اتجه بعض مقاولي الإنشاءات والصناعيين إلى تعميد مقاولين بالباطن لتنفيذ مشاريعهم التي تم إرساؤها عليهم من قبل القطاع الحكومي أو القطاع الخاص؛ لاختزال أكبر قدر ممكن من "الأرباح" حسب شروطهم وأنظمتهم الخاصة، وتجد الآخر يبيع المشروع لمقاول ثانٍ، وربما ثالث، مما يؤدي إلى خفض تكلفة المشروع لنسب توصل إلى 120%، مما يتسبب في تعثر الكثير من المشروعات الحكومية "التنموية"، حيث أنّ مقاولي "الباطن" ينفذون قرابة 50% من تلك المشروعات. وعلى الرغم من التحديات والمعوقات التي تواجه هذا القطاع؛ إلاّ أنّ التخبطات العشوائية بسبب ضعف الإنظمة والرقابة سمحت لكل من رسى عليه العقد أن يعمل ويقترح وينفذ الإنظمة المناسبة له مع "مقاول الباطن"، فتجد شركات تعلن عن مناقصات حكومية لطرحها على مقاولين بالباطن ضمن شروط خاصة وأسعار للكراسات وتتدخل الواساطات والمعارف في ذلك مما يعطي الأفضلية لذوي القربى!. وذكر مراقبون أنّ خطوة طرح المشروعات من قبل المقاول الرئيس لمقاول بالباطن تأتي لضمان سرعة التنفيذ، خاصةً إذا كان حجم المشروع لا يستطيع المقاول الرئيس تنفيذه في الموعد المتفق عليه بين الجهتين، إضافة إلى السعي إلى خفض التكاليف واختزال أرباح أعلى للمقاول الرئيس، واشترط المراقبون تأهيل مقاولي الباطن لتنفيذ الأعمال التي يتم الاتفاق عليها مع المقاول الرئيس؛ محذرين من عدد من الظواهر السلبية بخصوص مقاولي الباطن عند التعاقد معهم. وأشار عدد من المقاولين ل"الرياض" أنّ مقاولي الباطن سبب في تعثر المشروعات الحكومية؛ بسبب عدم متابعة الإدارات الحكومية المختصة لمقاولي الباطن والاكتفاء بالمتابعة عن بعد للمقاول الرئيسي، إضافة إلى التركيز على العامل الزمني في المشاريع الحكومية دون التأكد من الجودة في أداء العمل وفق المواصفات المنصوص عليها في عقد المشروع. مقاول الباطن ورأى "عبدالله العمار" -نائب رئيس مجلس إدارة غرفة الشرقية- أنّ ظاهرة مقاول الباطن معروفة على المستوى العالمي، ولكن وفق ضوابط واشتراطات تخصصية وقانونية، حيث تسند بعض الأعمال التخصصية إلى مقاولي الباطن كالتكييف وأعمال الكهرباء وأعمال السباكة وغيرها من الأعمال التخصصية الأخرى، مشيراً أنّ نجاح مقاول الباطن يتوقف على الإشراف الفني وعلى المقاول العام في متابعته لأعمال المشروع. ناصر الهاجري لماذا لا تنظم «عقود الباطن» وينص عليها صراحة من «المقاول الرئيس» أثناء عرض المشروع؟ مقاولو العموم وطالب أن يكون مقاول الباطن مقاولاً مؤهلاً، ومعتمداً لدى كافة الجهات سواء حكومية أو تجارية كالغرف التجارية والصناعية ويقدمهم المقاول الرئيس في عرضه الأساسي للمشروع، وذلك لإسناد المشروعات عليه بشكل قانوني يحمي كافة الأطراف ذات العلاقة في المشروع، مؤكداً على أنّ مفهوم مقاولي الباطن لم يطبق في بعض المشروعات لدى كثير من المقاولين الرئيسيين بالشكل السليم، حيث تعمد بعض الشركات الكبرى في قطاع المقالات إلى توزيع بعض أجزاء المشروع إلى مقاولين عموم غير متخصصين وبالتالي ينتج عنها رداءة في المشروع عند التسليم. بيع المشروع! وأشار "العمار" إلى أنّ ما ينتج من تعثر عدد من المشروعات التي تسند إلى مقاولي الباطن يعود إلى ظاهرة تعدد مقاولي الباطن، وبيع المشروع أو جزء منه إلى أكثر من مقاول في الباطن التي بدورها تحيل تنفيذ المشروع إلى شركة أو مؤسسة أدنى، وهذه تحيل المشروع بدورها إلى آخر حتى يقع تنفيذ المشروع على أقل المؤسسات وأسوئها؛ بسبب استخدام عمالة غير نظامية أو غير مهنية ومتخصصة مما ينتج عنه تعثر المشروع أو تنفيذه بدون جودة. عبدالله بالطيور غياب النظام وذكر "ناصر الهاجري" -رئيس لجنة المقاولات بغرفة الشرقية- أنه لا يوجد نظام واضح وصريح لمقاولي الباطن رغم تنفيذ كثير من المشروعات عبر مقاولي الباطن، والذين يعتبرون قطاعاً هاماً ومسانداً في تنفيذ المقاول الرئيس للمشروعات التي تمت ترسيتها عليه، مشيراً إلى أنه يجب أن يكون هناك نظام معلوم لكافة الجهات يحتوي على اشتراطات ومواصفات؛ لتمكين مقاولي الباطن من أداء أعمالهم دون الدخول في إشكاليات قد تؤدي إلى تعثر أو إيقاف المشروع نهائياً، وبالتالي هدر في الأموال وخسائر مترتبة على ذلك، كاشفاً أنّ نجاح مقاول الباطن يعتمد على متابعته في التنفيذ والاستلام التسليم منه إضافة إلى وجود ضمانات كافية من مقاول الباطن لاستكمال المشروع في المدة المحددة مع المقاول الرئيس. تعدد مقاولي الباطن وحذر "الهاجري" من ظاهرة تعدد مقاولي الباطن للمشروع الواحد، قائلاً: "إنّ ذلك يؤدي إلى رداءة المنتج والمخرج النهائي من المشروع، حيث أنّ بيع المشروع أو جزء منه إلى أكثر من مقاول من الباطن عبر بيع مقاول باطن إلى مقاول باطن آخر بسعر أقل لدى كل مقاول يؤدي إلى ضعف المتابعة في المشروع"، مبيناً أنّ العديد من إشكاليات مقاولي الباطن تبرز في المشروعات الحكومية بسبب عدم المتابعة بعكس الشركات الكبرى التي تشترط أن يكون مقاول الباطن مؤهل ومصنف للدخول في تنفيذ مشاريعها. عبدالرزاق العليو إدارة للمشروعات وأشار "عبدالرزاق العليو" -مقاول- إلى أنّ عدداً كبيراً من المشروعات تنفذ عبر مقاولي الباطن، وهي خطوة لها العديد من الإيجابيات بما يخص تنفيذ المشروع في مدة أقل، إضافة إلى النمو الاقتصادي للعديد من شركات مقاولي الباطن وما يشكله من بعد اقتصادي إيجابي على قطاع المقاولات، مؤكداً على أهمية إيجاد نظام واضح يحمي المقاول الرئيس والمقاول الباطن من عدة نواحٍ تشمل النواحي التنفيذية والمالية، مقترحاً تفعيل أنظمة إدارات المشاريع الحديثة في القطاع الحكومي أو الخاص، إضافة إلى الإشراف الفني والهندسي على مقاول الباطن الذي ينبغي أن يكون معروفا ومعتمدا لدى الجهة المالكة للمشروع. الإشراف والمتابعة وأرجع "العليو" سوء تنفيذ العديد من المشروعات التي تسند إلى مقاولي الباطن إلى عدم وجود إدارة تهتم بإدارة المشروع والإشراف عليه لدى المقاول الرئيس إضافة إلى دخول العديد من الشركات غير المؤهلة وغير المتخصصة في أعمال معينة في تنفيذ مشاريع تسند إليها بالباطن ناهيك عن بيع المشروع إلى أكثر من مقاول من الباطن، مفيداً أنّ مقاول الباطن يعد شريكاً أساسياً في إنجاز المشروعات وهو ينجز ما يقارب 50% من المشروع يصل في بعض المشروعات إلى 70% من أعمال المشروع، مؤكداً على أنّ الشركات الكبرى التي تلح عليها الحاجة للاستفادة من خدمات مقاول الباطن أن تشرف وتتابع آليات وبرامج التنفيذ التي ينجزها المقاول من الباطن، معللاً أسباب عدم دخول مقاول الباطن شريكاً رسميا مع المقاول الأساسي برغبة الجهات الحكومية المالكة للمشروعات التعامل مع جهة محددة، خلاف أن يتم التعامل مع أكثر من جهة قد تسبب في إرباك العمل وآلياته في ظل الحاجة الماسة حينها إلى زيادة الأعمال الرقابية في المشروعات، وعدم قدرة المقاول من الباطن على دفع الضمان البنكي الذي يؤهله لأن يكون شريكا أساسيا ومعلنا في المشروع. عبدالله العمار عقد مقاول الباطن وقال "م.عبدالله بالطيور" -مهندس استشاري-: "إنّ عدم ارتباط مقاول الباطن بالعقد الأساسي للمشروع والمالك؛ يؤدي مباشرة إلى انعدام المسؤولية لدى مقاول الباطن وعدم تحمله أي مسؤولية أخرى في حال وجود إشكالية في تنفيذ المشروع، وذلك لعدة أسباب منها ضعف إمكانيات مقاول الباطن في تنفيذه المواصفات المطلوبة منه، إضافة إلى عدم القدرة على التحكم في المدة الزمنية في إنهاء المشروع حسب المتفق عليه، موضحاً أنّ عدم وجود العمالة الكافية لدى المقاول الرئيسي وحجم المشروع قد يحتم عليه اللجوء إلى مقاولي الباطن. وطالب "بالطيور" أن يكون العمل المطلوب تنفيذه من المقاول الباطن بإشراف مباشر من المهندس المشرف على المشروع أو من قبل إدارة المشروعات لدى المقاول الرئيس، مشيراً إلى أنّ مقاول الباطن أصبح شماعة لأخطاء شركات المقاولات الكبرى، حيث أنّ مقاول الباطن لا يستطيع التلاعب في المشروع خاصة إذا فرضت عليه الرقابة الكافية من قبل المقاول الرئيس أو الجهة المالكة للمشروع، مستدركاً أنّ مقاول الباطن ينبغي عليه العمل مع المقاولين الأساسيين ضمن عقود واضحة البنود ولها تقارير تبين مدى حسن أداء العمل وجودته. المقاول الرئيسي يتحمل مسؤولية لإخفاق في تنفيذ مقاول الباطن لوحة تظهر أمام الملأ تنفيذ مقاول الباطن للمشروع عدسة – زياد العليوي