قبل الرحيل.. شممت كل ماأقدر عليه من أنفاسك أخزنه لأيام شتاء شوقي.. وفي أول يوم من شتائنا.. أدركت أني لم أحتفظ الا بقوت يوم واحد من أيام أشواقي.. أثناء الرحيل.. تأملتك وأنت تركض بطفولتك الحالمة إلى سيارتك الفارهة وتغريني أصابعك.. أن تعالي معي.. وحين تمالكت تلك الدموع التي ترتاح باتكاءآتها على أطراف عيناي.. ودعتُك.. وابتَسمت..! وأشرت لي وأنت تقول بلغتك الطفولية: كنت أعرف أنك تضيع مني وأنت لاتدري!! حين تكبر.. سأقسو عليك.. أعدك.. بأني سأكون أكثر قسوة عليك..! ولن أجبرك على تناول طعام لاتحبه.. أو لبس حذاء لايعجبك لونه.. حين تكبر.. سأخبرك بقصة الرحيل .. ذلك اليوم الحزين وسألثم يداك وأنا اقسم لك أن كل قطعة مني أرادتك وسأحكي لك عن تلك القلوب الجامدة _كجمود الثلج_التي استمتعت بمشهد أحزاننا!! حين تكبر ياملاكي سأعلمك كل يوم اسمي.. حتى كعكة احتفالنا سأصنعها كشكل حرفي.. وسأُطمئن نفسي أن إذا رحلت يوما لن أرحل من ذاكرتك أنا مدينتك التي تعشقك.. سأخبرك أني تمنيت كل يوم من أيام رحيلك أن أخطفك من عالمك..ونرحل خارج أسوار مدينتنا..حيث لا قانون يحكمنا.. ولا دموع سأخبرك أيضاً.. أني لطالما انتظرتك.. في نهاية ذلك الدهليز الطويل.. يساراً.. جدران سمعت أناتي.. وبكاء شوقي لك.. حتى الجماد شهد أحزاني.. فاسأله يوما عني.. وعن قسوة قلبي التي ودعتك ذلك اليوم..! بعد الرحيل... إليك فقط... كلمات تجرأت على ضريح صبري!! فسامح غبائي!! (مدينتي تسكنها الاشباح) اهداء الى أشباح مدينتي التي تسكنني!هنا عالم الموتى موتى بلا قبور!! هنا تموت الأحلام.. وتوأد الإرادة.. هنا في هذه المدينة الرمادية.. تُقتل السعادة..لتتحول لصمتٍ كئيب.. وتُجرح الرغبة في الابداع.. لتصبح بركاناً من نار يخمده كومة رماد غبية..! هنا أنثى تتشارك الخيبات مع مدينتها.. لم تستعد يوماً لعقد صلح مع هذه الرمادية.. ولن تفعل ذلك يوماً!! مدينة كهذه لا تستحق الا الدموع.. فكل مافيها يبكي...! السماء المساء وحتى الضباب ورتوش ذكريات تتعلق بماضيها... وخيباتٌ تعشقها خيبات..! هذه المدينة تعلمنا كيف نربي مشاعرنا نهذبها باليأس ونغلفها بالاحباط مدينتنا ساحرة حد الألم تلهمنا الهروب.. للاشيء تعلمنا أن نعيش بلا عقل.. حتى لانرهق أنفسنا تخاف علينا أتتخيلون من نسمة جنون قد تتسبب بمعرفة أنفسنا هنا مشوارنا طويل طويل لاينتهي لأنه لم يبدأ أصلاً..