لا تتوقف الاسئلة من طرح ألوانها كلما جاءت مناسبة اليوم الوطني. نحن نعيش زمن التعبير عن الذات والمفاهيم والمشاعر. لذا تبدو الافكار مثل كائن رفيق يلازمنا ليل نهار. يغلبنا فيها التوحد مع الاشياء، ونظل نتحدث وفي نفوسنا اكثر من صوت. ولا تتوقف اهازيج الاحتفاء الوطنية بالطبع، فهى التى تنعش الوجدان وتتوسم رسم المكان والتاريخ والانجاز والحلم. كلنا يدرك معنى ان يكون لنا وطن بهذا التميز التاريخى والايمانى، وكلنا يعبر، عاما بعد عام، تحديات بعض الاحداث وانحراف بعض الافكار من قبل بعض ابنائه التائهين، ولكننا رغم ذلك يغمرنا اليقين بعد كل مرة مواجهة او مشاغبة بأن الوطن يحتوينا جميعا فى رحلات نموه، وبأننا نعود اليه مهما ابتعدنا مكانا وتجربة وعلما، وبأن الشعور بالانتماء هو حاجة فطرية نحتاجها نحن قبل ان يحتاجها الوطن منا فهى اساس نركن اليه فى ركضنا الحياتي، والدفء الذي ندلف اليه حينما يهتف بنا الحنين، نبنى عليه احلام وتطلعات اجيالنا ونغفو فوق بنيانه آمنين. معادلة بسيطة تجد فيها انتماءات البشر لاوطانهم سواء أكانت اوضاعهم المعيشية متدنية الامكانات ام مزدهرة الانجازات. كلها تؤشر لانتماء يترجمه اهتمام ومحبة واحساس بالمسؤولية. غير ان البعض يخلط، دون قصد، بين ما يواجهه فى حياته اليومية من هموم وعراقيل، وبين احساسه بالانتماء للوطن. فتظلل صوره قتامة مؤقتة وحينما تعود نفسه لتوازنها يبدأ التأمل الوجدانى من جديد. هل من الممكن ان يعيش الانسان دون وطن ينتمى اليه ؟ بالطبع لا، ترى اين نحن الان من زخم المشاعر الوطنية واحلامها؟ هل نكتفى بالافكار والتفاتات الماضي وصور الحاضر المتباينة الملامح؟ يرى الكثير من متأملى الحراك الانسانى الذى بات يطبع مواقف الناس، أن بحثهم عن الافضل من ظروف الحياة، ومحاربة مواطن الفساد وملامحه، والاتجاه للتنوير الحضارى والعلوم العصرية وحلولها، والعمل الجاد وتقديم افضل ما لديه بأن ذلك صور من صور الانتماء والطموح مترجمة، بينما يظل هاجس الانسان والمجتمعات من كل ما يضر او يؤثر في أمن واستقرار الاوطان جهادا انقى وحلما يستحق العمل والتضحية من اجله. وحينما نسمع او نقرأ عن انجازات ابناء الوطن المتميزين نتأكد بأن دوافع الذات الانسانية وابداعها، بتوفيق من الله إنما هى ايضا جزء من هذه التربة والانتماء الجميل للوطن والحياة. يبقى ان نتذكر خصوصية وطننا وادواره الروحية تجاه الملايين من البشر وبوجود بيت الله الحرام ومسجد نبيه الكريم يظل عطاؤه واجبا ساميا كما هي رسالة الاسلام دين محبة وخير وسلام للعالم اجمع..