قبل ساعة من رفع آذان المغرب، كان سعود الدوسري وأسرته المكونة من زوجته وطفليه، يغادرون منزلهم في مدينة الخبر، مستقلين سيارتهم، في طريقهم إلى بلدة البديع، للإفطار مع أقاربهم. والبديع إحدى ضواحي العاصمة البحرينية المنامة. وقد اعتادت عائلة الدوسري منذ سنوات على تخصيص يوم للإفطار في منزل أقاربهم في البديع، فيما يقوم هؤلاء بعدها بأسبوع بقطع جسر الملك فهد، لتناول وجبة الإفطار، أو السحور في منزل أقاربهم في الخبر. وعلى غرار عائلة الدوسري، تقوم مئات العوائل السعودية والبحرينية بالفعل ذاته، خلال شهر رمضان المبارك، فهناك عوائل عدة ،تجمعها وشائج القربى والنسب، تعيش على طرفي الجسر، وتجد في شهر رمضان فرصة لصلة الرحم، وبخاصة أن هذا الشهر يتميز عن غيره من شهور العام بقلة العابرين للجسر. فبحسب إحصاءات غير رسمية، فأن متوسط عدد عابري طرفي الجسر يومياً، لا يتجاوز خمسة آلاف شخص، بخلاف الأيام الأخرى من العام، إذ يصل فيه المتوسط إلى 60 ألف شخص، وبخاصة في المواسم، كالأعياد وبداية الإجازات المدرسية. ويقول منصور الصادق (من القطيف)، الذي قرر الإفطار مع أقاربه في بلدة السنابس البحرينية: «لم تعد الحدود الجغرافية وبُعد المسافات تمثل عائقاً أمام الكثير من الأقارب لزيارة بعضهم في دول الخليج، إذ دفعتهم الأجواء الروحانية في شهر رمضان المبارك، إلى التغلب على هذه العوائق وكسرها، والتي حرمتهم من رؤية بعضهم خلال الفترة الماضية. وأنعشت أيام شهر الصيام وأجوائه، التي كانت عاملاً مهماً ومساعداً في مد جسور التواصل بينهم، والتي كانت تقتصر فقط على الاتصالات الهاتفية، أو الرسائل النصية عبر الهاتف الموبايل». ولا يقتصر برنامج الصادق، على تناول الإفطار، أو السحور، فهو وعائلته يقضون هناك ساعات تمتد إلى أوقات متأخرة من ساعات الصباح الأولى، في «أجواء روحانية، التي تمثل بالنسبة لنا فرصة وحيدة لا تتكرر إلا في شهر رمضان، فهذا الشهر يمثل لنا فرصة ذهبية، للالتقاء حول موائد الإفطار والسحور، وفي سرد الكثير من الذكريات والقصص، إضافة إلى الاطمئنان على أحوال بعضنا، في موقف أشبه ما تكون بلقطات السينما المستعادة». ويقطع عبد الرحمن القحطاني وأسرته الجسر أيضاً، ولكن برنامجهم مختلف عن الدوسري والصادق، فهو يبدأ بتناول الإفطار في خيمة أحد الفنادق، والمشاركة في برنامجها الرمضاني ،الذي يستمر حتى ما بعد منتصف الليل بساعتين، قبل أن يعودوا أدراجهم إلى منزلهم في مدينة الدمام. فيما تفضل أن تستبدل أسرة ناصر العلي الخيمة بمشاهدة فيلمين في إحدى صالات السينما.