في شكوى وجهتها ل «الرياض» موظفات المراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة تضمنت معاناتهن التي فجرها تعميم صدر مؤخراً يبدأ على اثره تطبيق الدوام الواحد في جميع المراكز الصحية بحيث أصبح العمل من الساعة السابعة والنصف صباحاً وحتى الخامسة والنصف مساءً طوال أيام الأسبوع، مع تحديد ساعة للراحة وفقاً لظروف العمل، وعليه سوف تعمل الموظفات عشر ساعات يومياً وهذا مخالف لقانون العمل والعمال والذي حدد ساعات العمل للموظف بثمان ساعات. وقد التقت «الرياض» مع الكثير من الموظفات في تلك المراكز للوقوف على شكواهن وقد رفضن أن ننشر اسماءهن (وتحتفظ الرياض بها) خوفاً من مساءلة الوزارة لهن، وأوضحت احداهن: كنا في السابق نعمل من الساعة السابعة والنصف صباحاً وحتى الساعة الثانية عشرة ظهراً ومن الساعة الرابعة عصراً وحتى الساعة الثامنة والنصف مساءً أي أننا نعمل تسع ساعات يومياً بالاضافة إلى يوم الخميس والذي نعمل خلاله أربع ساعات، وما حدث الآن هو انهم ألغوا العمل في يوم الخميس وقسموا ساعات العمل به على مدار الاسبوع لنعمل ساعة اضافية، وباحتساب أننا نعمل طوال خمسة أيام فهذا يعني انهم اضافوا لنا خمس ساعات عمل وليست أربع، مع العلم ان ساعات عملنا طويلة جداً فتسع ساعات ليست بالقليلة. وقت مهدر وأضافت اخرى: للاسف فالوقت قاتل في المراكز الصحية، كما ان وجودنا لفترات طويلة ليست بالضرورة انه نافع للمراجع خاصة أن مهمتنا تقتصر على المعاينات الاولية وتقديم العلاج للحالات الخفيفة والبسيطة كالتطعيمات أو تقديم المسكنات، أو رعاية الأمومة ( الاولية ) ونستقبل كذلك حالات الضغط والسكر غير المعقدة أي المنتظمة، أما الحالات الصعبة أو المزمنة والخطيرة فنقوم بتحويلها للمستشفيات، ورغم ان بعض المراكز تملك قسماً للطوارئ الا انها تقدم نفس نوعية الخدمة. وهذا لا يعد قصوراً من قبلنا بل لأن أكثر التخصصات الموجودة هي من الأطباء والطبيبات العامين، ماعدا اخصائيي الاسنان والبصريات، وعليه فعملنا كل تلك الساعات هو هدر لطاقاتنا ووقتنا، خاصة إذا أخذنا بالاعتبار ان الكثير من المراكز قد يمضي اليوم كاملاً دون ان تكمل المراجعات به عدد أصابع اليد الواحدة. ووافقتها الرأي موظفة اخرى وقالت: نحن مراكز رعاية أولية وبالطبع فامكانات المراكز الصحية تختلف عن المستشفيات، ولا تعد المراكز جهة علاجية رئيسية للمرضى والمراجعين، كما ان هناك مراكز مناوبة بداخل مركز الطوارئ تعمل 24 ساعة وبالتالي فالحاجة لنا قليلة، فنحن لسنا في قرية وإذا أقفل المركز تعطل المريض، ومن هذا المنطلق فلا حاجة لزيادة عدد ساعات الدوام فهي عملية غير مجدية لكل الأطراف. بيئة العمل لا تصلح كما حدثتنا عاملة في قسم المختبر في المركز قائلة: حقيقة ان هذا القرار أكثر من رائع حيث انه وفر علينا مشقة العمل لفترتين كاملتين خاصة ان معظم الموظفات هن ربات بيوت ولديهن الكثير من الالتزامات، الا ان زيادة ساعات العمل اضرتنا كثيراً، كما ان التعميم لم يراعي نقاطاً عدة من حيث انه منح الموظفات ساعة واحدة للراحة وتناول الغداء، هذه الساعة غير مجدية ولا مفيدة، ولا أعلم كيف تتوقع الوزارة ان نقضيها، خاصة إذا كانت الموظفة تقطن في منزل بعيد عن مكان عملها فالساعة لا تكفيها للذهاب والعودة، فلو كانت المسافة بين المنزل والعمل نصف ساعة فكيف سترجع ومتى ترتاح أو تتناول غذاءها، ولو أنهم الغوا تلك الساعة بحيث تحذف ساعة من الدوام الرسمي لكان ذلك أفضل للجميع، خاصة وان المراكز غير مهيأة ان تبقى بها الموظفة لساعات طويلة، فوضعنا لا يشبه بأي حال وضع المستشفيات ففي المستشفى هناك أماكن مهيأة لتناول الغذاء والصلاة، حيث نجد في كل مستشفى مطعماً ملحقاً تتوفر به مختلف الاطعمة للموظفين، وهذا ما يوفر وقت الموظف ويزيد من فرص راحته واختياراته، أما نحن فللاسف الشديد لا نملك غرفة نستطيع ان نتناول بها أي شيء خلال ساعة الراحة الا غرفة الانتظار الخاصة بالمرضى، وهي مسألة غير مقبولة بالطبع، وهذا يؤكد على عدم تهيئة المراكز لمثل تلك القرارات، وهنا أود أن أتوجه برجاء لوزارة الصحة ان تحاول ان تدرس وضع المراكز والموظفين قبل اصدار أي تعميم أو قرار لكي تتعرف على مدى ملاءمة تلك القرارات مع بيئة العمل. يجب أن نؤجر عليها ثم التقينا مع موظفة اخرى تعمل في أحد المراكز ومنذ ما يزيد عن التسع سنوات، شكت قائلة: منذ صدور القرار وأنا في حالة غضب شديد فكيف نعمل عشر ساعات كاملة مع ان ذلك مخالف للعقود التي وقعناها مع الوزارة، ولقانون العمل والعمال، ويكفي أننا كنا نعمل تسع ساعات كاملة من غير ان نتذمر وبشكل واضح وعلني - كما يحدث الآن - ومن المفترض ان يحسب لنا ذلك الوقت كعمل اضافي نؤجر عليه، أو كبدل راحة بحيث أجمع تلك الساعات وآخذها كيوم اجازة، مع العلم ان هذا النظام يطبق على العاملين بالمستشفيات ولا أفهم لماذا نعفى منه. ونحن ومن خلال جريدة «الرياض» نطالب المسؤولين بأن نعمل ثمان ساعات فقط، وما زاد عن ذلك فهو اختياري بالنسبة للموظفة وتؤجر عليه. نحن أولى كما تحدثت احدى الاخصائيات والتي قالت: نحن للاسف نعاني كثيراً من عدة أشياء أبسطها ان الوزارة توصي بأن نعمل حملات توعوية للتشجيع على الرضاعة الطبيعية، ونحن كأمهات وعندما نعود من اجازة الأمومة ونظراً لطول ساعات العمل نحرم من ارضاع أطفالنا، مع العلم ان النظام يعطي الأم المرضعة ساعة رضاعة تأخذها بشكل متقطع طوال فترة العمل، تطعم أثناءها رضيعها، لكن للاسف لا تأخذ الموظفة تلك الساعة إلا إذا كان مديرها متفهماً لوضعها، رغم ان القانون يعطيها ذلك الوقت فهو حق لها ولوليدها. كما ان وجود حضانة لاطفالنا مطلب ضروري وحقيقي، فابنائنا تعتني بهم الخادمات طوال الوقت، وهذا سوف يفرز جيلاً يعاني من خلل اجتماعي وهو وضع مؤلم جداً، وأتمنى ان ينظر لتلك المسألة بشكل موضوعي وإنساني. التكليف والبدلات وعلقت اخرى بقولها: نحن نلمس حرصاً حقيقياً من جميع الجهات على راحة المواطن وهذا يدل على وعي كبير واحساس بالمسؤولية، فمشاكلنا كموظفين كثيرة ويكفي نظام التكليف والذي تقوم وزارة الصحة بموجبه بتكليف الموظف بالعمل في مركز آخر به نقص في الموظفين، مع العلم ان المركز الذي يعمل به اساساً يعاني من نقص، وهذا النظام غير مناسب بالنسبة للمرأة حيث لا يخفى على الجميع خصوصية وضعها في المجتمع، فخطوتها محسوبة وقد لا يكون لديها من يقلها إلى المكان الذي كلفت للعمل به خاصة إذا كان بعيداً عن مكان عملها أو بيتها، لذلك يجب ان يكون التكليف بناء على رغبة الموظفة نفسها وليست عملية اجبارية. واستطردت حديثها: أنا دائماً ما اتساءل لماذا لا يساوى الموظفون العاملون في المراكز الصحية مع الموظفين في المستشفيات رغم اننا على نفس الراتب وعلى نفس السلم الوظيفي لكن وضعهم مختلف تماماً فهم يتمتعون برفاهية إذا ما قورنوا بنا، وقد يقول قائل انهم يعانون من ضغط عمل مقارنة بالعملفي المراكز ، وردنا اننا على استعداد للعمل بشكل كبير وكما يتطلبه العمل نفسه، لكن أتمنى ان تخفف ساعات عملي كما في الموظفين في المستشفيات، كما انهم متميزون عنا بأمور كثيرة منها البدلات على سبيل المثال، فهناك بدل خطر، وبدل عدوى، وبدل الخطر يصرف للعاملين في قسم الاشعة، أما بدل العدوى فيعطى للعاملين بقسم المختبر، وفي رأيي يجب ان تصرف تلك البدلات لجميع العاملين في الكادر الصحي. فالموظفون يغطون مكان بعضهم البعض في حال وجود أي نقص في المركز، ومن الطبيعي ان كل من يعمل في هذا المجال معرض للمرض فقد يكتسب العدوى من أي مريض وبسهولة. تطوير الموظف وتحدثنا مع واحدة من الطبيبات العاملات في احدى المراكز فقالت: لا يخفانا ما للتدريب من أثر على رفع كفاءة الموظف وبالتالي جودة ادائه، ولذا نأمل أن تلتفت الوزارة لتلك النقطة الهامة ويجعلوا التدريب من الاولويات، فارسال أي شخص لدورة تدريبية يتبع لمزاجية مديره أحياناً، ولا يستطيع الموظف أن يخرج لأي دورة إلى إذا اتى التعميم من الوزارة ومن ثم ينتظر حتى تأتي الموافقة، وقد تنتهي الدورة ولا تأتي تلك الموافقة، وبالطبع قد تلعب البيروقراطية والروتين الوظيفي دوراً هاماً في تعطيل الموظف، فبعد أن يبلغ المدير عن دورة ما يقوم باختيار موظفين لكي يحضروها، ثم يرفع خطاباً للوزارة فينظروا حتى تأتي الموافقة، ومتى أتت الموافقة يبدأ في البحث عن بديل للموظف، وكأنك تدور في حلقة مفرغة، وبالنسبة لمركزنا فلم تتمتع أي موظفة بالالتحاق ولا بدورة تدريبية واحدة، حتى إن بعضهن يعملن منذ ما يزيد عن اثني عشرة عاماً ولم تسنح لهم تلك الفرصة بعد. ومن وجهة نظري فنحن نحتاج أن تحل تلك المشكلة عن طريق الترشيح الاجباري للدورات، فالدراسة الصحية مجال متطور وليس ثابتاً يحتاج إلى متابعة مستمرة، وطبيعة عملنا الذي يمتاز بالركود يجعلنا ننسى معلومات كثيرة، وعالم الطب مليء بالأجهزة والمعدات المتطورة، والأبحاث الحديثة والتي تحتاج إلى معرفة عن قرب وليس بمعلومة اتلقاها عبر وسيلة من وسائل الإعلام مثلاً، بل عبر تدريب عملي، استطيع ان أجني ثماره الحقيقية، فالتدريب أساسي لأي موظف ناجح. فكرة جديرة موظفة اخرى حدثتنا بقولها: أتوقع ان الدكتور المانع ظن انه ومن خلال التعميم الجديد - والذي صدر مؤخراً - يهدف لصالح موظفي المراكز الصحية فالعمل وعلى فترتين متعب جداً ويقضي على يوم الموظف، أما الدوام الواحد فبه ايجابيات متعددة وسلبياته بسيطة يمكن حلها بأساليب فعالة وغير معقدة، وأقترح ان نعمل ثمان ساعات متواصلة والساعتان الاضافيتان الاخيرتان من يوم العمل تكون مناوبة بين أطباء وطبيبات المراكز، وتكون المناوبة بالتنسيق بين مدير المركز والأطباء والممرضات. كما ونرجو ان توقع وزارة الصحة مع القطاع الخاص عقوداً تسمح من خلالها بافتتاح مطاعم صغيرة في المراكز الصحية بحيث تضمن الموظفة وحتى المريضة المراجعة وجود طعام جيد.