في خضم طفرة اقتصادية مهولة، يبدو المشهد الميداني لحراك المقاولين مضطرباً في ظل ضخامة المشاريع وكثرتها من جهة، وعجز بعض صغار المقاولين عن تنفيذ ما تم ترسيته عليهم من مشاريع من جهة أخرى.. مما دعا بعض المقاولين إلى ترسية كثير من تلك المشاريع على مقاولين آخرين هم أقل قدرة وأضعف حيلاً، في عملية تسمى بالتعاقد مع مقاولي الباطن.. ويُرجِع مراقبون ذلك إلى قلة المقاولين السعوديين المصنفين والذين تشير مصادر صحفية إلى أنهم لا يشكلون سوى 1% من حجم المقاولين في المملكة . في المقابل لا يبدو مقاولو الباطن في وضع يمكنهم من تنفيذ تلك المشاريع بالمهنية والجودة المطلوبة في ظل ضعف إمكانيات الغالبية العظمى من المؤسسات التي ترسى عليها المشاريع من الباطن ، فجل تلك المؤسسات تفتقر إلى الخبرة في تنفيذ المشاريع ، كما أنها تفتقر إلى العمالة ذات الخبرة، إضافة إلى أن كثيرا من تلك المؤسسات ليس لديها عمالة نظامية كافية، مما حدا بها إلى الاستعانة بما يُسمى العمالة السائبة ، تلك التي تعرض خدماتها في الشوارع للقيام بأي عمل كان بأجر يومي . ويخشى مراقبون من التأثير السلبي لتلك العمالة على جودة ودقة تنفيذ مشاريع تتطلب خبرة ومهنية كبيرة كتمديدات المياه والصرف الصحي وغيرها.. لكن مقاولين كانوا قد أكدوا في مناسبات كثيرة أن قلة التأشيرات الممنوحة لهم هي التي دفعتهم للاستعانة بعمال الشوارع الذين يفتقرون للخبرة والمهنية، والذين يعد غالبيتهم من مخالفي نظام الإقامة . وكانت مشاريع قد تعثرت في مختلف مدن المملكة، مما دفع جهات حكومية معنية للتحرك، حيث من المنتظر أن تصدر إجراءات تهدف إلى معالجة تعثر تنفيذ المشاريع الحكومية التي أصبحت بيد مقاولين لم يستطيعوا المضي قدماً في تنفيذها. هل يمكن القول ان مؤسسات المقاولات تستعين بعمال الشوارع لأنها لا تريد أن تتحمل تبعات استقدام عمال يكلفونها مصاريف متعددة، وتكتفي بتشغيل عمالة سائبة، وتسرحهم حين تنتهي من تنفيذ مشاريعها تلك، أم أن تضييق وزارة العمل على تلك المؤسسات وعدم منحها التأشيرات الكافية هو الذي اضطرها للاستعانة بأولئك العمال . عبدالهادي العنزي مدير عام إحدى مؤسسات المقاولات يشير إلى أنه قد تلجأ بعض المؤسسات إلى الاستعانة بالعمالة السائبة بسبب عدم تمكينها من استقدام العدد الكافي من العمالة لتنفيذ تلك المشاريع التي تعاقدت عليها.. مؤكداً في الوقت ذاته أن اللجوء إلى تلك العمالة سيترك أثرا سلبياً على مستوى جودة تنفيذ تلك المشاريع، خاصة وأن تلك العمالة لا تملك أي مؤهلات أو خبرات تذكر. وطالب العنزي بعدم المساواة بين شركات لها مكانتها وخبرتها وبين ما أسماهم تجار التأشيرات..وقال إن تجار التأشيرات يستأجرون مقراً بسيطاً، ويستخرجون الأوراق المطلوبة، ثم يستقدمون العمالة، وبعد ذلك لا تجد لهم أثراً.. وطالب العنزي بإلزام كل مؤسسة تتقدم بطلب تأشيرات بضمان بنكي من 50 الى100الف ريال، وذلك للتضييق على المتاجرين بالتأشيرات.مشيراً إلى أن ذلك سيحد من الطلب عليها من قبل الأفراد، مما يتيح المجال للشركات والمؤسسات التي بحاجة لأولئك العمال. وأكد أن المشاريع التي نفذت خلال الخمس سنوات الماضية، والتي لا تزال تنفذ حالياً قد تكون تأثرت بشكل سلبي جراء غياب المهارة والخبرة لدى كثير ممن قاموا بتنفيذها..مطالباً في الوقت ذاته باشتراطات كوجود الخبرة أو الشهادة عند استقدام عامل حسب المهنة التي استقدم من أجلها. عمالة سائبة