لازلنا نفتح نافذة، فتنغلق الأبواب في مسألة التوظيف والإحلال بديلاً للأجانب، ففي هذا الأسبوع نشرت صحفنا تصريحات لمسؤولين، أن توظيف مواطن في القطاع الخاص، يقابله توظيف ثلاثة عشر وافداً، ونستقدم مليون أجنبي سنوياً، ونصف مليون تأشيرة بيد أفراد يبيعونها على الأرصفة، و30٪ من ورش الذهب مجهولة المقر والمالك، و25٪ نسبة السعوديين في قطاع التجزئة!! وتحدث تجاوزات لا نراها في أي بلد في العالم، فكل الأسواق والورش ومبيعات الخضراوات والفواكه والأغنام، وقطاع النقل الداخلي وغيرها يهيمن عليها الوافدون، بمعنى أن خللاً تنظيمياً كبيراً اتسع لدرجة أصاب الأجهزة الحكومية بالشلل في مواجهة هذه الخروقات، وإلا كيف من جاء بتأشيرة بناء، وسائق، وعامل نظافة أو أي مهنة، يتحول إلى بياع وجزار، ونجار، ومزارع، إلى آخر السلسلة الطويلة، وقد غير مهنته تبعاً لرغبته، ولأن الشارع الذي يعج بالعمالة السائبة، والذي يراها مسؤول الأمن والبلدية ووزارة العمل، ومكافحة التستر، لا يحركون أصابع أيديهم برصد هذه الظواهر والكتابة عنها ومعالجتها، وبأسلوب المنفعة الوطنية.. التحويلات بالمليارات لكل بلدان العمالة، والشكوى من البطالة بين الجنسين من المواطنين يعرفها المسؤول قبل غيره، ومسألة الأعذار بأن المواطن كسول أو مؤهله لا يصلح لسوق العمل، يحاسب عليه التعليم بتشعباته المختلفة، وقد عرضت بهذا الحيز المطالبة بفتح الكليات والمعاهد الفنية ليلاً لتدريب قطاع كبير ممن لا يحسنون المهن ليفرضوا أنفسهم على السوق، وخاصة منهم دون الشهادات الجامعية أي المتوسطة والثانوية، وهي تجربة نجحت في الرياض عند بدايات إنشاء المعاهد والمراكز المهنية، وكذلك العودة إلى ما سمي بالمدارس الحديثة، والتي تجمع بين التعليم العام والمهني، وكانت تجربة رائعة أجهضت لأسباب مجهولة!! لقد عشنا حالة كان من المفترض أن تكون إنذاراً لنا، عندما أرسل صدام صواريخه لنا، فكان الهروب الكبير للعمالة الفنية بالمستشفيات وورش الصيانة في الطيران والحواسيب، وكل الأعمال التي نحتاجها، ومع ذلك لازلنا نستقدم وبوجود المعاهد والكليات الفنية، التي لا تعدو عبئاً على التنمية بدلاً من أن نجد لها الأثر الفعلي في سوق العمل، رغم عمرها الطويل، والبلايين التي صرفت واعتمدت لها.. الخلل لا يعالج بوصفات مهدئة، بل لابد من اجتماعات متوالية لجميع الأجهزة الحكومية والقطاع الخاص، مع خبراء ومختصين، لبلورة خطة كاملة، لا تراعي رغبة رب العمل، وإنما المصلحة الوطنية، ونستفيد من تجارب غيرنا، لأن الوضع لا يحتمل التساهل، ولدينا ما يمثل ثلث سكاننا من الأجانب، وهم قنابل موقوتة، بينما تزايد المواليد عندنا يعد الأعلى في الإحصاءات العالمية، وبالتالي فكل عام تتضاعف احتياجاتنا للوظائف بمختلف الاختصاصات، ومن المؤسف أن أصحاب شهادات عليا أصبحوا في سلم العاطلين!!