اثبتت جامايكا انها جزيرة السرعة بامتياز، واذا كان من شك في هذه المقولة، فان سيطرة العدائين الجامايكيين اوساين بولت ويوهان بلايك ووارن وير على سباق 200م، وصعودهم على منصة التتويج يؤكد ان الجزيرة الكاريبية حلت مكان الولاياتالمتحدة على عرش سباقات السبرينت اقله في السنوات الاربع الاخيرة وفي المدى المنظور. وكان بولت وبلايك حلا ايضاً في المركزين الاول والثاني في سباق 100م، في حين احرزت مواطنتهما شيري ان فرايزر برايس ذهبية سباق 100م ايضاً، وحده لقب 200م افلت من جامايكا الذي كان من نصيب الاميركية اليسون فيليكس. ولا شك بان سباق التتابع 4 مرات 400م سيكون من نصيب جامايكا ايضاً اذا لم يرتكب افرادها اي خطأ في تسليم العصا والامر ينطبق على فئة السيدات في هذا السباق. ولطالما حمل سباق 100م ماركة «صنع في اميركا» باستثناء بعض الحالات النادرة عام 1972 عندما توج السوفياتي فاليري بورزوف بذهبية 100م، او البريطاني لينفورد كريستي في برشلونة عام 1992، او الكندي دونوفان بايلي في اتلانتا عام 1996. وللمفارقة، فان جامايكا لم تحرز اي ذهبية في سباقي 100م و200م على الصعيد الاولمبي في تاريخ مشاركاتها قبل بكين 2008، علماً بأنها دخلت الالعاب الحالية ولها 50 ميدالية منها 49 في العاب القوى. واذا كان الدوري الانكليزي الممتاز لكرة القدم ودوري كرة السلة الاميركي للمحترفين يستحوذان بشكل كبير على اهتمام الجمهور الجامايكي على شاشة التلفزيون، فان معظم المحليين يدركون تماما ان العاب القوى هي اللعبة رقم واحد عندما يتعلق الامر بوضع بلادهم على الخارطة الرياضية العالمية. ولا تعتبر جامايكا حديثة العهد في سباقات السرعة، بل بدأت تفرض نفسها قوة فيها منذ اولمبياد لندن عام 1948 عندما فاز ممثلها ارثر هانت بذهبية سباق 400م، فلم يتردد دوق ادنبره في دعوته الى تناول العشاء معه. وكان بامكان جامايكا ان تسجل اسمها في سباق 100م قبل انجاز بولت في الدورتين الاخيرتين، لو انها عرفت كيف تحافظ على ابرز عدائيها قبل ان يدافعوا عن الوان دول اخرى وابرزهم البريطاني لينفورد كريستي بطل اولمبياد برشلونة عام 1992، والكندي دونوفان بايلي بطل اولمبياد اتلانتا عام 1996، وحتى الكندي الاخر بن جونسون الذي جرد من ذهبيته في اولمبياد سيول 1988 لتنشطه، وكلهم من جذور جامايكية. واقترب ثلاثة عدائين جامايكيين من الذهب الاولمبي في سباق 100 م من دون ان ينجحوا في ذلك وهم هيرب ماكينلي عام 1952، ولينوكس ميلر عام 1968 ودون كواري عام 1976 لكن جميعهم اكتفوا بالميدالية الفضية، قبل ان يتوج بولت بالذهبية في بكين. وتعود نجاحات جامايكا في سباقات السرعة الى البرنامج الوطني الناجح وتطلق عليه تسمية «بطل»، الذي يعود الى العام 1910 ويجمع سنوياً افضل العدائين في مدارس جامايكا كافة، علماً بأن غالبية العدائين الذين احرزوا ميداليات اولمبية تخرجوا منه. ويستقطب هذا البرنامج سنوياً نحو الفي عداء وعداءة ويقام على مدى 3 ايام ويحضره 30 الف متفرج يومياً. وبرنامج «بطل» يتضمن سباقات لجميع الفئات العمرية اعتباراً من 5 سنوات، وهدفه اكتشاف المواهب وصقلها لجعلها تنافس على اعلى المستويات. ولطالما كان برنامج «بطل» هدفاً اساسياً لكشافي الولاياتالمتحدة الذين نجحوا في اقناع العدائين المحليين بالهجرة الى اميركا من خلال اغرائهم بمنح دراسية يقدمونها لهم ولا يحصلون عليها في بلادهم. بيد ان جامايكا تداركت هذا الامر وقدمت مساعدات كبيرة لعدائيها المحليين في السنوات الاخيرة، وبالتالي فان ابرز رياضييها وعلى رأسهم بولت وزميلاه اسافا باول ويوهان بلايك يعيشون في كينغستون ويتدربون في ملاعبها وتحديداً في معهد جامايكا للتكنولوجيا وهذا ما شجع اخرين لكي يحذوا حذوهم. ويقول مدير المعهد انطوني ديفيس «هناك الان حوالي 300 عداء يتبعون برنامجاً خاصاً». واضاف: «لقد زرعنا البذور منذ فترة طويلة وها نحن نرى الحصاد حالياً». بولت: سأتوقف عند هذا القدر ترك العداء الجامايكي اوساين بولت مصيره معلقاً بعد فوزه أول من امس الخميس بذهبية سباق 200 ضمن رياضة العاب القوى في دورة الالعاب الاولمبية وبعد ان حقق ما عجز عنه اي عداء آخر باحرازه الثنائية (100 و200م) في بكين 2008 ولندن 2012 اضافة الى ذهبية التتابع 4 مرات 100م في العاصمة الصينية. وقال بولت (25 عاماً) في مؤتمر صحافي: «حددت لنفسي هدفاً ان اصبح اسطورة وانا اصبحت الان بحاجة الى شيء يحفزني»، ورداًَ على اسئلة الصحافيين التي انهالت عليه حول ما اذا كان يريد الاستمرار في مسيرته، المح الى انه قد لا يذهب الى ريو دي جانيرو (2016) للدفاع عن القابه او على الاقل كل القابه. واضاف: «تحقيق الثنائية 3 مرات، اعتقد بانها مهمة صعبة. سيكون عمر هذين الشابين 26 عاماً بينما اكون انا على عتبة ال30»، في اشارة الى مواطنيه يوهان بلايك ووارن وير اللذين احرزا الفضية والبرونزية على التوالي في سباق 200م. وتابع: «اعتقد باني ارغب بالتوقف في وقت باكر قبل ان يتمكنا من الجري اسرع مني. كان لي عصري وكل شيء ممكن في الحياة، لكن يجب النظر الى ان هناك شباباً موهوبين يصعدون.