ما حدث في الباحة قبل أيام قريبة لا يؤخذ على أنه خلل طارئ، أو خطأ فردي ذهب ضحيته مواطن وتضررت منه زوجته وأبناؤه؛ كما لو كانت المطاردة من قبل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عملاً مشروعاً وتتم إثر معلومات ربما تتعلق بأمور بالغة الخطورة.. عندما يقال لك إن الحادث تم مع مواطن وأسرته فليس هناك أي مبرر لقسوة ما حدث.. هل نحن أمام خطأ فردي؟.. أمام غلطة مكتب خاص؟.. الصحيح.. لا.. إن الأمر لا يتعلق بموقف رسمي أو أمني تجاه خطأ في حق مواطن.. المسألة ليست خطأ خاصاً.. ليست تجاوزاً فريداً في نوعية حادثته كما لو أن ما تم ليس وارداً في كثير من تصرفات الهيئة.. دائماً تحدث مثل هذه التجاوزات لكن معالجة الأمر وحتى ما يكتب عنه تتوقف عند فردية الحادث، وليس عند نوعية مباشرة الهيئة لمسؤولياتها.. أجزم أن أي عقوبة لن تغير من طبيعة الأوضاع القائمة، وأجزم أيضاً أن أي شاهد يدين الرجل المقتول لا يبيح تفاصيل ما حدث.. علينا أن نلقي نظرة على داخل عدة دول إسلامية وعربية بالذات ونبحث عن أي تشابه لأساليب رعاياتها الأخلاقية وبين طبيعة ما يحدث لدينا في المملكة.. وسنجد أن قسوة الفوارق توهم غيرنا أننا نحظى بإسلام خاص لا يعرفه غيرنا.. أجزم أن هيئة الأمر بالمعروف عبر مختلف إداراتها ليست لديها صلاحية ممارسة ما حدث من قسوة تعامل، لكن الأمر لا يتعلق بالصلاحيات وإنما يتعلق بمستويات المفاهيم والثقافة الإسلامية.. أعتقد أن اختيار مَنْ يقومون بحماية السلوك الاجتماعي ومَنْ تسند إليهم مسؤولية بثّ التوعية عبر الاقتراب من كل مواطن يجب أن يكونوا على مستوى جزل في كفاءة الوعي وفي جزالة الثقافة الدينية.. وهؤلاء لن يتوفّروا بفتح الباب لمَنْ يحْتسب وإنما ببذل ما يستحقه مَنْ هو مؤهل وعياً وتعليمياً.. بغض النظر عن نوعية مَنْ كانوا طرفاً في الحادث.. نعم نريد رعاية أخلاق وآداب؛ لكن نريد أيضاً كفاءة مَنْ يقوم بهذه الرعاية..