اكد المستشار الاقتصادي فادي العجاجي ان مدن المملكة لا تعاني من أزمة إسكان وإنما احتكار ومضاربة. وقال ان المضاربة المحمومة في السوق العقارية رفعت أسعار قطع الأراضي السكنية بمعدلات تجاوزت بكثير مستويات الدخول السائدة في البلاد، وتفاقمت الفقاعة في السوق العقارية حتى أصبح المواطن من الطبقة المتوسطة يحتاج ما بين 13 إلى 55 سنة لامتلاك قطعة أرض سكنية إذا تمكن من ادخار مالا يقل عن 30% من دخله. وأكد ان المدن السعودية لا تعاني من نقص في مخزون قطع الأراضي السكنية، بل إن الحجم الحالي لمخزون قطع الأراضي السكنية يفي باحتياجات السكان حتى عام 1445ه في كافة مدن المملكة. لكن ارتفاع درجة الاحتكار والمضاربة المحمومة جعلت الأفراد من الطبقة المتوسطة غير قادرين على ملاحقة الارتفاعات المستمرة في أسعار الأراضي السكنية. فادي العجاجي وورد في تقرير الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض (ملخص تنفيذي: واقع ومستقبل الإسكان في مدينة الرياض لعام 2009م) أن الأسر المستأجرة من الطبقة المتوسطة يجب أن لا يقل دخلها السنوي عن 172 ألف ريال (14333 ريالا شهرياً) حتى تستطيع امتلاك وحدة سكنية صغيرة (فلة على نصف قطعة أرض) بتمويل مماثل لبرنامج مساكن المقدم من المؤسسة العامة للتقاعد. وهذه التقديرات مبنية على أن متوسط سعر المتر المربع لقطع الأراضي السكنية يبلغ قرابة 1017 ريالا على الشوارع الفرعية بعرض 20 متراً فأقل. واشار ان متوسط سعر المتر المربع لقطع الأراضي السكنية في مدينة الرياض عام 2009 ربما يكون أقل من متوسط السعر في بقية مدن المملكة في الوقت الراهن. مما يعني أن الأزمة امتدت لمعظم مدن المملكة الرئيسة. أما متوسط سعر المتر المربع في مدينة الرياض فالأرجح أن يكون قد تجاوز 1500 ريال في الوقت الراهن. وإذا أخذنا في الاعتبار تكاليف التمويل فإن الأسرة من الطبقة المتوسطة لا تستطيع الحصول على تمويل يزيد عن 540 ألف ريال، وهو ما يترتب عليه استقطاع 43.5% من دخلها، وهذا لا يمكن تحقيقه دون أن تتأثر جوانب الإنفاق الأخرى على الضرورية. وزاد ان هذه الأوضاع السيئة في السوق العقارية لم تفرضها ظروف العرض والطلب الطبيعية، بل الاحتكار والمضاربة المحمومة التي ليس لها سقف، فنسبة تملك السعوديين لمساكنهم في انخفاض مستمر رغم وفرة المتاحة من قطع الأراضي السكنية. فعلى سبيل المثال بلغت مساحة الأراضي المطورة لمدينة الرياض 1219 كيلو مترا مربعا وعدد سكانها 4.88 ملايين نسمة، أي 250 مترا مربعا (صافي) لكل نسمة أو 929.5 مترا مربعا لكل أسرة (6.2 متوسط حجم الأسرة في مدينة الرياض). وبالرغم من ذلك لا تستطيع معظم الأسر الحصول على أقل من نصف هذه المساحة. بينما بلغ إجمالي مساحة مدينة الرياض (حدود النطاق العمراني الثاني) 2435 كيلو مترا مربعا عام 2009م، والمستغل منه لا يتجاوز 40.9%. واوضح العجاجي ان المشكلة الحقيقية التي تواجه السوق العقارية السعودية تتمثل في انخفاض درجة المخاطرة لدى معظم المتعاملين في الأسواق العقارية خصوصاً في عقارات المضاربة التي تقع خارج النطاق العمراني لمدن المملكة. وقد أدى انخفاض مستوى الوعي بدرجة المخاطرة في السوق العقارية إلى جعل أسعار بعض القطاع السكنية يتجاوز 3000 ريال للمتر المربع وهو أكثر من ضعف الحد الأعلى للأسعار التي يمكن أن تستوعبه المستويات العامة للأجور في المملكة. وقال ان هذه الحالة تعوق الجهود المبذولة لاحتواء أزمة الإسكان والحد من تفاقمهم لتمكين معظم الطبقة المتوسطة من امتلاك مساكنهم. ففي 25 أبريل 2012م وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدلله بإنهاء مشكلة أرض "قيران" الواقعة شمال مدينة الرياض مع وضع تخطيط كامل الأرض وآلية توزيعها على الملاك، وهذا يعني دخول 70 مليون متر مربع للسوق العقارية، أي ما يقرب من 100 ألف قطعة سكنية قادرة على استيعاب 600 ألف مليون نسبة (12.3% من إجمالي سكان الرياض). إضافة إلى الجهود المبذولة لتطوير الضاحيتين الشمالية والشرقية لمدينة الرياض القادرتين على استيعاب أكثر من 1.1 مليون نسمة. وسبق أن أصدر خادم الحرمين أوامره بإنشاء أضخم مشروع سكني في التاريخ، حيث أمر ببناء 500 ألف وحدة سكنية بتكلفة إجمالية 250 مليار ريال. وخلص الى القول بان معظم المتعاملين في السوق العقارية لا يبدو انهم قادرون على إدراك حجم المخاطر والتفاعل بشكل صحيح مع حجم هذه القرارات، لذا يتعين اتخاذ قرارات حازمة لكسر الاحتكار وإنهاء عمليات المضاربة المحمومة. وأفضل وسيلة لتحقيق ذلك هي فرض الضريبة على الأراضي غير المستغلة، لأن الحل الأمثل لتصحيح وضع السوق العقارية ينطلق من تفعيل قوى العرض والطلب لتعمل بكفاءة، وهذا يتطلب كسر الاحتكار وتشجيع المنافسة.