تتوقف كثيراً متأملاً في مستقبل غير واضح عندما تجد «مهنياً عاطلاً» عن العمل رغم المعاهد المهنية التي تخرج سنوياً آلاف منهم في كافة التخصصات التي يحتاجها سوق العمل السعودي، هذه العطالة يواجهها زيادة في عدد العمالة الأجنبية في السعودية، وخاصة غير المهنيين في أعمالهم والأُمييِّن في شهادتهم، بل ان الأمر يصل إلى أن هؤلاء الأجانب يتعلمون لدينا، ويدركون أسرار المهنة بطريقة « التجربة « حتى الوصول لدرجة المهنية، بإجراء التجارب على ما يملكه المواطن، وسط تزايد الحاجة على نظام صارم يحد من العمالة غير المهنية التي تنافس شباب الوطن، ما يزيد المطالب بوضع نظام صارم يحد من العمالة غير المهنية، وهو ما ذكره «د. علي الغفيص» محافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، أن المؤسسة تحرص على إيجاد تنظيم يتعلق بفحص العمالة الوافدة للوقوف على خبرتهم المهنية من خلال بعض الآليات المناسبة التي تدرس في الفترة الحالية لضمان فحص العمالة قبل وبعد قدومهم للمملكة. تعالي المدير أوضح «صادق الأحمد، خريج ثانوية صناعية تخصص كهرباء، أنه كان يعقد آماله على أن يلتحق بوظيفة يسدُ بها حاجته، ويستغني عن مساعدة الآخرين، إلاّ أنه صدم بواقع الشركات التي لا تزال تفضل الأجنبي على المواطن الذي في أمس الحاجة إلى وظيفة تكفيه من طلب المال من غيره، أو الانحراف نحو طريق لا تحمد عقباه، قائلاً: «بعد تخرجي من المرحلة الثانوية الصناعية، التحقت بشركة أحد الأقارب بالواسطة، ولكني تفاجأت من سوء معاملتي من قبل المدير الأجنبي، الذي كان يفرق في معاملته بيني وبين الأجانب الآخرين الذين يعملون في نفس تخصصي، ويجدون معاملة وتحفيزا من قبل المدير الاجنبي»، مبيناً أنه قدّم استقالته من الشركة بسبب الأساليب التي وصفها ب»التطفيشية»، وبحث عن وظيفة أخرى في مجال تخصصه، ولم يجد، مضيفاً: «ما الفائدة من خريجي المعاهد الصناعية والتجارية والمهنية وغيرها، من الأفضل إغلاقها، أو وضع أنظمة تفيد خريجيها». صادق الأحمد يشرح للزميل بالطيور كيف ترك وظيفته أزمة قبول بيّن «محمد المطوع» أن هناك أزمة قبول في المعاهد المهنية، وكذلك أزمة في توظيف خريجيها، رغم اقتناع الشباب بشغل هذه الوظائف عوضاً عن العمالة الأجنبية، مشدداً على أن هناك عمالة أجنبية غير مهنية تسيطر على الأعمال المهنية، مطالباً بتصحيح الظاهرة قبل أن تتفاقم، متسائلاً: «هل من المعقول أن تستقدم الشركات الموظفين من الخارج في نفس تخصصي، وأظل أنا عاطلاً؟»، مطالباً الشركات أن تهتم بتوظيف السعوديين، خاصة في مجال الوظائف المهنية، التي تشغلها أعداد كبيرة من الأجانب، مبيناً أن هناك شركات تمنح الأجانب رواتب لا تقل عن 5000 ريال، في ذات وظائف السعوديين الذي يُمنحون أجراً يقارب 1500 ريال!. رواتب ضعيفة وأوضح «محمد الياسين» أنه تفاجأ بعروض وظيفية غير منطقية، من شركات أجنبية مستثمرة في المملكة، حيث لم يتجاوز مرتبه مبلغ 2500 ريالاً شاملاً كافة البدلات، يقابلها عدد ساعات عمل إضافية عن الموظف الأجنبي الذي ينال كافة حقوقه دون أدنى تقصير من تلك الشركات، متذمراً من سياسة العمل التي يلاقونها في تلك الشركات بهدف تطفيش الموظف، مطالباً الجهات الرسمية بحماية الموظف السعودي في تلك الشركات الخاصة، مبيناً أن أغلب الموظفين يمتلكون القدرة على الإبداع متى ما وجدوا الثقة والبيئة المحفزة للعمل، والاستقرار المادي. د. خالد السنيد مشروعات صغيرة وأكد «د. عبدالوهاب القحطاني» خبير اقتصادي ضرورة وضع استراتيجيات لتنمية ثقافة العمل الحر لخريجي المعاهد المهنية، عبر مساعدتهم على افتتاح مشروعات صغيرة في قطاعات متعددة، مع اشتراط توظيف المشروع لخريجي المعهد، حتى يتم تكوين مجموعة من الشباب القادرين على النهوض بمشروعهم، وتكون هذه المشروعات الصغيرة نواةً لتوظيف العاطلين عن العمل، مطالباً أن تكون النتائج ملموسة وجدية، وذلك للجدية والاصرار التي يحملها الشباب السعودي في الآونة الاخيرة، مشيراً إلى أن غياب تطبيق الإستراتيجية في العمل شكل عائقاً في التوظيف، قائلاً: «إن إنشاء معاهد متخصصة في مجالات يتطلبها سوق العمل، مطلب ملح؛ للمساهمة في توظيف الشباب، وخاصة أننا قادمون على نهضة صناعية وتجارية جيدة»، مبيناً أن القطاع الخاص لايزال يفضل الاجنبي على المواطن؛ بسبب قلة رواتبهم، وبحجة الخبرة العلمية، كما يرون عدم ملاءمة بعض الوظائف المطروحة لمؤهلات الباحثين عن العمل، إضافة إلى أسباب تساعد في تهرب الموظف السعودي عن وظيفته في القطاع الخاص؛ بسبب ضعف الراتب، منادياً بإعادة النظر في مسألة تحديد سقف رواتب المهنيين السعوديين. د. عبدالوهاب القحطاني خلل وبطالة وأشار «د. خالد السنيد» متخصص في الموارد البشرية إلى أن هناك عددا من الخلفيات التي أثرت على ظاهرة بطالة المهنيين، وهي أن 74% من التركيبة السكانية للمملكة، هم من الشباب والشابات الذين لا تتجاوز أعمارهم سن ال 24 سنة، إضافة إلى وجود ما يشبه بانعدام الثقة بين سوق العمل والمؤسسات التعليمية، مؤكداً أن عدم وجود دراسات تخطيطية لحاجة سوق العمل المستقبلي للبلاد، يعد سبباً رئيسياً في بطالة المهنيين السعوديين داخل السوق المحلي، منوهاً باهمية إلزام القطاعين الحكومي والخاص، بمخرجات بعض المعاهد المهنية، وهو من أوائل الأسباب التي تقضي على حلم الوظيفة والأحلام المستقبلية للشباب، وليست التخصصات التي درسها خلال الفترة الأكاديمية، قائلاً: «كم من الخريجين يعملون بوظائف لا تمت بصلة لمجال دراستهم مثل خريج هندسة بترول ويعمل حارس أمن بمواقف سيارات»، قائلاً إن غلاء المعيشة المتزايد باستمرار يستوجب إجراء دراسات علمية وواقعية ومستمرة، بين كل عدة سنوات، بحيث يكون الحد الأدنى للأجور في تطوير دائم حسب سوق العمل. حلول العطالة وطرح «د. السنيد» حلولاً للقضاء على عطالة المهنيين، تركزت في الدعم الحكومي، والمتابعة والتنفيذ على جميع المراحل، إلى جانب إيجاد البرامج المناسبة حسب حاجة سوق العمل بالمملكة، وتوفير برامج تدريبية ذات كفاءة عالية على رأس العمل، منوهاً بأهمية منح حوافز إضافية للملتزمين من الشركات والمؤسسات الحكومية والخاصة، ومحاسبة المقصرين في تلك الجوانب، إضافة إلى تفاعل المؤسسات الحكومية مع مطالب الشباب والشابات، بما لا يتعارض مع سياسات الدولة العليا. محمد المطوع