رأيتُ دعوات بترشيد استهلاك لحوم الأضاحي. واشتكى الأهالي ويشتكون وسيشتكون في المستقبل من أسعار الأضاحي. وأكثر من اشتكي – فيما سمعت – هم ألئك الملتزمون بوصية أضحية لميّت، مقتطعة من " وصية " والمفردة اقرب مايكون معناها لوارد مستمر من دكان أوغيره، ولها تفسيرات ورخص شرعية ليس بمقدوري الخوض فيها، وبتفاصيله التي يعرفها المشايخ ويستطيعون الإجابة عن استفسار من يسأل عنها. واعرف عن دكان – فيه ضحية – لا مورده ولا منفعته المالية يمكنها مواجهة سعر الضحية التي أوقفها ذاك المرحوم الكريم في زمن كان سعر الخروف لا يتعدي ريالات محدودة. والآن كما تتحدث الحال، لا سعر واردا الدكان أوفى ، ولا أثمان الخراف احتفظت بسعر ذلك الزمن . لكنني اجزم إن شاء الله أن التسهيل لطالب الخير وإبراء الذمة موجودة . لكون الأضحية باباً من أبواب البر بالموتى من الوالدين والأقارب. وكانت الأضحية تحمل معها مصادر حركة تجارية في القرية أو المدينة. يتمثل ذاك بعطاء من نوع آخر من جلودها وأصوافها وأوبارها " وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ" . واعتاد الناس الاحتفاظ بلحوم الأضحية ودهونها لاستعمالات منزلية وغذائية في أيام قادمة. فصبّروا اللحم بالملح، ليتمكنوا من استهلاكه لفترة طويلة. وكانت أدق وسيلة لإطالة الصلاحية في اللحوم هي الإكثار من الملح. وهيأوا وسائل دبغ الجلود وجمع الأوبار والصوف . ويفرح الصغار بجمع أعظم الكعب ( ويسمونها الكعابة ) لون من ألوان اللعب تدوم معهم، وفيها العديد من مباريات لها أنظمتها وقوانينها. ويُعطي كل رأس اثنين من" الكعابة " يُصار تنظيفها من اللحم، والدسم وغسلها وجعلها صالحة للتداول بين الصغار. ورأوها في ذلك الزمن " عملة صعبة " لندرتها أو عدم وفرتها على مدار السنة، وعيد الأضحى تقريبا هو الفرصة. وانتشار لعبة الكعابة ليست عندنا، فقد وُجدت بين ألعاب الصغر في عدد من البلدان وبالأخص الكويت .