هناك نظرية إعلامية تسمى نظرية الأجندة الاعلامية مفادها أن وسائل الاعلام تحدد للمجتمع مواضيع بعينها تتناولها بالتحليل والأخبار حتى تصبح هي محور حديث واهتمام الناس فهي بذلك تكون حددت اهتمامات الناس أو وجهت الرأي العام نحو أجندة تريدها وسائل الاعلام وليس الرأي العام، وهذه الأجندة بطبيعة الحال تخضع لرغبات سياسية وتوجهات ايدولوجية معينة. ما يحدث في عالمنا العربي وفي اعلامنا هو شيء مشابه ولكن بدون تخطيط ونحن هنا نركز على القضايا الصحية والطبية والتي تركز عليها وسائل الاعلام وتبرزها على السطح مثل قضايا السمنة والرشاقة والتغذية والجمال، وتقدم التقارير تلو الأخرى، للأسف أن وسائل الاعلام هنا حين تقدم مثل هذه المواضيع هي تروج لمنتجات وأفكار غير دقيقة أو حتى غير صحيحة ولكنها تهدف إلى دفع المشاهد العربي نحو سلوك شرائي وهي بهذا تنفذ اجندات تجارية دونما التحقق من الضرر الصحي والمادي الذي سيعود على المشاهد الذي يتبنى سلوكيات شرائية لمنتجات او الذهاب لجهات صحية معينة يخرج علينا اطباؤها وأخصائيوها بنصائح وتحليلات مطولة. ولأعطيك دليلا أوضح قلما تجد برامج طبية متخصصة تتحدث عن مختلف الأمراض وتنشر الوعي والثقافة الصحيين وترفع من درجة وعي المشاهد حول مختلف الأمراض حتى لا يقع فريسة المتطببين والأدعياء، بينما في المقابل تجد عشرات القنوات التي تتخصص بكامل بثها الفضائي حول الأعشاب والطب البديل والمنتجات والمستحضرات المصنعة محلياً في العديد من البلدان العربية. وحين تتفضل احدى القنوات الفضائية مشكورة بمناقشة موضوع طبي فإنها لا تذهب بعيداً في تناولها حيث تدور في فلك ما تعتقد أنه من اهتمامات الناس، مثل مرض السكري والضغط والقلب وامراض التدخين، ولا تندهش اذا قلت لك انها لم تقدم مثل هذه البرامج خدمة لك أو للمجتمع وزيادة الوعي ونشر الثقافة، أبداً بل أؤكد لك أنها لم تبتعد عن أجندتها الرئيسية لأن مثل هذه البرامج المقصود فيها نوع من الغزل غير البريء مع المعلن الذي تحاول جذب اهتمامه لأرقام المشاهدة والاتصالات والمداخلات والتعليقات وكتابة مواضيع صحفية عن هذه القناة أنها بالأمس ناقشت موضوعاً طبياً لتجمعها في ملف واحد ترسل إلى معلنين مستهدفين يراد منهم فتح جيوبهم وضخ منتجاتهم للمشاهد الضحية. الصور قاتمة ولا شك، ولكن قسها على موضوع الصفحة وهو الغدد ما مدى معرفتكم بها، أحد الأشخاص المثقفين قال لي نعم الغدد موجودة في جسم الانسان!! هذا المثقف.. لا يعرف أكثر من ذلك إذا ما هو حال البسطاء. يجب أن تتوجه مؤسسات الدولة الاعلامية منها والصحية نحو تعاون مدروس نحو تقديم أكبر قدر من المعلومات والتوعية الصحية لمجتمعنا ولنحم أبناءنا لئلا يكونوا ضحية الأجندات المشبوهة. * خدمات التثقيف الصحي