لا يكف رنين هاتف "عسّاف" -الأخ الأكبر- في ليلة الصيام الأولى، فهو مقر التقاء الأسرة في أول أيام الشهر الفضيل على وجبة الإفطار، على اعتبار أنه عميد العائلة، فأخوه "هلال" يتصل يبارك الشهر عبر الهاتف ليلة الصيام ويسأل: "الإفطار كالعادة يا أبو ناصر لديك غداً"؟، ويرد "عسّاف": "نعم إن شاء الله"، فيستبشر الأخ ويرد: "الله لا يقطع لك عادة، أنت الكبير، ولك التقدير والكرامة، وحق أن نأتي لديك لنبارك، تقبل الله طاعتكم"، يقفل الهاتف لتجد زوجة "عسّاف" نفسها من كل ليلة رمضان في مأزق تحضير وجبة الإفطار التي سيجتمع عليها الأسرة، بذريعة أن زوجها هو الأخ الأكبر في الأسرة، ولابد أن يلتم الشمل عنده. اعتادت الكثير من الأسر على أن يكون إفطار أول يوم رمضان في منزل كبير الأسرة، سواء كان أب أو أخ في حالة وفاة الأب، حتى تحوّل ذلك الاجتماع إلى عادة يدفع ضريبتها الأخ الأكبر، دون أن يفكر أحد بأن هذا الكبير له رغبة في أن يكون في إحد الأعوام المقبلة من المدعوين، مما يزيد من الحمل والضغط على زوجته، والتي من مسؤولياتها أن تتقبل هذا الاجتماع بكل رحابة صدر، في حين تحرم هي من اجتماعها بأسرتها إلاّ بعد مضي كم يوم من الشهر الكريم، وهنا يبرز السؤال: هل عادة الإفطار لدى كبير العائلة عادة للتكريم أم للتكليف؟. مسيرة الوالدين وقالت "منيرة القحطاني": أنا متزوجة منذ ما يقارب (10) أعوام، وكنّا نسكن مع أهل زوجي، بحكم أنه أكبر أبناء الأسرة، وعليه تحمل مسؤولية والده ووالدته، مضيفةً أن الاجتماعات العائلية كانت تكثر في المناسبات كالعيد وشهر رمضان، ولا تحلو إلاّ في بيت كبير الأسرة، مشيرةً إلى أنها كانت دائماً تُضحي براحتها واجتماعها مع أسرتها الصغيرة، مقابل انجاز هذا التقليد الذي ينهك سيدة المنزل ويقلق راحتها، ذاكرةً أنه حتى بعد وفاة والدي زوجها مازال هو متمسكاً بهذه العادة، على الرغم من تضاؤلها؛ بسبب ارتباط أخوانه وأخواته بأمورهم الشخصية. تعاون مفقود وأوضح "محمد علي" أنه ليس هناك أجمل وأروع من اجتماع الأهل في أول أيام الصيام، متمنياً لو أستطاع أن يكون مع عائلته في هذا اليوم، خاصةً وأنه في منطقة بعيدة عنهم، مؤكداً على أن وجود أسرة زوجته في ذات المنطقة، يخفف مشاعر الشجن في داخله، لافتاً إلى أن التجمعات مريحة للأسرة، ولكنها متعبة للزوجة، في ظل عدم وجود تكاتف بين نساء العائلة من حيث تجهيز وجبة الإفطار. تقدير ظروف ورأت "بشاير صالح" أن الأخ الأكبر يُعد وخاصةً من قبل الأخوات هو السند والعضد لهن بعد وفاة أبيهن، مضيفةً أنه بحكم أنها متزوجة من أخ أكبر، فإنها تحس بهذا الشعور، خاصةً عندما يجتمع زوجها بأخواته في أول يوم برمضان، ذاكرةً أنه بهذا السلوك والنهج يعطيهن الثقة والأمان، بل ويريد أن يشعروا بجو الأسرة الدافئ، مشيرةً إلى أنه كثيراً ما يقدر زوجها ظروف أخواته المتزوجات وارتباطاتهن العائلية، وأيضاً يحقق التوازن ما بينها وبينهن خلال زيارتها لأسرتها. مكان محايد ويشير "تركي العتيبي" إلى أن جمعة الأهل في منزل كبير العائلة سواء أخ أو أب ترهقه كثيراً، ويحرمه حتى هو من أخذ راحته مع أسرته، خاصةً إذا كان عمله منهك ويحتاج إلى الراحة بعد الإفطار، مضيفاً: "على أفراد الأُسرة تقدير هذا الشيء، وتجنب الإلحاح في مثل هذه العادة"، مبيناً أنه بالنسبة له فالأفضل أن تشترك كافة العائلة في هذا الاجتماع، بحيث تعمل كل عائلة إفطارها، والخروج بإحدى الاستراحات، ومنها يحققون عدة أمور منها؛ الاجتماع وعدم إرهاق الأخ الأكبر بمصاريف الوليمة، وكذلك تغيير النمط المعتاد وأجواء المنزل. تواصل ومحبة وقالت "نورة خازم": أن الاجتماع في منزل كبير العائلة تقليد لا يمكن التخلي عنه بسهولة، خاصةً لدى الرجال، وذلك يدل على التواصل والمحبة، مضيفةً أننا في زمن كثرة فيه الانشغالات وعدم الالتقاء إلاّ في المناسبات، مشيرةً إلى أن التعب يذهب وتبقى المحبة بين الأخوان والأهل، مؤكدةً على أن اللقاء سيكون مميزاً، وسيُزيل ما شاب بينهم من خصام.