رصد تقرير اقتصادي متخصص أبرز ما جاء في التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي والذي رسم صورة غير متفائلة لأداء الاقتصاد العالمي في ضوء المخاطر المتزايدة لأزمة ديون منطقة اليورو وغموض توقعات نمو الاقتصاد الأميركي، حيث خفض الصندوق من توقعاته السابقة بشأن نمو الاقتصاد العالمي. وذكر تقرير «بيتك للأبحاث» أنه في ضوء هذه التوقعات القاتمة للاقتصاد العالمي فان التعافي المرتقب لايزال هشا. على خلاف أميركا ومنطقة اليورو، رأى التقرير أن الوضع أفضل بالنسبة لدول المنطقة، حيث حافظ صندوق النقد على توقعاته السابقة بشأن نسبة النمو الكبيرة عند 6.5 في المئة للعام الحالي. وأشار التقرير الى ان صندوق النقد الدولي خفض من توقعاته للنمو العالمي إلى 3.5 في المئة في عام 2012 و3.9 في المئة لعام 2013، حيث كانت توقعاته السابقة عند 3.6 في المئة و4.1 في المئة على التوالي والتي أوردها الصندوق في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لشهر أبريل 2012. وعزا الصندوق التوقعات الأكثر تشاؤما إلى وجود دلالات على المزيد من الضعف خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة والذي نتج عن مخاطر الهبوط المستمر الذي يلوح في الأفق بصورة كبيرة كنتيجة للمخاطر المتزايدة من أزمة الديون في منطقة اليورو والقضايا ذات الصلة بميزانية الولاياتالمتحدة فضلاً عن التباطؤ والاقتصادات الصاعدة. منطقة اليورو وذكر الصندوق أن دول منطقة اليورو كانت بمثابة البؤرة للمزيد من التصعيد في التوتر الحادث في الأسواق المالية والناجم عن تزايد حالة عدم التأكد السياسي والمالي في اليونان، بالإضافة إلى مشاكل القطاع المصرفي في إسبانيا والشكوك المحيطة بقدرة الحكومات على الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بالتصحيح المالي والإصلاح، وبمدى استعداد البلدان الشريكة في تقديم يد العون. ونتيجة لذلك، عادت تدابير التوتر المالي في البلدان الأوروبية الأكثر ضعفاً إلى مستويات الأزمة المسجلة أواخر العام الماضي. وفي الوقت الذي كان فيه لعمليتي إعادة التمويل طويلتي الأجل التي قام بهما البنك المركزي الأوروبي أثر في تحقيق استقرار نسبي في الأسواق المالية، ارتفعت تكاليف الاقتراض لإيطاليا وإسبانيا مرة أخرى. وبناءً على ذلك، أعرب صندوق النقد الدولي عن حاجة البنك المركزي الأوروبي إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات لدعم اقتصاد منطقة اليورو مثل شراء السندات الحكومية وضخ المزيد من التمويل لدعم البنوك أو شراء الأصول المعروفة باسم التيسير الكمي وذلك من أجل ترويض واحتواء تكاليف الاقتراض سريعة التقلب. وعلى هذه الخلفية، أعاد صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو منطقة اليورو 0.7 في المئة في عام 2013 حيث كانت التوقعات السابقة عند نسبة 0.9 في المئة. وعزا الصندوق التعديل بالانخفاض إلى ضعف النشاط في منطقة اليورو خصوصا في الاقتصادات الهامشية التي ستكون فيها حدة التأثيرات المخففة نتيجة عدم التأكد وتضييق الأوضاع المالية أقوى. ووفقا لصندوق النقد الدولي، فإن معدل النمو في معظم الاقتصادات المتقدمة الأخرى سيكون أيضاً أضعف قليلا، ويرجع ذلك بصورة أساسية إلى التأثر السلبي بالتوترات الاقتصادية الأخرى، وبالرغم من ذلك، فإن انخفاض أسعار النفط سيؤدي على الأرجح إلى تخفيف هذه الآثار العكسية. الاقتصادات الصاعدة يتوقع الصندوق حدوث انخفاض طفيف في نمو الاقتصادات الصاعدة والنامية ليصل إلى 5.6 في المئة في 2012 قبل أن ينتعش مرة أخرى إلى 5.9 في المئة في 2013 بما يمثل تراجعاً في التوقعات قدره 0.1 و0.2 في المئة في عامي 2012 و2013 على التوالي مقارنة بالتوقعات الواردة في عدد ابريل 2012 من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي. وعلى الرغم من أن صندوق النقد الدولي صرح بأنه من المتوقع أن يكون النشاط في العديد من اقتصادات الأسواق الصاعدة مدعوماً بتخفيف وطأة السياسة الذي بدأ في أواخر 2011 أو أوائل 2012، إلا أنه يتوقع أن يظل النمو أضعف نسبيا من عام 2011 خصوصا بالنسبة للبلدان التي تصلها روابط تجارية حميمة مع أوروبا. وقال تقرير«بيتك» "نحن نتفق مع هذا الطرح، حيث إن الاقتصاد الصيني وهو ثاني أكبر اقتصاد في العالم نما فقط بنسبة 7.6 في المئة على أساس سنوي في الربع الثاني من 2012 مسجلا أبطأ وتيرة نمو له في ثلاث سنوات. ومع ذلك، فإننا نعتقد أنه من المرجح أن تتجنب الصين الهبوط الحاد نظراً لأنها لا تزال تحتفظ بالكثير من الذخائر السياسية لتعزيز نموها" . أما بالنسبة للولايات المتحدة، فقد خفض صندوق النقد الدولي أيضا توقعاته للنمو إلى 2 في المئة لعام 2012 و2.3 في المئة لعام 2013، من 2.1 في المئة و2.4 في المئة على التوالي، ويرجع ذلك بصورة أساسية إلى البيانات الأخيرة التي تشير إلى حدوث تراجع في قوة النمو. وبينما يمكن تفسير جانب من هذا التراجع بالخلل الحادث في التعديلات الموسمية ومحصلة فصل الشتاء المعتدل على غير المعتاد الأجل، الا انه يرجع أيضا إلى حدوث انخفاض أساسي في زخم النمو. علاوة على ذلك، يرى صندوق النقد الدولي أن تفادي الهاوية المالية ورفع سقف الديون بصورة فورية ووضع خطة مالية متوسطة الأجل، تعد أموراً ضرورية لضمان أن يظل التعافي الاقتصادي في المسار الصحيح. الشرق الأوسط وأفريقيا أعاد صندوق النقد الدولي النظر في توقعاته بالنسبة لإجمالي الناتج المحلي لعام 2012 لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا (مينا) في الاتجاه التصاعدي لتصل إلى 5.5 في المئة على أساس سنوي مرتفعة من نسبة 4.2 في المئة على أساس سنوي والتي تم تقديرها في وقت سابق، حيث واصل مصدرو النفط الرئيسيون تعزيز زيادة إنتاج النفط ودعم الطلب المحلي بالإضافة إلى سرعة عودة النشاط في ليبيا بعد الاضطرابات التي شهدتها البلاد في 2011 . وقال التقرير «نحن نتفق مع توقعات صندوق النقد الدولي ونرى أن منطقة الشرق الأوسط سوف تسجل نمواً في إجمالي الناتج المحلي بنسبة تتراوح بين 5.5 في المئة إلى 6 في المئة على أساس سنوي في عام 2012 وسط توقعات الاستقرار السياسي في البلدان المستوردة للنفط والدعم المستمر من قطاع النفط والغاز في البلدان المصدرة للنفط (وهي الجزائر والبحرين وإيران والعراق والكويت وليبيا وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والسودان والإمارات العربية المتحدة واليمن). وسوف يوفر تحسين الإصلاحات السياسية والاقتصادية في البلدان المستوردة للنفط مناخاً أفضل لتكافؤ الفرص الاقتصادية وتحسين فرص الحصول على الائتمان من خلال تعزيز البنى التحتية في الأسواق المالية وتعزيز بيئة الأعمال . وقال «بيتك» «نعتقد أيضا أن تأثير تراجع الإمدادات النفطية الإيرانية على إمدادات النفط العالمية سيكون محدودا حيث إن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تشكل نسبة تزيد على 25 في المئة من الإمدادات العالمية. وإذا أخذنا المملكة العربية السعودية كمثال، فإنها من المتوقع أن تزيد من إنتاجها النفطي خلال النصف الثاني من 2012 لاستيعاب تراجع إمدادات النفط الإيراني . وعلى الرغم من أن المؤشرات تدل على حدوث انخفاض في أسعار النفط الخام خلال الأشهر الأخيرة، إلا أن القطاع النفطي في دول مجلس التعاون لا يزال يؤدي بصورة جيدة على خلفية زيادة إنتاج النفط الخام. وبناءً على ذلك، توقع التقرير أن تسجل دول مجلس التعاون معدل نمو كبير بنسبة 6.5 في المئة في إجمالي الناتج المحلي على أساس سنوي في عام 2012 مقارنة بنسبة 6.0 في المئة مقدرة على أساس سنوي لعام 2011.