شجبت منظمة التعاون الإسلامي ممثلة الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان نشر الفيلم المعادي للمسلمين بوصفه عملاً تحريضياً مقصوداً والذي يستهزأ من خلاله بذات المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، وتم تداوله على شبكة الإنترنت وما أعقب ذلك من ردود أفعال المسلمين في شتى البلدان . وأصدرت الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان على ضوء ذلك البيان التالي : تندد الهيئة، بشدة، بهذا العمل المشين والشنيع الذي يعد استخداماً سيئاً وغير مسؤول للحق في حرية التعبير الذي تنطوي ممارسته على واجبات ومسؤوليات، خاصة بمقتضى القانون الدولي للحقوق الإنسان بموجب المادة (19) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. كما أن النوايا الخبيثة الكامنة وراء هذا الفعل المستهتر واضحة وجلية بالنظر إلى توقيته وفحواه. إن الهيئة، إذ تؤكد مجدداً على الحق في التجمعات السلمية والتزام جميع الدول بضرورة دعمها وحمايتها. لتشدد على أن ممارسة هذا الحق يجب أن تتم، في كل وقت وحين، وفقا للقانون صوناً للأمن والنظام العام، وذلك طبقا لما تنص عليه المادة (21) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. وعليه، فإن الهيئة تشجب جميع ردود الأفعال العنيفة، ولاسيما العنيفة منها المتمثلة في قتل الأبرياء. وتذكر الهيئة بأن لكل إنسان حقاً متأصلاً في الحياة، ولا يجوز حرمان أي إنسان بشكل تعسفي من هذا الحق، وبأن الإسلام يعلمنا أن من قتل نفساً بغير حق فكأنما قتل الناس جميعاً، وأن قدسية الحياة البشرية مصونة في الإسلام. وتسجل الهيئة بقلق أن ذلك الفيلم ليس عملاً منفصلًا، بل هو حلقة في سلسلة للحملة المعادية للإسلام، وأن الغرض منه ليس فقط إيذاء مشاعر المسلمين عبر العالم، بل يروم كذلك تشويه الصورة الحقيقية للإسلام وتأجيج مظاهر التحقير والقولبة النمطية السلبية والوصم والتعصب والتحريض على الكراهية الدينية والعنف. وبالنظر إلى أن الدين عنصر من العناصر الأساسية لكل امرئ في تصوره للحياة ولهويته، فإن تشويه صورة الأديان يشكل بالنسبة للعديد من أبنائها تهجما مباشرا عليهم. وإذا ما قدر لهذه الحملة أن تستمر دون حسيب ولا رقيب، فإن من شأن ذلك أن يفسح المجال لتنامي مظاهر التعصب تجاه المسلمين وتقبله وشرعنة عملية فرض التدابير التمييزية والتقييدية والتشريعية والإدارية على حقهم في ممارسة فرائضهم الدينية في أرجاء مختلفة من العالم. وتشدد الهيئة على أن أعمال الترهيب بدافع التطرف، سواء كان دينياً أو غيره، تُسخَّر لوصم جماعات أو أناس ينتمون إلى دين من الأديان، وتشكل تعبيرا صريحا للتحريض على الكراهية. ونتيجة لذلك، فإن تشويه صورة الأديان لا يقتصر فقط على خلق حواجز نفسية تقوض القدرة على القيام بالفرائض الدينية وممارستها بحرية، خشية الإكراه والعنف أو الانتقام، مما يعيق التمتع بممارسة الحق في حرية التفكير والوجدان والدين، وهو أمر يمكن أن يفضي إلى حدوث نوع من التنافر الاجتماعي وانتهاك حقوق الإنسان. وتشدد الهيئة كذلك، في هذا الصدد، على أن اللامبالاة والتقاعس إزاء الاستفزازات والتمييز لا يمكن تبريرهما، سواء كانت ضد الإسلام والمسلمين أو ضد أي ديانة أخرى أو أتباعها. وتؤكد الهيئة أن الوضع الذي أفرزه هذا الفعل الدنيء يؤكد مجدداً مدى الحاجة الملحة لوفاء جميع الدول بتعهداتها كاملة في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان لمنع كل أعمال التحريض على الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية، التي تشكل تحريضا على التمييز والعدائية والعنف. ومما لا شك فيه أن أفعالاً من هذا القبيل من شأنها أن تضعف الزخم الإيجابي الذي تفرزه النشاطات الحكومية وغير الحكومية المختلفة، بما فيها تحالف الحضارات،التي ترمي إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة وتعزيز التفاهم والاحترام بين الثقافات والحضارات. ومن ثم، فإن الأمر يستلزم تجديد الالتزام الدولي بتعزيز التسامح والحوار والتفاهم على جميع الأصعدة. وعليه، تدعو الهيئة إلى ضرورة التنفيذ الكامل ، للخطوات التي حددها القرار التوافقي رقم: 16/18 الصادر عن مجلس حقوق الإنسان والقرار رقم: 66/167 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتقتضي الضرورة كذلك إنعاش الجهود الرامية إلى صياغة مدونة سلوك عالمية لوسائل الإعلام ووسائل الإعلام الاجتماعية لمنع بث المواد التحريضية التي تشكل انتهاكاً للمادة (19) من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية، وللمادة (4) من العهد الدولي لمناهضة التمييز العنصري. إن الإحياء الفوري لعملية حكومية دولية لإعداد معايير تكاملية لسد الفجوات التي تعتري عملية التنفيذ بهذا الخصوص، يعد أمرا لا غنى عنه. وتحث الهيئة كذلك مكتب مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان على إنشاء مرصد دولي يتولى مهمة رصد الأفعال المحرضة على التمييز والعدائية والعنف عبر العالم، ليكون بمثابة آلية إنذار مبكر تساعد الدول على الوفاء بالشكل الملائم بتعهداتها في إطار المادة (20) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. وتستحضر الهيئة قيم الإسلام السمحة، ولاسيما تلك التي ورد ذكرها في الآية الكريمة رقم (186) من سورة "آل عمران" التي تدعو المؤمنين إلى التحلي بالصبر ومخافة الله في مواجهة المحن والأذى والإساءة. وهي المبادئ ذاتها التي تدعو المسلمين كافة إلى الترفع والسمو بأخلاقهم. وتشدد الهيئة على أن هذا الاستفزاز المؤسف إنما هو تذكير بالضرورة الملحة لتضافر الجهود الدولية وإلى التحلي بالعزيمة القوية لتعزيز دفاعات السلم في عقول الرجال والنساء عبر العالم ولتعزيز التفاهم المتبادل لدحر المحاولات الشريرة لجميع فئات المتطرفين الذي يسعون إلى إشاعة الكراهية وانعدام الثقة.