عفت نفسي هذه الأيام البائسة من مشاهدة التلفزيون وقراءة الصحف، ومتابعة الأخبار على الانترنت أو فتح الصفحات التي تتحاور فيما بينها كمجوعات معزولة لها موقف واضح من البداية، يجعلك تعرف اذا كانت الجماعة حكومية أو مسالمة تخشى المخاطر، أو ثائرة دون عقل، أو ثائرة بموقف ايدلوجي أو عقائدي أو قومي لمجموعة حزبية، ومع هذا فالجميع يشركني معهم، عكس رغبتي.فعدت كما يقول أخي الى قواعدي سالمة بطلب الكتب الروائية المتميزة العربية الحديثة واستغرقت مع احبتي الكتاب في التفاعل مع ابطال رواياتهم. فشاركتهم الحلم والأمل، والحزن الخالص، وابتسمت لسخرياتهم ونكاتهم وضحكاتهم، وأحيانا كانت ابتساماتي تزيد مع الطامحين الشباب بعوالم دونها صعاب كثيرة، قليل منهم سيضعها نصب عينيه ثم يحيد عن الطريق، والأقل أكثر من يحققها. روايات كثيرة متميزة جديدة لم اتابعها سمحت بها الرقابة وانا أستغرق في استمرار تحسين قدراتي باللغات الأجنبية بقراءة الرويات بحروف كتابها قبل ان يؤولها المترجمون وتخضع لعوامل المنع والقطع والحذف والتحريف، قد استمتعت بها هذه المرة.المواهب التي لم تكتب قصصها بعد: نبهني ابن أختي الى شيء لفت نظره في التلفزيون فأحب إشراكي فيه وكان عن مواهب متميزة عربية متنوعة. لقد وجدته جدير بالمشاهدة فهناك محاولات للتفوق على قدرة الجسد العادية للراقصين برقصات عربية او ذات جذور غربية. وهناك محاولات لتحويل العمل اليومي الميكانيكي الى معزوفات رقص وطرب وغناء، او تحويل الطبخ الى حركة فنية متميزة. وخارج المألوف من الرياضة تتحول الفرق اللاعبة بالكرات أو الحركات الى شيء فوق الرياضة وفوق الخشونة والملل، بتوازن وتوقيت متناسب مع دقيقتين فقط ممنوحة للمتنافسين. وتأتي الفنون التشكيلية فيذهلنا البعض ويثير الاستغراب من يظن نفسه موهوبا، وهم كذلك أيضا في فن الغناء فهناك اصوات تعرف وانت تسمعها دقيقتين ان امواجها سوف تصل ذات يوم الى شواطئ بعيدة إذا رعتها يد الحنان. وعلى نفس المنوال يأتي تقليد الأصوات مع اللهجات، أو الكوميديا الحديثة لمتحدث واحد يلقي النكات المضحكة عن ما يدعي انه يحدث في حياته. وبالنسبة لي يأتي سباق العجلات الثنائية والأكروبات والدحرجة والتزلج والتسلق على الحبال وبعض حركات السيرك مقبولا خاصة اذا تميز مؤدوه وتفوقوا، لكن الخشونة وألعاب القوة في الكسر أو التخريب أو شد الأثقال المختلفة المتحركة بالأسنان أو الآذان أو أي عضو آخر، أو إخراج النار من الفم أو اشعالها في الجسم أو خرق الجسم بالمسامير والآلات الحادة أعمال أغمض عيني عند مشاهدتها فيضحك أبن أختي لأن المشاهد تعجبه. يبقى عندي شعور أغالب ضعفي أمامه كلما جاء شاعر وأجاد الإلقاء واستخدم عواطفنا للتأثير فيبكيني أو يشجيني أو يحمسني أو بدون منطق أحيانا تكون طفولته ومنبعها أكثر تأثيرا من جودة النظم وتأثرا بالإلقاء والإبتسامة الطفولية البريئة.