التقنية الحديثة لها دور كبير في التأثير على الأشخاص، وأصبحت وسائل الإعلام أحد الأمور الهامة في حياتنا اليومية، ولها أثر كبير على الطفل فيما يشاهده، كما أنّ صعوبة التحكم في التلفاز لدى الأطفال يشكل خطراً عليهم. وقالت "بثينة محمد حسين علي" - أستاذ مساعد بقسم الطفولة المبكرة بكلية التربية بجامعة الأميرة نورة-: "اجتهد القائمون على وسائل الإعلام المختلفة في توظيف آخر ألوان التكنولوجيا وذلك لشد انتباه المتلقي، والاستحواذ على اهتمامه سواء بالطباعة أو الصورة الملونة الأخاذة في الصحافة، والأسلوب السلس، والعناوين المثيرة، وكذا بالصوت المؤثر والصورة الخلابة الساحرة في الإذاعة والتلفزيون، وما يخدم الصورة من ألوان وظلال، وما يصاحبها من أصوات تغوص في أعماق الشعور"، مبيّنةً أن التلفاز يتصدر تلك الانواع، ويؤثر بشكل كبير على الأطفال باعتباره وسيلة شاملة الحضور وقوية التأثير، ولها موقعها بين الضرورة والخطورة في عالم الأطفال، وتنوع نتائجها على المستوى البعيد في تربيتهم. ساعات طويلة وأضافت أنّ هناك إحصائيات تشير إلى أنّ الأطفال الذين لم يبلغوا سن الدراسة يشكلون أوسع شريحة من مشاهدي التلفزيون في "أمريكا"، تلك الشريحة التي تقضي أكبر عدد من الساعات وأوفر حصة من وقت يقظتها في مشاهدة التلفزيون بالمقارنة مع أي مجموعة عمرية أخرى، وحسب تقرير صدر عام 1993م فإنّ الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين (2-5) سنوات يقضون (22.9) ساعة في المتوسط أسبوعياً في مشاهدة التلفزيون، بينما يقضي الأطفال من سن (6-11) (20.4) ساعة. تعطيل التفكير وأشارت إلى أنّ ما يتلقاه الطفل من الشاشة يستقر في عقله الباطن، ليشكل الأساس الخفي لشخصيته المستقبلية، وتتمثل الجوانب السلبية للتلفاز في الموقف السلبي للمتلقي، والاتكالية المطلقة في تحصيل المعلومات، والميل إلى الاسترخاء الفكري والعقلي، فضلاً عن التخدير النفسي، مبينةً عندما يقرأ الطفل من كتاب يكون في أقصى درجات التشغيل لقدراته العقلية لاستيعاب الكلمات المقروءة، وتصور معانيها، وهو ما يثير الخيال، فالقراءة تدرب العقل على مهارات التركيز، وتنمي قدرات الخيال والتصور، بينما تحدد الصور التلفزيونية هذا النشاط، وتأسر المشاهد بصورها الحية، والعقل في التجربة التلفزيونية لا يحول رمز معقد، كما هو الحال في عملية القراءة، فأمام التلفزيون يعيش الطفل اللحظة بأحاسيسه، ويشل نشاط العقل والخيال، كما يشكل التلفزيون القدرات الذاتية في تعلم اللغة. فقدان المكانة الاجتماعية وقالت إنّ سبب ترك الوالدين الطفل مدمناً على استعمال التلفزيون يعود إلى قدرته الفريدة على تهدئة الأطفال، إلى جانب سهولة استعماله، فهو دائماً جاهز للمهمة المطلوبة، وقد يحاول البعض منع الطفل من مشاهدة التلفزيون، ولكنه يعترف بعجزه عن تحقيق ذلك، وكأنّه فقد السيطرة على الوضع، وتلك نتيجة لعدم قناعته بخطورة الموقف، لعدم تصور الآباء مدى خطورة الأمر، ومن المنطقي أن يفشلا في المحاولة، ما داما لم يستطيعا إقناع الطفل بذلك، إضافة إلى عجزهم عن تقديم البديل الذي يملأ حياة الطفل ويشغل وقته، ويلبي رغباته، وينمي قدراته ومهاراته، بينما يمنح التلفزيون أشياء كثيرة للطفل يعجز عن تقديمها الآباء، مبينةً أنّ فقدان المكانة الاجتماعية عزز من موقع التلفزيون في حياة الطفل وتشبث الطفل به، وأثره على علاقاته، وحرمان الطفل من هذا الجهاز يؤثر سلبا في سعادة الطفل، إذ يشعر أنّه أصبح منبوذاً اجتماعياً، إذ يتحدث الأطفال عن انطباعاتهم نحو برامجهم المفضلة، ويجد المحرومون أنفسهم خارج الأحداث، وهذا مضر بوضعهم الاجتماعي. مشاركة الوالدين وأضافت أنّ النظريين يرددون أن الوقاية من أخطار التلفزيون تكمن في التحكم في تشغيله وقتاً ومضموناً، والقضية متعلقة بإرادة رب الدار، أبا كان أو أماً، وعليهم اختيار القنوات الفضائية الجادة والبرامج النافعة للأطفال وللأسرة على العموم، كما أنّ تقليل مدة مشاهدة الطفل للتلفاز، وتقليصها إلى أقل حد ممكن، ولكن مع تقديم البديل، بشغل وقت الطفل بكتب نافعة جذابة يتعود بها على المطالعة، وإشراكه في ذلك بالقراءة معه، ومحاورته في ما أفاد منها، وطرح أسئلة تثير فيه شهية البحث والاستكشاف في عالم الكتب والمكتبة، وأيضاً الاهتمام بالجلسات الأسرية الدافئة، والعناية بمسيرة الطفل الدراسية، وتشجيعه عند النجاح، والبحث عن نقاط الضعف في تحصيله، وبهذا يشعر بقيمتة، ويرى في اهتمام والديه به أكبر حافز له على التفوق والنجاح، وهو ما أكده علماء التربية، حيث بينوا أنّ مشاركة الأبوين الطفل في حياته الخاصة وعوالمه البريئة، من أهم عوامل نجاحه في المستقبل وتكامل بناء شخصيته السوية.