أبهرت السرعة الفائقة في نشر ورفع موائد الإفطار داخل الحرم المكي وحول الساحات التي تحيط به واستخدام تقنيات التواصل والعربات المتحركة جموع قاصدي بيت الله الحرام من معتمرين ومصلين . وتتحول ساحات الحرم إلى خلية نحل تنتشر فيها كتائب أكثر من 17 جهة حكومية في صورة إنسانية ماتعة تجسد الخبرات التي اكتسبها أبناء مكةالمكرمة في إدارة الحشود وفي أكبر تجمع عالمي لأداء الصلاة . عمليات تنظيم الساحات تبدأ بنشر أكثر من 400 شاب ما بين الساعة الثانية ظهراً إلى السابعة مساء حول ساحات الحرم المكي مشكلين أشبه بطوق بشري لمنع دخول المواد المطبوخة والعصائر والوجبات التي يجلبها المعتمرون من داخل مقر سكنهم وعادة ما تكون مقلية أو مسلوقة أو تجلب من المحلات التجارية أو السوائل المطبوخة مثل الشوربة بقصد توزيعها أو تناولها عند الإفطار كما يتم منع أجهزة الحاسوب والحقائب الكبيرة وجوالين تعبئة ماء زمزم وعبوات الألبان. كميات كبيرة يتم ضبطها وردها ربما تحول من تحقيق نظافة الساحات وتسهم في بروز عبء جديد على فرق النظافة في حين أن الموائد التي تقدم داخل الحرم المكي وخارجه روعي فيها الجوانب الصحية والتنظيمية وهي تلبي رغبات الصائمين . جولة «الرياض» كشفت لنا المهمة الصعبة لشباب ساحات رئاسة شؤون الحرمين في مراقبة دخول الممنوع وتفحص وجوه الداخلين وفطنتهم في كشف أساليب إخفاء الأطعمة الممنوعة لكن السؤال الذي برز أمامنا ماذا لو تم السماح لتلك الكميات من الأطعمة المطبوخة في الدخول إلى الحرم المكي وساحاته ؟ الوقوف اليومي على مداخل ساحات الحرم أكسبت الشباب المراقب للعمل تجربة كبيرة في كشف تمرير الوجبات الممنوعة ويقول صالح الهذلي مراقب : بمزيد من الفخر والاعتزاز أمارس عملي منذ أكثر من 3 سنوات مستشعراً أجر خدمة بيت الله الحرام بل ان العمل تحول إلى عشق رغم ارتفاع درجة الحرارة وصعوبة الوقوف اليومي وأضاف : تجاربنا ونقل طرق تحايل البعض لتمرير الممنوع جعلنا يقظين أمام تلك الحالات ولكن الذي يصدمنا عندما نكتشف بعض الحالات من كبار السن .ويشير ممدوح الحريبي أن تجربته العملية في ساحات الحرم مثيرة وممتعة وهو يعيشها لأول مرة بغض النظر عن العائد المالي إلا أنها صقلت مهاراته ووسعت مداركه وأثرت فراغه وحولته من مجرد نائم في نهار رمضان إلى صائم عامل في الميدان مما أشعره بالزهو والفخر . ويبلغ طول موائد الحرم المكي بأكثر من 34 كم تقريبا ً يشارك في تقديمها قرابة 35 جمعية ولجنة خيرية بمعاونة 300 موظف وعامل وبزيادة عن العام الماضي بنسبة 10% فيما تمثل تلك الموائد أكبر سباق خيري لإفطار الصائمين في قبلة الدنيا وعلى مساحة تزيد عن 200 ألف م2 وتشرف إمارة منطقة مكةالمكرمة مباشرة على أعمال الإطعام الخيري في الحرم المكي من خلال لجنة السقاية والرفادة التي تمنع أي جمعية غير متخصصة لتوزيع الوجبات . وحددت اللجنة جملة من الضوابط لدخول وجبات الجمعيات والجهات الخيرية المصرح لها من أهمها ألا يقل عدد الأصناف المكونة للوجبة عن 3 أصناف ولا يتجاوز خمسة أصناف مع مراعاة التنويع فيها وأن تكون محتويات الوجبة من العصير الطبيعي والحليب طويل الأجل والماء والشراب وألا تقل مدة صلاحية مكونات الوجبة عن شهر كحد أدنى .