من رموز الأدب في بلادنا، حمل هم الوطن والمجتمع وصاغه في نثر وشعر، وشارك وساهم في مناسباته معلناً أهمية التمسك بالجذور ونبذ القشور، محمد العيد الخطراوي الذي وافاه الأجل بالأمس الأول رحمه الله رحمة واسعة وغفر له وأسكنه فسيح جنانه، ترك لنا الخطراوي -رحمه الله- أنموذجاً للأديب العالم المخلص لدينه ووطنه ومجتمعه، والذي قدم أعمالاً ستخلد له لما تحمله من مضامين أدبية رائعة تلتحم فيها المشاعر والحقائق والمغرفة المبنية على المنهج العلمي الصحيح، فإذا طالعت ديوانه –رحمه الله- (أمجاد الرياض) ستجد أنها ملحمة وطنية رائعة في مؤسس البلاد الملك عبدالعزيز –رحمه الله-، وإذا طالعت تحقيقاته العلمية فستجده وفياً للمدينة المنورة وتراثها وأدبائها، أعماله مزجت بين الأدب الجاد والمعرفة الحقيقية التي حظيت باهتمامه باعتباره أديباً وأستاذاً أكاديمياً. أتذكر عند لقائي الأخير به –رحمه الله- في بيت أخي العزيز الدكتور زاهر عثمان في طيبة الطيبة كيف تحامل على تعبه والمه وجاء رغم أنني كنت مقرراً زيارته في بيته، وازدان الحديث ذلك اليوم بآرائه ومشاعره التي لا تهدأ لأنه يحس بالوطن ويتلمس مواطن التقدير له. وعندما فاز بجائزة الأمير سلمان بن عبدالعزيز عبر لي شخصياً –رحمه الله- عن سعادته وألمه لأنه فرح بالجائزة التي تحمل اسم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي يقدره ويحبه ولأنه فاز بها وهو يعاني من الألم الذي ألم به ولا يستطيع أن يعبر عن ذلك الفرح كما ينبغي وفق أسلوبه الراقي. رحمك الله يا فقيد المدينة والوطن، ويا رمز المواطن المخلص لوطنه، الذي سخر له القلم والفكر وأعطاه الإبداع والعمل المخلص، ولعلي اقترح على مركز بحوث ودراسات المدينةالمنورة وهو يدخل مرحلة جديدة من النشاط الجاد أن يلتفت إلى تراث الخطراوي ويهتم به بمناسبة المدينةالمنورة عاصمة للثقافة الإسلامية وفاءً لهذا الرجل الذي أصبح اسمه محفوراً في ذاكرة الوطن والثقافة الإسلامية.