ينتهي اليوم أولمبياد لندن الصيفي بعد نجاح باهر للدولة المنظمة، استعداداً ونتائج لأبطالها، ومنافسة في أغلب الألعاب، ينتهي، ويغادر المشاركون إلى بلدانهم بعد تنافس مشرف بين الذين فازوا، وأيضاً من خسروا، تنافس حضاري ورياضي حقيقي واقتناع بالفوز، أو الهزيمة، ومصافحة بين الفائز والخاسر، بقيم وأخلاقيات الدورات الأولمبية، تنافس امتد كعادته حتى للجمهور الذي شجع في كل الملاعب، والصالات، وهو يقف مصفقاً للخاسر، والمتأخر عن الوصول، والمنسحب، تكريماً له على شرف المشاركة والحضور. دول صغيرة، وقد لا يعرفها الكثيرون، لم يعرف أحد عواصمها، أو عملتها أو اسم رئيس الدولة، عُزف سلامها، وارتقى متسابقوها المنصة بعد أن فازوا بالذهب، فدول مثل «جزر البهاما» ودولة مثل «غرينيداد وتوباجو» لا يعرف المتابع عنهما سوى أنهما في الكاريبي لكن إن حاول فهم شيء بعد أن حفظ اسماء أبطالها في ألعاب القوى وبالذات في سباقات العدو عليه ان يرجع إلى الانترنت ليكمل المعرفة. «جامايكا» وهي الأشهر الآن والتي يتربع بطلها كأسرع رجل في العالم أو على ظهر المعمورة، «اوساين بولت» على قمة مشاهير الرياضة وقد لا يقل عن ليونيل ميسي في كرة القدم هذا البطل وإن برز اسمه كبطل حقيقي يتابعه مئات الملايين عبر الشاشة وفي الملاعب، وينتظرون انطلاقاته متأكدين من فوزه، إلا انه أصبح مرتبطاً بدولته «جامايكا» بلونها الأصفر وعبقرية أبطالها في مسافات 100 - 200 - 400م والذين لا يقلون قوة وقدرة على الفوز، وتحقيق النجاح عن بولت ولكن نصيبهم أنهم جاءوا في زمنه، وكما يقول لا يزال أمامه الكثير ليحقق الأكثر بعد أن انفرد ب3 ميداليات ذهبية في بكين، ومثلها كما يبدو في لندن حتى الآن حقق اثنتان وتبقى له ميدالية 400م تتابع، وقد يحققها. أهمية هذا البطل الذي تتسارع عليه الكاميرات والإعلاميون أنه صنع المجد لبلاده ومنحها الشهرة، حيث ان جامايكا في يومي سباقه مُنح مواطنوها إجازة بنصف مرتب لمتابعة السباق، الشيء الآخر ان هذا البطل أفرز وجوده أجيالا أخرى من محبي اللعبة في بلاده والذين يحققون نتائج مبهرة في السباقات التي جرت في لندن، بمعنى أنه كبطل فرد صنع أجيالا أخرى سترفع اسم بلاده مستقبلاً. أمريكا لديها بطل اسطوري آخر في رياضة أخرى هي السباحة «مايكل فيلبيس» والذي اعتزل كما قال بعد هذه الدورة في عمر 27 عاماً بعد أن تشبع من ممارسة الرياضة وبعد أن حقق المجد كاملاً (22) ميدالية منها 18 ميدالية ذهبية في ثلاث دورات وأربع برونزية وفضية، وأصبح اللاعب الأولمبي الأول في العالم وفي تاريخ الدورات الذي يحقق هذا الرقم وسيقف آلاف اللاعبين سنوات وهم عاجزون عن كسره، اعتزل بعد رحلة إبداع وموهبة خارقة ليستمتع بالأيام كما يقول ويسافر ويرى العالم متجولاً وليس لاعباً بعد أن عاش الجزء الأول من عمره متدرباً وقاسياً على نفسه. سيتجول بمداخيل الرياضة التي أحبها وأخلص لها وفاز فيها. سيسافر بما حققه من مكاسب مادية بعد أن حقق مكاسب معنوية لبلاده أمريكا، سيتجول بعد أن اصبحت الرياضة صناعة ونجاحاً، وأرباحاً ومئات الملايين.. سيتجول بعد أن عُزف السلام الأمريكي بلاعب واحد 18 مرة، وعُزف سلام العرب من خلال تونس والجزائر في هذه الدورة مرتين فقط وهذا هو الفرق. دول صغيرة خلفت أبطالاً، وفي نفس الوقت هؤلاء الأبطال حملوا دولهم معهم وأصبح اسمها يتردد مع كل محب للرياضة وحتى إن لم يكن مشجعاً للسباحة، أو ألعاب القوى، ليست المشكلة في نجاح هؤلاء أو تفوقهم، ولكن المشكلة اننا كعرب لم ندرس أسباب فشلنا، ولم نحاول أن ندرس.. وكل دورة وأنتم بخير، وعلى ما تأتي دورة البرازيل يفعل الله ما يشاء، بالرغم من أن دولا كالصين واليابان قد استعدت لهذه الدورة من سنوات مضت وأعدت أبطالها، وهم جيراننا في آسيا، لكن نحن لا نخلف عوايدنا ولا نتخلى عنها وإلا ما وصل ترتيب المنتخب إلى 104 .. ولا اعتقد أن خلفنا دولاً ذات قيمة أو حتى وصلت كأس العالم لكن عادي احنا فين وكأس العالم 2018م فين؟ تذكرتُ اننا قد غادرنا تصفيات كأس العالم 2014م من زمان..