بتاريخ 1372ه تقريباً هبط الملك عبد العزيز -رحمه الله- بطائرته الداكوتا في مطار الرياض قادماً من الطائف ومعه نجلاه صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبد العزيز -رحمه الله- وشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض ويصطحب جلالة الملك بعض مستشاريه وكان أهالي الرياض في استقبال الملك عبدالعزيز -رحمه الله- ومن ضمن بقية الشعب السعودي الذين جاءوا إلى المطار لحضور هذا الحدث الشاعر حويضر العازمي رحمه الله وقد رأى الشاعر أن ينظم قصيدة ترحيبية في هذه المناسبة ويتوجه بالترحيب للملك عبدالعزيز ومن معه من أنجاله ثم إن حويضر توجه لصاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبد العزيز -رحمه الله- بالثناء وكان عمره آنذاك لا يتجاوز السابعة عشرة سنة والمعروف عن الشاعر حويضر قدرته الفائقة على نظم القصيدة وقصيدته في معركة السبلة بعد انتصار الملك عبدالعزيز خير شاهد ودليل قاطع على ذلك حيث بلغت 300 بيت، وكان الشيخ حمد الحقيل رحمه الله تعالى يحفظها فقد سمعها منه ورواها عنه عندما كان الشاعر حويضر بالمجمعة ونشر منها عدة أبيات في كتابه عبدالعزيز في التاريخ، أما راوي هذه القصيدة فهو الراوية محمد بن عبدالرحمن بن يحيى رحمه الله في إحدى مخطوطاته الشعرية وابن يحيى يعد الأوحد الذي دون معظم أشعار وقصائد حويضر العازمي، فلقد عرفه في منطقة سدير ثم استقرا بعد ذلك بمدينة الرياض وسكنا في حي واحد شمال شارع السبالة ولازال منزل حويضر قائم مبني بالطين بحي السبالة غرب مسجد الضالع، كما أخبرني الأستاذ عبدالله ابن الرواية محمد بن يحيى وفقه الله وتوفي حويضر بمدينة الرياض عام 1378ه رحمه الله ودفن بمقبرة السبالة . الأهالي يلاحقون الطائرة عند هبوطها بالمدرج حتى تقف اما قصيدته في مناسبة قدوم الملك عبدالعزيز بالطائرة ومعه أنجاله فمنها قوله: هلا بالي لفوا في الطايرات هلا بهم عدد عشب النبات وعدد ماهل مامور السحاب وعود ما ذعذعن الذاريات وعدد حي علي الدنيا يسير وعود سفن البحور الجاريات وعدد طير بجنحانه يطير وعود مازرفلن الموجفات أهلي بالملك عبدالعزيز وعياله كاسبين الطايلات أهلي بالصغير وبالكبير وأخص اللي علومه طيبات صخي الكف أخو سطام ماجد خصاله من فعوله وافيات حوى المعروف والفعل الجميل صغير سن ما شلع سن النبات والجدير بالذكر أن قصيدة حويضر هذه قيلت بمطار الرياض الذي كان لا يتجاوز خيمة صغيرة ثم أصبح غرفة متواضعة ويحدثنا المؤرخ والكاتب الإعلامي يعقوب الرشيد قائلاً.. إن الملك عبد العزيز -رحمه الله- أمر الأستاذ عبدالله بلخير والشيخ ماجد بن خثيلة أن يختارا موقعاً مناسباً لمطار الرياض فذهبا إلى شمال قصر المربع وتجولا في مكان فسيح يستقلان سيارة ومكثا ساعات حتى استقر رأيهما على اختيار هذا الموقع الذي هو أساس ونواة مطار الرياض القديم الدولي، فذهبا إلى الملك عبدالعزيز أخبراه ووصفا له الموقع فوافق الملك على اختيارهما وذلك في أوائل 1940م أو بعدها بقليل ثم نصبت خيمة الموقع يقطنها حراس من الحرس الملكي ثم بعد ذلك شيدت غرفة صغيرة ويضيف الشيخ والمؤرخ يعقوب الرشيد قائلاً.. إن أحد وجهاء الوطن قال للملك عبدالعزيز يا طويل العمر ما أحب أنك تركب الطائرة أخاف عليك فقال الملك عبدالعزيز رداً عليه أنا متوكل على الله في الأرض وفي السماء ويتحدث المؤرخ يعقوب الرشيد عند ركوب الملك عبدالعزيز لأول مرة قائلاً إن الملك ركب الطائرة أول مرة في حياته عام 1364ه ومن بلدة عفيف وكان قد استقل سيارته من الرياض ومعه بعض وزرائه ومستشاريه فلما وصل عفيف إذ بطائرة قد هبطت على أرض عفيف قادمة من جدة، وكان قائد الطائرة شخص أمريكي كانت لي به علاقة وصداقة وأذكر أن جريدة الرياض منذ سنوات قد أجرت لقاء معه وهو من المعمرين في السن ولا أدري هل هو على قيد الحياة ؟ وبعدها بدأ هذا المطار يتطور شيئاً فشيئاً حتى أصبح مطاراً دولياً، وقد خدم هذا المطار مدة أربعين سنة وهو أول مطار يقام في نجد وهبط على أرض مدرجه الكثير من ملوك وقادة هذا العالم. الجدير بالذكر أن المؤرخ يعقوب الرشيد كان مسؤولاً ومنسقاً بشركة بكتيل الامريكية التي تتولى شؤون وصيانة القصر الملكي بالمربع ومترجم بالديوان الملكي، وقد التحق بالديوان منذ مطلع السبعينات الهجري بعد تخرجه من الجامعة الأمريكية ببيروت ومن الطرائف التي يذكرها أستاذنا الراوية والمؤرخ يعقوب قائلاً: إن أحد الأشخاص ركب الطائرة الداكوتا من مطار الرياض ولم يجد مقعداً وأمره كابتن الطائرة بالنزول فرفض بحجة أنه مضطر للسفر وأنه سيجلس بدون مقعد، ولما لم يجد الكابتن حلاً لإخراج هذا الرجل قال له: إذا لم تخرج وأقلعت الطائرة سوف تسقط لأن حمولتها زائدة، فما كان من الرجل إلا أن ولى مسرعاً مدبراً ولم يعقب وضحك ركاب الطائرة من هذا المشهد ويقول المؤرخ يعقوب الرشيد: إن كثيراً ما أشاهد بعض الناس حينما تأتي الطائرة قادمة تريد الهبوط بالمدرج أراهم يسرعون نحو الطائرة يلاحقونها حتى تقف وهو منظر فكاهي وطريف في ذلك الزمن الجميل وهذه من الذكريات التي لا أنساها انتهى كلام الأستاذ يعقوب الرشيد. وبحق فإن لدى أستاذنا يعقوب الرشيد الكثير من الوثائق التي تختزنها ذاكرته عن تاريخ ونشأة الوطن.