أصبح الإسلام في بريطانيا مشروعاً قانونياً منذ عام 1812 ميلادية، والآن يشكل المسلمون ثاني أكبر تجمع عقائدي بعد المسيحية في بريطانيا. يقدر عدد المسلمين في بريطانيا 2.4 مليون شخص من مختلف الأصول وهناك ما لا يقل عن 1500 مسجد. أول من بنى تجمعات إسلامية في بريطانيا هم البحارة اليمنيون الذين قدموا للعمل في المرافئ في القرن التاسع عشر إضافة لقدوم المسلمين الآسيويين في الستينيات الذين كانت بلادهم جزءا من الاستعمار البريطاني، ومسلمو شرق أفريقيا. لكن نصف عدد المسلمين الحاليين هم من مواليد بريطانيا وثلثهم ممن هم دون سن السادسة عشرة. لذلك لقدوم شهر رمضان المبارك لمسة ملحوظة على الحياة العامة. حلّ رمضان هذا العام في أغسطس أي في الوقت الصيفي الذي يمتد فيه النهار طويلاً كون بريطانيا قريبة من الجزء الشمالي من الكرة الأرضية، حيث يمتد وقت الصيام في بعض المناطق إلى ما يعادل 19 ساعة من الصيام في اليوم. وحيث إن الأذان لا يسمع نتيجة محاذير عامة تحظر استخدام الصوت مثل منع استخدام بوق السيارات، يعتمد كل شخص على أسلوبه الخاص في مراقبة وقت السحور والإفطار. كما تختلف عادات الأقليات لكن غالباً ما تهتم المدارس والمراكز الإسلامية بتكثيف المواد التثقيفية المتعلقة في رمضان قبيل وأثناء الشهر الفضيل. الطالبات والموظفات العربيات المغتربات في رمضان مجموعة من الطالبات العربيات اللواتي قابلتهن مغتربات عن الأهل للدراسة في بريطانيا. ومشاعر الطالب المغترب في رمضان وأسلوب حياته تختلف عن أسلوب حياة المتزوجين المستقرين في عائلات ممن يستمتعون بمساندة عائلية وخصوصاً النساء اللواتي لا يوجد من يشاركهن حمل الأعباء في رمضان. الإفطار كوب شوكولاتة ساخن سميّة موظفة مغربية فرحة جداً لأن والديها سيحضران لقضاء الأسابيع الثلاثة الأخيرة من رمضان معها، لذلك تشعر بسعادة غامرة إذ أن آخر رمضان أمضته معهما كان منذ سنوات. تقول سميّة إن رمضان في لندن مجرد عمل ثم إفطار على حبات تمر أو كوب من الشوكولاتة الساخنة ثم صيام. لكنها تنتظر بفارغ الصبر حضور والدتها لتأكل طعاماً بيتياً وخصوصاً طبق الحريرة. وبسؤالها إن كانت تعرف كيف تصنع هذا الطبق أجابت “ نعم” لكن لا أنجح تماماً في صناعته مثل أمي اللحم الحلو أمنية أمينة أمينة طالبة جزائرية تقول: يجب أن نقرأ القرآن على امتداد العام لكن أستغفر الله الحياة تدفع بالعبادات إلى الوراء ولا نقوم بما يكفي، نركض ونلهث خلف الحياة طيلة العام ورمضان يعيدنا في كل مرة إلى حيث يجب أن نكون، وبسؤالها عن صعوبات معينة في رمضان قالت: «أصعب شيء في رمضان أنه كان عندنا تدريب رياضة كرة قدم قبيل الإفطار، وكنا نتعب تماماً ونشعر بالعطش». وبسؤالها ماذا تفتقد من أطباق والدتها قالت: اللحم الحلو وهو طبق لا تخلو منه مائدة جزائرية وهو مصنوع من المشمش المجفف أو البرقوق والزبيب واللوز مضاف إليه بعض التفاح والسكر ومطبوخ مع اللحم. غربة هنا وغربة هناك رشا طالبة سورية يعمل أبواها في أبو ظبي وتعيش مع شقيقها وكلاهما طالبان، تقول رغم أن كلانا طالبان إلا أنها حملت عبء الأمومة رغم أن شقيقها يكبرها، فعليها تحضير الوجبات، وإيقاظه للسحور وشراء حاجيات المنزل رغم أن وضعهما متشابه من حيث أنهما يدرسان. بعض السنوات تحضر والدتهما لقضاء رمضان معهما لكن يبقى والدهما وحيداً في أبو ظبي مع إخوتهما الصغار، وأحياناً تبقى الأم مع زوجها والصغار في أبو ظبي وتبقى رشا وأخيها وحدهما. تقول ماذا نفعل؟ بالنسبة لنا نحن هنا مغتربان، ووالدانا في أبو ظبي مغتربان أيضاً. نادية طالبة مصرية الأصل متخوفة من طول النهار، تقول كل عام يقترب رمضان من الصيف وتزداد ساعات الصيام، لا أدري كيف سنحتمل الساعات الطوال من الصيام لأن النهار طويل جداً. لكنني أشعر بأن رمضان بالنسبة لي مثل العلاج وأنتظره بفارغ الصبر أحلم بالذهاب إلى سوريا لأنها الأقرب لفلسطين بنان طالبة من أصول فلسطينية من مواليد بريطانيا: “تقول إن صديقاتها الانجليزيات عندما كن يسمعن بأنها صائمة يعتبرن ذلك عملاً بطولياً لذلك كانت تشعر مثل الطاووس لكثرة الفخر عندما كن يأكلن بينما تمتنع هي عن الأكل. لكنها تعاني من طول نهار الصيام في بريطانيا وتتمنى الذهاب لقضاء رمضان في سوريا فهي تتمنى ان ترى المسحراتي الذي يقرع الطبل وقت السحور ولأن سوريا هي أقرب ما تكون لفلسطين التي لا تستطيع العودة إليها. متى أحصل على «مهيبة»؟ وتقول راوية وهي طالبة جزائرية: «عشت في المكسيك وقضيت رمضان فيه كنت أشعر بالوحدة تماماً لأنه لم يكن حولي جالية مسلمة. وعشت في اكابولكو ولم يكن هناك من أحتفل معه، إلى ان انتقلت إلى بويبلا هناك ولله الحمد مجتمع مسلم صغير، كنت أعيش في منزل الطالبات وكان هناك مسلمون متزوجون أيضاً في مساكن الطلبة. لكن بشكل عام رمضان هو وقت الحزن بالنسبة لي لأنني أتلقى البريد الالكتروني من الأهل والصديقات في الوطن، حيث يخبرونني عن ماذا أكلوا وأين ذهبوا للصلاة، ومن دعاهم إلى الإفطار».