ذكر معالي وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور محمد الجاسر أن نسبة تملك السعوديين لمساكنهم بلغت 61% في عام 2007م حسب البيانات المتوفرة في مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات التابعة لوزارة الاقتصاد والتخطيط. وكانت المصلحة قد ذكرت في تقرير التعداد العام للسكن والمساكن لعام 2004م أن نسبة تملك السعوديين لمسكنهم انخفضت من 66,6% في عام 1992م إلى 58,7% في عام 2004م. وقبل مناقشة هذه الأرقام بموضوعية وتحليل أهم الأحداث الاقتصادية خلال الفترة من 2004م إلى 2007م، لا بد من الإشادة بشفافية معالي الدكتور محمد الجاسر ونشره بيانات بقيت طي الكتمان لأكثر من خمس سنوات دون وجود مبررات مقنعة، مع التأكيد على أهمية توفير بيانات حديثة عن نسبة تملك السعوديين لمساكنهم لاسيما أن توفير السكن الملائم أصبح هاجس المواطن وأبرز معايير الاستقرار الاقتصادي في المجتمع، فانخفاض نسبة تملك السعوديين لمساكنهم سيؤدي حتماً إلى ضعف قدرة القطاع العائلي في المملكة على امتصاص الصدمات. والجدول أدناه يوضح كافة البيانات المتوفرة – حتى الآن – عن السكان والمساكن في السعودية. حيث يتبيّن أن عدد سكان المملكة ارتفع بنسبة 10.5% خلال الفترة من 2004م إلى 2007م، وأن نسبة زيادة السكان السعوديين بلغت 7,6% (1.25 مليون نسمة). ولكي تصل نسبة تملك السعوديين لمساكنهم إلى 61%، لا بد أن يرتفع عدد الوحدات السكنية المملوكة للسعوديين من 1,62 مليون وحدة سكنية في عام 2004م إلى 1,81 مليون وحدة سكنية في عام 2007م، أي 191,3 ألف وحدة سكنية نوع حيازتها ملك للسعوديين. وخلال الفترة من عام 2004م إلى عام 2007م قدم صندوق التنمية العقارية قروضاً بلغ إجمالي المنصرف الفعلي منها 11,8 مليار ريال، أي حوالي 39,4 ألف قرض. لذا يتعين على السعوديين أن يكونوا قد مولوا بناء 151.9 ألف وحدة سكنية بتكلفة تزيد على 114 مليار ريال خلال الفترة، أي 38,0 ألف وحدة سكنية في السنة. وبالرغم من ارتفاع الطلب على شقق التمليك في المدن الرئيسة بسبب ارتفاع تكاليف البناء وأسعار العقار، إلا أن السعوديين غير قادرين على تمويل بناء 151.9 ألف وحدة سكنية خلال الفترة من عام 2004م إلى 2007م، لأنهم تعرضوا لأكبر أزمة اقتصادية خلال الثلاثين سنة الماضية، حيث نجم عن انهيار السوق المالية السعودية في فبراير 2006م تآكل جزء كبير من مدخرات الطبقة المتوسطة وإقحامها في قروض طويلة الأجل لفترة امتدت لأكثر من 3 سنوات بعد الكارثة. كما أن قدرة القطاع العائلي في السعودية أضعف من أن تمول مساكن يتجاوز عددها أربعة أضعاف قدرة صندوق التنمية العقارية. وقد تكون تقديرات نسبة تملك السعوديين لمساكنهم في عام 2007م لم تأخذ في الاعتبار المساكن التي تمت حيازتها بالتقسيط لفترات تمتد لأكثر من 10 سنوات. لذا ينبغي مراجعة هذه البيانات وتوفير بيانات أحدث لاسيما بعد تأزم الأوضاع في السوق العقارية واستمرار ارتفاع أسعار قطاع الأراضي السكنية للمستويات التي تجاوزت قدرات الطبقة المتوسطة على امتلاك مسكنها. وفي أفضل الأحوال، لا يمكن أن تتجاوز نسبة تملك السعوديين لمساكنهم 51,1% في نهاية عام 2011م أخذاً بالاعتبار القروض التي قدمها صندوق التنمية العقارية خلال الفترة من 2008م إلى 2011م والبالغة حوالي 86 ألف قرض. والأرجح أن تنخفض نسبة تملك السعوديين لمساكنهم إلى ما دون 50% في ظل الارتفاعات القياسية التي تشهدها أسعار قطع الأراضي السكنية التي تجوزت قيمتها ما نسبته 60% من إجمالي تكاليف المسكن. ويؤكد على ذلك بيانات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات التي أظهرت ارتفاع معدل تضخم الإيجار بنسبة 91,1% خلال الفترة من أبريل 2007م إلى أبريل 2012م. وبالرغم من استعداد صندوق التنمية العقاري لتقديم أعدد أكبر من القروض، إلا أن معظم المتقدمين إليه غير قادرين على توفير قطع أرض سكنية نتيجة الارتفاعات الحادة والمستمرة في أسعارها. وقد قرر الصندوق منح المتقدمين فرصة مفتوحة لتمكينهم من امتلاك قطعة أرض سكنية ورهنها للصندوق للحصول على القرض بعد أن كانت المهلة لا تتجاوز عامين. كما أن الصندوق خفض مساحة قطعة الأرض المرهونة من 380 مترا مربعا إلى 240 مترا مربعا. ورغم ذلك لاتزال المشكلة قائمة، لذا قررت الحكومة إنشاء 500 ألف وحدة سكنية بتكلفة إجمالية 250 مليار ريال. وهذه مؤشرات تؤكد على انخفاض نسبة تملك السعوديين لمساكنهم. * مستشار اقتصادي