يبدو أن مشكلة الوضع الطبي أو الخدمات الصحية في المملكة أعقد من مشكلة مستشفى عرفان، أو من أخطاء طبية تحدث هنا وهناك، وتعالج بقفل مستشفى وإعطاء دية لذوي الضحايا. والسؤال الذي يفرض نفسه علينا غصبا هنا: لماذا تتكرر هذه الأخطاء رغم العقوبات والغرامات، وأخيرا التشهير بالمستشفيات؟ إننا هنا نتعامل مع النتائج والآثار، ولا نتعامل مع الأسباب، أو على الأصح لا نفكر في أن الخطأ قد يكون في النظام أو المنظومة الطبية نفسها، إننا نكتشف شهادات مزورة، ونقرأ في صحيفة مثل صحيفة الوطن أن نحو 400 طبيب لا يحملون رخصا طبية أو تراخيص مزاولة المهنة في مستشفيات المنطقة الغربية فقط، فما بالك في باقي المناطق؟ وبالتالي فإن معظم هؤلاء الأطباء تلاحقهم قضايا أخطاء طبية وقعوا فيها نتيجة الإهمال والتستر عليهم من قبل مستشفيات خاصة تهتم بالكسب المادي ولا تراعي أهمية الحصول على رخصة مزاولة المهنة، نقرأ ذلك ونطالب بتطبيق العقوبات والغرامات والفصل من العمل، وكما قلت لا نفكر في أن الخلل هو في المنظومة الطبية، وأنه لولا هذا الخلل لما حدث ما يحدث الآن، إذن المسألة مسألة نظام أو System ويتعين علينا تغيير هذا النظام، وأنا استعمل كلمة "نظام" هنا مجازا، إذا أن ما هو موجود ليس نظاما، بل خليط عشوائي، فليس هناك تأمين طبي شامل، ولا خدمات طبية حكومية مجانية كاملة وتلبي جميع حاجات المواطنين، بجانب ذلك هناك مستشفيات خاصة لا تستهدف سوى الربح، وهذا الخليط العشوائي هو الذي يجب أن نقضي عليه، ونضع نظاما محكما يوفر الخدمات الطبية لكل مواطن، ويضمن عدم حدوث أخطاء تؤدي إلى وفاة المرضى، وهذا ليس بالمستحيل، فالمال موجود، ولكن المشكلة في العقول التي تفكر.