اصبحت اسعار العقار هاجس كل مواطن بل أنها قضية الماضي والحاضر دون ظهور حلول جذرية تلوح في الافق القريب. لقد دعمت الحكومة تملك المواطنين لمساكنهم من خلال منح الاراضي وإنشاء صندوق التنمية العقاري منذ عقود ولأن بناء 500 ألف وحدة سكنية بقيمة 250 مليار ريال، لكن مازال اكثر من 48% من المواطنين لا يملكون مساكنهم نتيجة لتصاعد اسعار العقار، رغم أن البعض يعتقد أن نقص التمويل العقاري السبب الرئيسي في عدم قدرة معظم السعوديين على تملك مساكنهم، ما دفع مجلس الوزراء للموافقة على نظام الإيجار التمويلي، نظام الرهن العقاري، نظام التمويل، نظام مراقبة شركات التمويل من أجل توفير التمويل وتنمية السوق العقاري. ورغم تلك الموافقة على الرهن العقاري فلن يقلص من أسعار العقار بل سيزيدها ولن يزيد نسبة تملك أصحاب الدخول المتدنية كما هو متوقع في ظل ارتفاع معدل القروض الشخصية بينهم، حيث انهم غير قادرين على تحمل خصم 33% من رواتبهم ولا دفع 20% مقدما من قيمة العقار المرغوب فيه. إن ارتفاع اسعار العقار مصطنع لا يعكس واقع السوق، ولا متوسط دخل الفرد، وإلا لما ارتفعت الايجارات، والأسعار بنسب كبيرة. فعندما لا يكون هناك قيمة تاريخية مسجلة للأصل فإن مبادئ التقييم المقارن (Imputed valuation) يخبرنا بأن أي زيادة في سعر منزل ما سينتج عنه زيادة في سعر المنزل الذي بجواره، وهكذا (تأثير الدومينو). على سبيل المثال، لو لديك منزل بقيمه 100 ألف ريال وباع جارك منزله المماثل لمنزلك ب 120 ألف ريال، فانك لن تبيع منزلك بأقل من هذه القيمة دون ان تكلف نفسك شيئا. إذا الأصول يمكن زيادة قيمتها من خلال بيع عدد قليل منها بأسعار أعلى، وبنفس الطريقة يمكن تخفيض قيمتها أيضا. إن المقلق مع صدور نظام الرهن، أن ترتفع قيمة الأصول المحتسبة لتستخدم كضمانات إضافية لزيادة قيمة القروض، فعندما يتم تقييم المنزل المباع بهامش سعري مرتفع، سيمتد إلى بقية المنازل، مما يرفع من قيمة الضمانات والحصول على المزيد من الائتمان الى درجة ان المقترضين قد لا يستطيعون تسديد قروضهم، وعند تحصيل قيمة تلك المنازل فإنها ستكون اقل بكثير من قيمها السوقية (الفقاعة) أو تضطر المؤسسات المالية الى تشديد الائتمان وعندما يحدث ذلك، سوف تدور الاسعار في حلقة مفرغة بين الارتفاع والانخفاض. لقد عزا بعض البريطانيين ارتفاع الاسعار في بريطانيا الى النقص في المعروض معتمدين على العديد من التقارير التي توضح ذلك، ولكن لم يكن هذا صحيحا، حيث يوجد في بريطانيا اكثر من 300 الف منزل غير مسكونة ولمدة أكثر من 6 شهور، وبعضها اصبح غير صالح للسكن، مما أدى الى رفع الاسعار بشكل متصاعد ومطالبة اصحاب القرار بفرض ضرائب عليها. ان الذي يحدث لدينا مشابه لما يحدث في بريطانيا فأسعار العقار في مدننا مرتفعة جدا مقارنة بمتوسط دخل الفرد، مع كثرة الاراضي البيضاء، والشقق، والبيوت غير المؤجرة أو مسكونة لفترات طويلة، مما يدعم احتكار السوق، ورفع الاسعار، ويخلق نقصا في العرض مصطنعا. لذا ادعو الى فرض ضريبة على المساكن غير المسكونة لمدة 6 شهور، وضريبة متصاعدة، على الاراضي غير المستعملة لمدة سنة وذلك لمدة سنتين اخرى، ثم يتم بيعها في المزاد العلني، اذ لم يتم التصرف بها. كما يتم تنفيذ جميع عمليات البيع، والشراء، والإيجار، وتجديد الايجار من خلال موقع معلومات وزارة الإسكان، من اجل استكمال الاجراءات ولكي تتمكن الوزارة من متابعة تلك العمليات من اجل فرض الضريبة تلقائيا. على ان يرافق ذلك توفير الخدمات في مخططات خارج المدن، وتوفير وحدات سكنية متعددة الادوار داخل المدن مدعومة من الدولة، تبدأ قيمتها من 150 الف ريال بنظام التأجير المنتهي بالتمليك، لمراعاة الشرائح ذات الدخول المتدنية.