افتتح توماس فريدمان كتابه هذا ما كناه ((That used to be US بمقولة الرئيس الأمريكي باراكا أوباما: تمتلك الصين نظام سكة حديد أفضل منا وتمتلك سنغافورة أفضل مطارات منا وللتو علمنا أن الصين طورت أسرع حاسوب في العالم وهو ما كنا سابقا. عند البحث عن أسباب ريادة الولاياتالمتحدة منذ الحرب العالمية الثانية نجد وبلا أدنى شك أنها ارتكزت على العلم وتهيئة المناخ الملائم للعلماء والمبدعين للإنتاج والابتكار وكذلك الإنفاق على البحث العلمي وبرامج الاكتشافات العلمية وما يؤكد ذلك الإنفاق الأمريكي السخي على برامج الفضاء حيث أنفقت الولاياتالمتحدةالأمريكية على وكالة الفضاء الأمريكي ناسا بين العام 1985م والعام 2011 أكثر من 526 مليار دولار بمعدل 9 مليارات دولار سنوياً وهو ما يكشف أهمية الإنفاق على الأبحاث العلمية وأهميتها في ريادة الأمم. إن ريادة الأمم لا تقف عند حد الإنفاق على الأبحاث والتطوير على أهميتها بل صناعة البيئة المجتمعية الحاضنة للإبداع والابتكار وهو ما يبرر قيام الولاياتالمتحدة بتجنيس العقول المبدعة ما مكنها من صناعة بيئة وطنية جاذبة للإبداع والمبدعين وهو ما يبرر نجاح العديد من العرب والآسيويين في أمريكا أكثر من بلدانهم الأصلية ما حقق لها ريادة عالمية وهو ما يعني لنا أهمية تكثيف عمليات تجنيس العقول المبدعة من مختلف أنحاء العالم وصناعة البيئة العلمية والعملية التي تمكنهم وأبناء المجتمع من الاستفادة من تلك العقول والمساهمة في عملية التطوير والبناء إضافة إلى استنساخ تجربة جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية إلى مختلف الجامعات السعودية لضخ الثقافة الحقيقية للأبحاث والتطوير وتفعيل دور الجامعات ومختلف المؤسسات البحثية في الأبحاث والتطوير لتنعكس على التنمية والمجتمع. عوامل أخرى جديدة ظهرت مؤخراً على السطح بشكل فاعل تسهل للدول الريادة وأخرى الانغماس في مزيد من التخلف وتغيير مواقع القوى عالمياً اقتصاديا وسياسيا لتنعكس على مجالات الثقافة والتواصل بين الأمم وهو ما يمكن تلخيصه بثورة المعلومات التي شكل الإنترنت حجر ارتكاز رئيس في التحول وكذلك العولمة ما مكن الصين من إحراز تقدم على مستوى جذب رؤس الأموال وكذلك تطوير كوادرها البشرية والاستفادة من الخبرات العالمية والتقنية وتوطينها وهو بكل تأكيد ما مكنها من التقدم في مجال الإنفاق على الأبحاث والتطوير لتتجاوز اليابان لتكون بعد الولاياتالمتحدة في الانفاق على البحوث الصناعية والتطوير حيث ارتفع الاستثمار الصيني في البحوث الصناعية والتطوير إلى 8.2 بالمئة من الإجمالي العالمي بعدما كان 2.2 بالمئة فقط في 1993م - بحسب تقرير المنظمة العالمية للملكية الفكرية التابعة للأمم المتحدة - متجاوزة العديد من الدول الأوروبية المتقدمة وهو ما يمكنها من المنافسة العالمية ويحقق لها تطلعاتها بجمع عينات من المريخ بحلول 2030 بحسب ما نقلت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" عن كبير علماء مشروع المسبار القمري الصيني، ما يعني إدراك الصين الدرس الأمريكي أن جوهر التقدم لا يتحقق إلا بالإنفاق على الأبحاث والتطوير وهو ما يجب على الولاياتالمتحدة المحافظة عليه وهو ما يحتم علينا ترسيخ أسباب ريادة الأمم في قلب المجتمع وعقل التنمية وإطلاق مشاريع بحثية تساهم في تنويع قاعدة الإنتاج الوطني وتطوير برامج بحثية تساهم في ريادة المملكة وفي تطوير مسيرة الإنسانية.