تسيطر هالة من الذهول والخوف في الشارع التونسي بعد تسريب فيديو مصور سرّا لإجتماع جمع زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي بمجموعة من السلفيين أبرز فيه الغنوشي منهجه في حكم حركته للبلاد الذي يرمي الى اقامة "الخلافة الإسلامية" في المستقبل وأشار في حديثه الى أن الهاجس الذي يؤرقه حاليا هو كيفية السيطرة على مفاصل الدولة من إدارة وإعلام وجيش وشرطة التي مازالت بيد العلمانيين المتغلغلين - حسب قوله - في دواليب الدولة ... وطمأن الغنوشي السلفيين حول منهجه في اقصاء العلمانيين على مراحل وبهدوء وبالترفق وعدم الاستعجال وطلب راشد الغنوشي في هذا الفيديو أن يتحلى السلفيون في تونس بالصبر والروية وأن يقتنعوا بمكاسبهم الحالية وأن لا يفرطوا فيما تحقق لهم في انتظار تدعيمه في المستقبل داعيا إلى أن يلتزموا بسياسة المراحل وان يقتنعوا بكل مكسب يتحقق ويؤمّنوه - وأدخل يده في جيبه - في انتظار تدعيمه مستقبلا.. كما تحدث الغنوشي عن عدة مسائل كتطبيق الشريعة والغاء مجلة الأحوال الشخصية ودوافع تمسكه بالفصل الأول من الدستور الجديد - الذي يتم إعداده حاليا - واستبعاد فصل ينص على اعتماد الشريعة كمصدر أساسي للدولة.. مؤكدا أن حركة النهضة تستطيع أن تسن أي سياسة اسلامية بناء على البند الأول من الدستور إذا كانت قوية.. مبيّنا انه لا بد من توعية الشعب بأحكام الدين وأمور الفقه وبالتالي سيطالب الشعب بالشريعة في مرحلة ثانية.. وعن مجلة الأحوال الشخصية التي تتعارض بعض فصولها مع الشريعة قال الغنوشي أن القانون يفسره القوي فيمكن أن نفسر نحن هذا القانون فنأخذ منه أشياء ونضع اشياء. تسريب هذا الفيديو الذي تم تداوله على أوسع نطاق سرى كسريان النار في الهشيم وتعالت الصيحات والاحتجاجات من كل حدب وصوب وعمّ الاحتقان الساحة السياسية التي تأكدت بما لا يدعو للشك من ازدواجية خطاب حركة النهضة وتضارب آراء وأقوال رموزها وأفعال أنصارها فهي تبدي تفهمها في العلن وتأتي نقيضه في السر تبعث برسائل للتهدئة وتدعو أنصارها للتصعيد ترفع راية الوحدة وتصر على الإقصاء تأمر بمحاربة الفاسدين وتضعهم في مراكز القرار.. مفارقاتها غريبة وعجيبة فحتى هذا الفيديو المسرب سرّا إعتبره رئيس المكتب السياسي للحركة علي العريض "مفبرك " تقف وراءه اطراف خبيثة تبث البلبلة والفوضى.. في حين أكد مكتب راشد الغنوشي لوكالة " رويترز" صحة الفيديو وأنه يندرج ضمن محاولات الشيخ في إقناع السلفيين بالعمل السلمي والمشاركة في الحياة في تونس بعيدا عن العنف.يأتي تكذيب راشد الغنوشي لتصريحات المسؤولين في دائرته ليؤكد التخبط الذي تعيشه الحركة في هذه الفترة الحرجة قبيل أيام قلائل من الذكرى الأولى لصعودها الى سدة الحكم.القضية باتت تهدد بتفكك الائتلاف الحاكم وتوحد كل أطياف المعارضة لمواجهة المخطط (النهضاوي).