انتهى اليوم الوطني .. والكل عبر عن شعوره بهذه المناسبة الغالية بطريقته الخاصة .. هناك من فرح!! هناك من سافر!! وهناك من استمتع بالأجواء الاجتماعية الجميلة .. والأهم من ذلك أن هناك من تمنى أن يكون الفرح والتعبير والسعادة بطرق أخرى!! في مقال الأسبوع الماضي قلت إننا اليوم في هذا الوطن نحتاج إلى احتفال مختلف .. وإلى تعبير مغاير.. هذا الاحتفال الذي ننشده سهل تحقيقه وتنفيذه .. بل من المؤكد أنه لو تحقق سيكون احتفالاً مرضياً لكل أبناء الوطن .. وسيكون مغايراً لكل احتفال سابق بهذه المناسبة!! نحتاج اليوم إلى مراجعة وإلى دراسة وإلى تقييم حقيقي وصادق ووطني مخلص لكل ماعملناه وما تم في هذه المناسبة ومن كافة الجوانب .. هل حققت هذه المناسبة كل الأهداف والمعاني التي ننشدها فعلاً وعملاً من هذا اليوم المميز في مسيرة الوطن!؟! الإجابة طويلة .. تبدأ من تقييم كافة فعاليات هذه الاحتفالات إعلاميا واجتماعياً في كل المواقع.. في مثل هذه المناسبة البرامج الإذاعية والتلفزيونية المكررة في نوعيتها وفي مضمونها .. وترديد الأغاني والأناشيد الوطنية .. وزحام الشوارع وحمل الإعلام " وهجولة " الشباب في الميادين .. وصدور كميات من الملاحق الإعلانية في الصحف المحلية تمثل أبرز معالم الفرحة بهذا اليوم.. هذا اليوم أصبح نهاره نوماً، وليله سهراً في المطاعم وفي المقاهي والدوران في الشوارع !! كل ذلك لا خلاف عليه لأنه أصبح المتوقع وأصبح المجال الوحيد المعتاد للتعبير عن هذه المناسبة وهذا اليوم .. ولكن هذا لانريده أن يطغى كلياً على احتفالنا وفرحتنا بهذا اليوم.. ومن غير المنصف أن نختزل أهمية هذا اليوم الوطني في هذه الفعاليات فقط ؟! نحن اليوم في هذا الوطن نملك ولله الحمد إمكانات كبيرة تجعلنا قادرين على صنع احتفال مغاير ومختلف .. ومميز عن كل ما سبق في السنوات الماضية .. ولا يجب أن نعتمد فقط على أرشيف السنوات الماضية ونعيد ونكرر!! وبالتالي يكون احتفالنا ارتجالياً وفوضوياً ومن صنع الساعات الأخيرة وناتج (فزعة) اللحظات المتبقية على موعد الفرح.. الاحتفال الحقيقي الذي ننشده هو أن ندرك أولاً معنى الاحتفال .. وما المقصود به .. وما هو الهدف منه .. وقبل ذلك كله من هم القائمون على صنع هذه الاحتفالات هل هي لجان متخصصة متفرغة .. أم هم أشخاص يقدمون اجتهادات منسوخة ؟! أسئلة مهمة .. لكن الأهم اليوم أننا في حاجة عاجلة إلى وضع "استراتيجيات" عليا لهذه المناسبة موجهة إلى الأجيال الحاضرة والقادمة خاصة .. وتكون قادرة على ربط الماضي مع الحاضر مع المستقبل لهذا الوطن الغالي !! اليوم الوطني هو يوم وفاء لأجيال الماضي .. ويوم شكر لأجيال الحاضر .. ويوم عمل للأجيال القادمة .. لذلك فإن احتفالنا بيوم الوطن يجب أن نرتقي به إلى ماهو أكبر من القصائد النبطية المتكررة وأكبر من الإعلانات الإعلامية وأبلغ من ترديد الأغاني والأناشيد في الشوارع وفي الإذاعات .. نحتاج إلى تكريم ووفاء سنوي لكل المخلصين والمبدعين والمفكرين والناجحين والمتميزين حاضراً وماضياً في كل المجالات وفي كل التخصصات رجالاً ونساءً وشباباً وجهات حكومية وشركات ومؤسسات وبنوكا !! نتطلع إلى أن يكون هذا اليوم يوم فخر سنوي للانجاز والعمل الصادق الوفي المتميز لكل المسؤولين والجهات الرسمية.. اليوم الوطني هو يوم محاسبة ذاتية يعرف من خلاله الوطن والمواطن كل من اخلص في مسؤوليته الوطنية وفي عمله.. اليوم الوطني يجب أن يكون يوم وفاء ويوم تكريم ويوم شهادة ويوم عرفان لكل من خدم هذا الوطن عملاً وقولاً .. رجالاً ونساءً وشباباً في كل المناطق والمدن والمحافظات .. مواطنين وحتى غير مواطنين.. أشخاصا أو جهات رسمية أو غير رسمية .. في الداخل أو في الخارج نحتاج إلى أن نجعل من هذا اليوم يوماً تاريخياً سنوياً مرتقباً للوفاء والتكريم لا يوماً للإجازات والهروب إلى خارج الوطن براً وبحراً.. نملك القدرات لتحقيق ذلك .. ونتفاءل إن شاء الله أن احتفالنا بهذه المناسبة في الأعوام القادمة سيكون مختلفاً !! هنيئاً لك أيها الوطن العزيز وهنيئاً لنا بهذا اليوم .. وتحية شكر وعرفان لأجيال الوطن الماضية التي صنعت لنا هذا الوطن وهذا التاريخ المشرف بقيادة الموحد عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ورجاله المخلصين يرحمهم الله ومن بعدهم ممن أفنوا أعمارهم في سبيل هذا الوطن وستبقى ذكراهم وتاريخهم في قلوب الأجيال !! وسيبقى هذا الوطن إن شاء الله شامخا دوما بعقيدته وبقيادته وبأبنائه المخلصين..