباشروا سرقة منازلنا، ومنزلي أنا تعرض أكثر من مرة للسرقة وأبلغت الجهات الأمنية عن فقدان جهاز التلفاز الخاص بي وأغراض أخرى من خلال كسر إحدى النوافذ». مواطن آخر يدعى يحيى عسيري يورد «كسر المتسللون النافذة الخاصة بدورات المياه والدخول منها وكانت المسروقات بسيطة جدا». اسماعيل علي من سكان قرية ريدة أسفل مركز السودة أوضح أنه يخشى على عائلته وأطفاله من تلك الفئة المخالفه وأصبح لا يغادر منزله إلا برفقة عائلته. وأبان رئيس مركز السودة في منطقة عسير عبدالرحمن الهزاني أن المتسللين باتوا يشكلون خطرا على الوطن والمواطن. مرجعا سبب انتشارهم الكثيف في عسير إلى المواطن نفسه «الملامة تقع على عاتق بعض المواطنين الذين وفروا لهم المسكن والمأوى رغم علمهم بعدم نظاميتهم والأدهى من ذلك أن بعض المواطنين يعمدون إلى تشغيلهم في مهن كثيرة كالبناء والرعي والزراعة وغيرها». وزاد الهزاني «إن البلاغات التي وردت إلى مركز شرطة السودة لاتتجاوز بلاغين وكلها كانت في عام 1430ه دون أن يتم تقديم بلاغات في العام الحالي 1431ه وأنا استغرب حقيقة لماذا لايقدم المواطن بلاغا عن سرقة منزله؟». ورأى رئيس مركز السودة أن الدوريات الأمنية ودوريات الجوازات تؤدي واجبها المناط بها على الوجه الأكمل. مشيرا إلى أن صعوبة تضاريس جبال عسير تساعد المتسللين على سرعة التواري عن أعين الدوريات والجهات الأمنية حيث يهربون للاختباء بين الجبال حال مشاهدتهم للدوريات الأمنية. عكاظ