هناك كوكبة من الشعراء طرزوا أبداع القصائد ورسموا أروع الصور ونسجوا أجمل الأخيلة، إلا أنهم كانوا بمعزل عن الإعلام وتواروا عن أضواء الصحافة، وهذا لعمري ما حجب حضورهم شعرياً عن دولة الشعر وفي مقدمة هؤلاء الشاعر الكبير السيد أحمد بن علي بافقيه (1343 - 1408ه) فقد جمع ديوانه الأستاذ محمد أبو بكر باذيب وأصدره عن دار الفتح للدراسات والنشر وعنونه ب(صدى السنين ورجع الأنين) وقد ذكر في مقدمته للديوان: ديوانه الذي بين أيدينا يلقى الضوء على أسلوبه الأدبي الرصين وبلاغة وشاعريته المحلقة وصوره الأدبية المستملحة، كما يعطينا صورة صادقة لما كان يختلج في باطنه وفكره من أحاسيس صادقة تجاه القضايا المصيرية للأمة الإسلامية، وما يعتمل في جوفه من حرقة وأسى جراء الهزائم المريرة والنكبات العظيمة، التي نكبت بها أمة الإسلام في عصورها المتأخرة وحسبه أنه صاحب ذوق ولغة رصينة عالية في زمن ابتذل فيه الشعر وابتذلت فيه العربية. في حين دبج الشيخ محمد بافضل - صديق الشاعر - كلمة في مطلع الديوان أبانت عن صلات وثيقة وصداقة متينة جمعته بالشاعر بافقيه. كما استهل الديوان بقصيدة لصديقة الشاعر السيد عمر الجيلاني وقد جاء فيها: فمن للقصائد يشدو بها ومن للمدائح من للنسيب؟! لقد كنت تنظمها في عقود مرصعة بالبيان العجيب وتلبسها حلة تزدهي بها في المحافل تسبي اللبيب وقد حوى الديوان جمهرة من القصائد التي تنوعت بين المديح النبوي، حيث أوحى له حبه للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ثلة من القصائد، في حين كتب بافقيه قصائد روحانية ووطنيات ودفاعاً عن الإسلام والعروبة، كما نظم جملة من القصائد الاجتماعية وكذلك في فن الغزل، إلى جانب قصائد كتبها رثاءً في فقده لبعض أقاربه وأصدقائه.