الحب عاطفة سامية يمكن أن تغيّر نظرة الإنسان إلى الحياة، وربما تدفعه إلى معالي الأمور وإثراء المجتمع . والحب هو الحب سواء في الشرق أو الغرب، فالذي يحب يضحي، ويعطي بلا حدود وقصص الحب تكاد تكون متشابهة في الغرب والشرق، ولكن تختلف الوسيلة وطبيعة الحياة.. والقصص التي نقرأها في بعض الروايات الغربية قد تبالغ في ذلك الحب المتبادل، مثل روميو وجولييت مثلاً، ولكن الشعر العربي يحفل بكثير من قصص الحب والغرام، مثل قصة مجنون ليلى، وكثيّر عزة، وجميل بثينة وغيرهم.. ولا مجال لاستعراض مفهوم الحب عند الغربيين أو الشرقيين حالياً، فلقد أصبح الحب عملة نادرة، لكنه مع ذلك مفهوم يتكرر في كل زمان ومكان. ومع أن الحب وسيلة للرقي بعواطف الإنسان، إلا أن شاعرنا العربي جميل بثينة يقول إن الحب سبب للجنون: لو قد تجّن كما أجن من الهوى لعذرتَ أو لظلمت إن لم تعذر أما عنترة بن شداد فيرى أن الحب قاتل، مع أنه الفارس الذي لا يشق له غبار، بأسه شديد وحسامه قاتل:- خليليّ أمسى حبُ عبلة قاتلي وبأسي شديد والحسامُ مهند أما شاعرنا العربي المعاصر عمر أبو ريشة فيرى أن الحب يسبب الشقاء للطرفين، ويخاطب المحبوبة قائلاً:- قفي لا تخجلي مني فما أشقاك أشقاني ويلتفت الشاعر إبراهيم ناجي إلى وكر المحبين فيقول:- أيها الوكرُ إذا طار الأليف لا يرى الآخر معنى للهناء ويرى الأيام صفراً كالخريف نائحاتٍ كرياح الصحراء أما الشاعر الأندلسي ابن زيدون فيرى أن الحب رائع بالاجتماع، وشقي بالفراق، فعندما يجتمع المحبون تبدو الليالي متلألئة جميلة، أما عند الفراق فإن الأيام تبدو سوداء بائسة حزينة:- حالت لفقدكم أيامنا فغدت سودا وكانت بكم بيضاً ليالينا أما الحب عند الشاعر الفلسطيني محمود درويش فهو حب الأرض التي لم تعد: يقول: لدينا كثيرٌ من الوقت، يا قلب، فاصمد ليأتيك من أرض بلقيس هدهد بعثنا الرسائل، قطعنا ثلاثين بحراً وستين ساحل وما زال في العمر وقت لنصمد إن الحب هو بسمة الحياة وإشراقة الوجود، سواء أكان سبباً للرومانسية عند الغربيين، أم الشرقيين، أم كان شقاء عند شعراء العرب، ولا سيما عندما يحين الفراق، وتتساقط أوراق اللقاء ..