عفواً على السؤال.. ولا يُفترض أن يحتمل التدخل في خصوصيات الآخرين، أو يفهم كذلك، وإنما هو جواب لوجوه كثير من الرجال التي نراها متعبة ومثقلة بالهموم.. فكان السؤال أعلاه أحد الاحتمالات.. ولكن ربما يكون هناك أسباب أخرى. ويبقى سؤال نصف إجابته "مجاملة"، والنصف الآخر ربما "حقيقة"، وفي كلتا الحالتين يبقى الجواب غالباً "مرتاح"؛ إلاّ إذا كانت الإجابة من دون أن يعرفك أحد -مثل استطلاع الرأي-؛ فقد تكون الإجابة مغايرة، ويعبّر عنها القلب أكثر من اللسان، وهنا تكون المعاناة أكبر؛ لأن الحياة لم تعد إجابة عن سؤال عابر، وإنما واقع، وربما قدر إلى نهاية العمر. لا تجب ب(لا) بعد هذا العمر وتكتفي بالصبر و«ما خفي كان أعظم»! ويرفض كثيرون السؤال الخفي "مرتاح مع زوجتك"، ويعدونه مزيجاً من "التطفل" و"التنكيد"، حيث يسعى البعض بحسن نية أو بغيرها إلى إزعاج الزوج وإحراجه بسؤاله عن حياته الخاصة، ويزداد الأمر سوءاً إن كان هذا السؤال في مجلس عام أو بين زملاء العمل؛ بقصد الاستفزاز. إجابة عامة وقال "عبدالله المحسن" -متزوج من بضعة أشهر- إنّه يعتبر حياته الخاصة خطاً أحمر، وليس من حق أحد أن يتدخل فيها أو يسأل عن مدى إرتياحه أو تعبه، فكما لا يحب أن يسأل أحداً عن حياته الخاصة لا يحب أن يوجه إليه هذا السؤال، مضيفاً: "طبعاً لكل شخص مقامه لدي، فللبعض أكتفي بالإجابة بحمد الله، بحيث تكون إجابة عامة، لا أضطر لتفصيل محتواها للسائل، بينما يختلف الأمر لو سألتني الوالدة أو الوالد فأجيبهم بما يريح قلبيهما، ولكن كما قلت خصوصياتي ملكي وحدي". مرتاح ونص! وبيّن "ظافر المسفر" -متزوج منذ ما يقرب العام والنصف- أنّ عدم إنجابه وزوجته لأطفال ساهم في تكرار السؤال على مسامعه؛ مما جعله يعتاد على نمط الدعابة بالإجابة، حيث يرد :"جداً، مرتاح ونص، زوجتي كل يوم عروس.. ليش ما أرتاح؟، إذا ماارتحت بخليك تدور لي عروس"، معتبراً أنّ هذا السؤال غير مناسب، خصوصاً إذا لم يشتك الزوج او يتذمر أو حتى يلمح لمن حوله بعدم إرتياحه مع زوجته، موضحاً أنّ حرص الأهل الزائد يكون سبباً في بداية التدخل بالعلاقة الزوجية وأحياناً تخريبها. الراحة بين الزوجين تبدو واضحة امام الأخرين رد صامت وأوضح "أحمد العلي" أنّه يكتفي بالصمت في رده على هذا السؤال المحرج، مبيناً أنّه في حال كان السائل زميلاً بالعمل أو شخصاً علاقته به شخصية يستنكر منه ذلك، مفيداً أنّ البعض يعمد إلى طرح هذا السؤال وسط المجالس العامة رغبة منه في إحراج الزوج، معتبراً أنّ الأمر يعود إلى شخصية الشاب، فإذا كان من النوع الرسمي في تعاملاته فلا أحد سيفكر بطرح هذا النوع من الأسئلة المتعلقة بحياته الخاصة. موقف صارم وكشف "خالد الناجي" أنّه تلقى تعليقات محرجة من زملائه بالعمل، فقد كان أول موظف يتزوج، ولأنّه من النوع "المزوح" معهم لذلك تجرأ الكثير من الزملاء عليه بعد الزواج، ظنناً منهم أنّه سيبقى كما كان عليه قبل الزواج، ولكنّه تغيّر، مبيناً أنّ هناك أموراً لا يجب أن يتم الخوض فيها ولها خصوصيتها، موضحاً أنّه قد ساعده في تلافي الإحراج أحد زملائه الذي تزوج بعده بثلاثة أشهر، وقد كان موقفه صارماً مع الزملاء الفضوليين، حيث أعطاهم محاضرة بآداب السؤال؛ مما جعلهم يُنهون الحديث في هذه المواضيع منذ ذلك الحين. عادة واطمئنان ورأى "سامي اليوسف "أنّ الأصدقاء والزملاء والأهل قد يسألون الزوج من باب العادة والإطمئنان وليس التطفل أو الفضول"، مضيفاً: "هناك في حياتنا اليومية العديد من الأسئلة التي نرددها يومياً بدون انتظار إجابة معينة، وهذا هو الحال خاصة مع أهلنا أو أصدقائنا، ولو لاحظنا بأنّهم لا يتوقفون عند هذا السؤال كثيراً، حيث يسألون أكثر من سؤال في وقت واحد"، مبيناً أنّه يرد على من يسأله بحمد الله ومعاودة السؤال. محط اهتمام وأشار "عبدالعزيز الأسعد" إلى أنّه يعتبر السؤال في هذا الموضوع عادياً، مفضلاً الإجابة التقليدية، خاصةً وأنّ السائل يريد أن يعرف مدى رضا الشخص عن حياته الجديدة، وهل لها أي تأثير عليه بالمدة القصيرة التي قضاها، مبيّناً أنّه يفرح إذا ما سأله أحدهم هذا السؤال ولا يشعر بالضيق، لأنّ يهتم لأحواله وأموره، حيث إنّه يحب أن يكون محط اهتمام أهله وأقاربه، مستدركاً: "لكن بالطبع مع حفظ خصوصياتي لحياتي الزوجية، وليس كل ما يحدث يقال". تطفل مزعج وقال "د.منصور العسكر" -أستاذ مشارك في علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية-: "ضمن إطار التحول الاجتماعي الذي تعيشه الأسرة السعودية قضايا الزواج ومستجدات الحياة اليومية، فقد كان في الأجيال الماضية قرار الزواج بيد أسرتي الزوج والزوجة، وقد لا يرى الزوج زوجته إلاّ ليلة الزواج، لذلك كان السؤال (هل أنت مرتاح مع زوجتك) كنوع من الإطمئنان على الحياة الجديدة، وكان للإجابة عن هذا السؤال أهميته، أما اليوم فقد اختلف الوضع مع الانفتاح الكبير، حيث نرى أنّ الزوج لا يقدم على الخطبة إلاّ وقد عرف كل شيء عن عروس المستقبل، وهناك رؤية شرعية يتبعها مكالمات بالهاتف لتقريب وجهات النظر، فلا يكون الزواج إلاّ بعد التوافق في الأفكار والانسجام بين العريسين، لذلك فالسؤال لا يكون إلاّ من باب المجاملة أو الفضول أو حتى الإحراج من قبل الأصدقاء أو الزملاء"، مشدداً على أهمية أن يكون السؤال بصيغة أخرى تحمل للزوجين الدعاء بالتوفيق دون الدخول بالخصوصيات والتطفل المزعج. وأضاف: "هناك عوائل تسأل أبناءها هذا السؤال من باب الإطمئنان وأحيانا العادة؛ بحيث لا ينتظرون إجابة محددة، لأنّ الابن هو من سيأتي لطلب مساعدتهم لو كان غير مرتاح، ولا ينتظر أن يسأله أحد حتى يجيب عن هذا السؤال"، ناصحاً الشاب المتزوج حديثاً بحفظ خصوصياته وعدم إفشائها لكل أحد حتى لو كان من الأهل، فقد نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- من حديث الرجل بما تم بينه وبين أهله، إلى جانب ضرورة وعيه أنّ الحياة الزوجية لها حرمتها وقداستها، وقد اختلف الوضع عن حياة العزوبية، فما كان مسموحاً به في السابق أصبح ممنوعاً بالحياة الزوجية، فالحياة أصبحت مشاركة وما يخصه لم يعد ملكه وحده، بل تشاركه فيه إنسانة اختارها بكامل إرادته.