تشكل بعض العادات الاجتماعية المتداولة خلال شهر رمضان في بعض مناطق المملكة عبئا ماديا وجسديا على الأسر، كفرض دوريات الإفطار لدى كل بيت من بيوت العائلة حتى نهاية رمضان أو استجماع كافة أفراد الأسرة على وجبة الإفطار أو السحور، فترهق الأسر ماديا من تكاليف تلك السفر التي أضحى التنافس في تنويعها وتشكيلها وتعدد أصنافها محل تنافس الكثيرين، وترهق ربات المنازل من ناحية أخرى في الساعات التي يستغرقنها في إعداد وتحضير تلك الوجبات وترتيب وتجهيز المنزل لاستقبال الأقارب وبالتالي الانشغال عن العبادة وقراءة القرآن والانشغال عن واجبات أسرية أخرى. ومن العادات الدارجة في بعض قرى منطقة عسير عادة الإفطار الدوري أو ما يسمى ب"الدوريات" . ويقول عنها مشبب عامر عسيري وهو رب أسرة أن الدوريات هي اتفاق أفراد العائلة الكبيرة التي تحوي أكثر من أسرة صغيرة على تنظيم مسألة إفطار كافة أفراد العائلة رجالا ونساء لدى كبير العائلة في أول يوم برمضان ومن ثم الأصغر منه في اليوم التالي وهكذا حتى ينتهي الدور ويعود لكبير العائلة من جديد، ويستمر ذلك حتى نهاية رمضان، مبينا أنها عادة اجتماعية لم تعد مطبقة عند بعض العائلات إلا أن منهم من ما يزال يعتز بالتمسك بها كونها مساهمة في ازدياد فرص التواصل بين أفراد العائلة واشتداد أواصر الترابط الأسري فيما بينهم . وعن أصناف الطعام المقدمة ضمن سفرات الإفطار الدورية قال عامر "تختلف بين كل ربة منزل وأخرى فكل واحدة بحسب ذوقها وبحسب معرفتها، إلا أنهن جميعاً يشتركن في الأطباق الرئيسية كالسمبوسة والشوربة ولقمة القاضي والحلبة والفول و الشعبية كذلك كالخبز المنزلي والقطايف بالسمن البلدي وغيرها ومن النساء من تتصل بربة المنزل لتحمل عنها أحد الأطباق الرئيسية وتجلبه إليها في يوم الدور لديها . ويضيف عسيري "تعد مثل هذه الدوريات مرهقة فعلا لربات المنازل جسديا فبدلا من صنع طبق واحد أو صنف واحد لعدد أفراد الأسرة الصغيرة أضحى لزاما عليهن صنع كميات كبيرة تكفي أفراد العائلة من رجال ونساء كما أن في ذلك إرهاقا ماديا على رب الأسرة الذي يضطر لمضاعفة كميات ما يشتريه من أغراض الطبخ لتكفي الكمية المطهوة للجميع، لكنها عادة اجتماعية أصبح من الصعب التخلص منها بعد الاعتياد عليها خاصة أن كبار السن في الأسرة هم أكثر من يأبى ترك هذه العادة والتخلي عنها . ويقول سعيد حسين وهو رب أسرة إنه اعتاد في رمضان على تناول وجبة الإفطار لدى والده منذ زواجه ولا يحب تناول إفطاره مع زوجته وطفليه وحدهم إذ يشكل الجو العائلي نوعا من الألفة، مضيفا "نجتمع أنا وإخواني المتزوجين لدى والدي ووالدتي كل يوم برمضان وتجلب زوجة كل شخص منا طبقا لتحضيره على السفرة، فيما تعد الوالدة الأطباق الرئيسية التي اعتدنا تناولها كالخبز المنزلي والشوربة , لافتاً إلى أنه في حال التعاون سواء في جلب أغراض الطهو واحتياجاته مع الوالد أو من خلال جلب بعض الأصناف من الطعام التي تعدها زوجات الأبناء على سفرة الإفطار يكون الأمر غير مرهق بل ممتعا ووسيلة جميلة للتواصل الأسري . ومن ناحيته أوضح الأخصائي الاجتماعي خلف الشمري أن الاجتماع والتواصل مع الأقارب واجتماع أفراد العائلة على سفرة رمضان أضحى سمة يتسم بها هذا الشهر الفضيل، وهي إيجابية إذ تحث على التواصل وتجعل الأبناء على صلة مع آبائهم والإخوان مع إخوانهم إلا أنها حين تخرج عن إطار الاجتماع المعقول المبني على التعاون المشترك بين ربات منازل العائلة وتضحي إرهاقا ماديا لرب الأسرة من مصاريف ومنافسة في تقديم أصناف مختلفة من الأطعمة حد التبذير، فهنا يكون الأمر سلبيا وينبغي ألا تنتشر هذه الظاهرة بهذه الصورة السلبية . ولفت الشمري إلى أن من الاقتراحات التي تخفف من عبء الأسر في تلك الاجتماعات أن يكون يوما واحدا في الأسبوع مثلا بدلا من كونه بشكل دوري يرهق الجميع ولترك مساحة للعبادة كذلك، كما أنه من الجميل أن يتم التعاون والاتفاق بين النساء على طهو كل واحدة لصنف رئيسي من الطعام حتى لا يتم صنع كميات كبيرة ثم لا تؤكل أو حتى لا يكون العبء ملقى على عاتق امرأة واحدة فقط .