في الوقت الذي يعاني من خلاله المستهلكون من الارتفاعات المفاجئة لأسعار الغذاء، فانه يقدَّر الإنتاج العالمي من الحبوب الخشنة (الذرة الصفراء والبيضاء، والشعير، والدخن، والشوفان) بما يبلغ كلياً 1148 مليون طنّ، أي ما يقل بمقدار 17 مليون طنّ، أو 1.5 بالمائة، عن مثيله لعام 2011. ويعكس التراجع المتوقّع انخفاض محصول الذرة الصفراء على الأكثر، الذي انخفض إلى 864 مليون طنّ في عام 2012، وما يعادل 20 مليون طنّ أقل منذ عام 2011. ووفق تقدير توقعات المنظمة "الفاو" وعبر ايجاز صحفي، وفيما يتعلق بإنتاج القمح العالمي، فان هناك هبوطاً أيضاً من مستواه في شهر يوليو. وتُسقِط التنبؤات الخاصة بإنتاج القمح العالمي نحو 663 مليون طنّ في عام 2012، أي ما يقل بمقدار 15 مليون طنّ، أو 2 بالمائة، عن التوقّع السابق، والمقدر أيضاً أن تتراجع محاصيل القمح المنتج في الاتحاد الروسي بحدود 29 بالمائة إلى 40 مليون طنّ مقارنة مع عام 2011، بينما يظهر هبوط الإنتاج بشدة مؤكداً أيضاً في كازاخستان وأوكراينا، بحدود 47 بالمائة و37 بالمائة على التوالي. وعلى النقيض من ذلك يقدر أن إنتاج القمح الأمريكي سيتزايد بنحو 13.5 بالمائة إلى مستوى فوق المعدل الاعتيادي، بمقدار 61.7 مليون طنّ في حين ينتظر أن يغل الموسم حصاداً قياسياً لدى كل من الهند والصين. وقال المدير العام لمنظمة الفاو جوزيه غرازيانو دا سيلفا أن "الوضع باعث على الاطمئنان، وإن تعين استمرار المحاذرة، إذ حتى إن لم تكن مستويات الأسعار حالياً مسوغاً للحديث عن أزمة ممكنة إلا أن المجتمع الدولي عليه وبوسعه أن يتحرك لمزيد من تهدئة الأسواق". وكشف المؤشر الجديد عن أن الأسعار الدولية للحبوب والزيوت والدهون تحركت قليلاً في أغسطس، لكن أسعار السكّر هبطت بشدّة للتعويض عن الارتفاع الشديد في أسعار اللحوم والألبان. وحتى مع استمراره مرتفعاً فلم يزل مؤشر أسعار الغذاء حالياً دون ذروته البالغة 238 نقطة في فبراير2011 بمقدار 25 نقطة، ودون مستواه في أغسطس2011 بم قدار 18 نقطة، علماً بأن المؤشر يشكل مقياساً للتغيير الشهري في الأسعار الدولية لسلة السلع الغذائية الرئيسية. وزاد البيان: وبلغ متوسط المؤشر لأسعار الحبوب 260 نقطة في أغسطس، أي ما يعادل متوسطه لشهر يوليو، وعوضت بعض الزيادات في القمح والأرز عن الانخفاض في أسعار الذرة الصفراء. بينما أدت توقعات المحصول المتدهورة للذرة الصفراء في الولايات المتّحدة، والقمح في الاتحاد الروسي إلى احتدام أسعار الصادرات مبدئياً، لكن هذا التأثير ما لبث أن خفّ قبيل نهاية الشهر مع هطول أمطار غزيرة في المناطق المتضرّرة الأشد جفافاً بالولايات المتّحدة الأمريكية، وصدور إعلان عن أن الاتحاد الروسي لن يفرض قيوداً على التصدير. في حين عزز تجدد طلب الاستيراد من مستويات أسعار محاصيل الأرز. ولفت البيان إلى أن أحدث التوقعات تشير إلى تأزم لا يستهان به في ميزان العرض والطلب العالمي للحبوب خلال الموسم التسويقي لعام 2012 / 2013. ويبين موجز العرض والطلب للحبوب الصادر عن المنظمة "فاو"، مع الإصدار المحدث من مؤشر أسعار الغذاء، أن إنتاج الحبوب العالمي لن يكون كافياً لتغطية الاستخدام المتوقّع بالكامل في عام 2012 / 2013، مشيراً إلى تراجع في أرصدة الحبوب العالمية يفوق ما كان متوقعاً في وقت سابق. وإذ تطرح التنبؤات الأحدث من جانب المنظمة "فاو" لإنتاج الحبوب العالمي لعام 2012 ما يعادل نحو 2295 مليون طنّ، أي ما يقل بمقدار 52 مليون طنّ أو 2.2 بالمائة عن المتوسط المسجل في عام 2011، يلاحظ أن هذه التوقّعات ذاتها تأتي دون التقديرات في تقرير المنظمة "فاو" السابق لشهر يوليو بما يبلغ 4 بالمائة، وفيما يعكس تدهور إنتاج الذرة الصفراء على نحو يتجاوز التوقعات لدى الولايات المتّحدة بسبب الجفاف الخطير والواسع النطاق. وفي حالة السلع الغذائية الأخرى، سجل مؤشر المنظمة "فاو" لأسعار الزيوت والدهون 226 نقطة في أغسطس، بلا تغيير عن يوليو. إذ أن الزيادات في أسعار زيت فول الصويا وارتفاع تسعير عبّاد الشمس وزيوت بذور اللفت قابلها ضعف مستمر في قيمة زيت النخيل. وبلغ مؤشر سعر اللحوم 170 نقطة في أغسطس، أي ما يزيد بمقدار 4 نقاط، أو 2.2 بالمائة، عن يوليو. وارتفعت كلّ أسعار اللحوم لكن أغلب الزخم جاء من قطاعي إنتاج الخنازير والدواجن المكثفة. ويعقب ارتفاع الأسعار هذا في أغسطس ثلاثة أشهر متتالية من الهبوط. وسجل مؤشر أسعار الألبان 176 نقطة في أغس طس، أي ما يفوق بمقدار 3 نقاط، أو 1.6 بالمائة، مثيله لشهر يوليو. وينجم معظم الزخم الأخير في الأسعار عن مواصلة الطلب القوي على الاستهلاك مقروناً بقيود الإنتاج في المناطق المتضرّرة بالجفاف، وتكاليف الغذاء المتصاعدة عموماً. ومس مؤشر المنظمة "فاو" لأسعار السكّر297 نقطة في أغسطس، أي ما يقل بمقدار 27.7 نقطة، أو 8.5 بالمائة، عن يوليو، وبمقدار 97 نقطة، أو 25 بالمائة، عن أغسطس من السنة الماضية. لكن هذا الهبوط الشهري الحاد في أسعار السكّر يعكس توقعات إنتاج محسّنة وسط الأحوال الجوية الأكثر ملاءمة في البرازيل لا سيما لقصب السكر، وباعتبارها الُمصدّر الأكبر للسكر في العالم.