أكد الروائي أحمد الدويحي أن من يكتب الرواية في المشهد السعودي، مجرد أطفال لا يمتلكون الخبرة، ويبحثون عن الشهرة، مشدداً على أن الرواية يجب أن تكتب بعد سن الأربعين، «حين تكون الرؤية الحياتية تشكلت لدى الكاتب وأصبح له عالمه الخاص». وقال: أما في حالتنا اليوم، فنحن أمام أطفال يكتبون بحثاً عن الشهرة وجدوا دور نشر تطبع لهم بدافع المال». اعتبر أحمد الدويحي أن أي نص روائي يحمل فكرة أيدولوجية إنما هو «بوق». وقال: رغم أن تحديد الموقف الأيديولوجي أو السياسي قد يكون ضرورياً في الرواية، إلا أن من مهامها أيضاً «الاهتمام بالتعددية»، مؤكداً أن الرواية ليست ضد المجتمع ولا تمثل الفرد الأحادي، وأشار إلى أن الإشكالية بدأت مع حركة الحداثة الشعرية فترة السبعينات والثمانينات وتزامنها مع الصحوة، إذ بدت الحركة وكأنها مصادمة للمجتمع «على رغم أنها كانت أطهر ما جاء في المشهد الثقافي، لو لم يخالطها شوائب نقدية، قبل أن يضيف أنه يحدث اليوم الشيء نفسه مع الروايات». وتساءل: «على رغم هذا الكم الروائي، ما حجم القراءة النقدية لما يصدر؟ قبل أن يشير إلى ظهور اهتمام أكاديمي في دراسة الرواية بخاصة من الطالبات، مستشهداً ب 9 باحثات تواصلن معه لدراسة الظاهرة الروائية وتقديم رسائل جامعية، مبيناً أنه يعول على هذا الاشتغال النقدي النسائي وبعول على ما سيقدمه من دراسات للرواية المحلية. وأكد الدويحي أنه لا يبحث عن النقاد العرب، مشيراً إلى أن الرواية المحلية «وجدت قبولاً من النقاد العربي، لكن ليس لجودتها، وإنما لأننا بلد يشبه قارة تضم بيئات متعددة وتحولات». واعترف أنه لم يعد يفكر في الرقيب منذ روايته الثانية «ريحانة»، معتبرا «المكتوب مرة أخرى» أهم رواياته «إذ وظفت فيها جهدي كونها تعنى بالرواية وتصوري لها، قبل أن يضيف استفادته من وظيفته كمونتير في كتابة «مدن الدخان». وانتقد الدويحي، في محاضرة نظمها النادي الأدبي بالرياض أخيراً وإدارتها عضو الجمعية العمومية هند الشيباني بعنوان: «فضاء السرد»، ظاهرة الكتابة الروائية الشابة وطغيان مواضيع حروب الخليج والصحوة والطفرة على قضايا المشهد الروائي، «في وقت نحتاج منهم إلى الغوص في أعماق المجتمع». ولفت إلى أن تنصيب رواية «بنات الرياض» وصويحباتها لمواجهة الصحوة، ودعمها نقدياً سبب أزمة، «إذ وجدنا أنفسنا بين تيارين أحدهما يحاول إحراق الرواية والآخر يشجعها، في الوقت الذي لم يكن مطلوباً من الرواية أن تتوسل كل هذه الظواهر». وفي ما يخص فضاءه السردي قال الدويحي: «نسجت فضائي السردي من تراكم محطات حياتي، حتى أصبحت ذاكرتي الروائية مستودعاً، إذ شكلت طفولتي في القرية تفاصيل هذه الذاكرة المليئة بالأحداث، التي كانت مثل وشم يلوح منتظراً توظيفه بين حين وآخر، لكني رغم أن القرية الجنوبية حفرت في ذاكرتي نصوصي الروائية الأولى، إلا أني استطعت أن أنتقل لفضاء مكاني آخر في ما بعدها من روايات مع انتقاله للمدينة الرياض في مرحلة كانت الرياض مأوى كتاب القصة الحديثة، أمثال حسين علي حسين ومحمد علوان وجارالله الحميد وعبدالله السالمي وعلوي الصافي، وكانت القصة بتعدد فضاءتها الجنس الأدبي الممتع، قبل أن تأتي الرواية وتسيطر على المشهد»، كاشفا أن أولى روايات المرحلة الروائية الجديدة كانت مع روايته «ريحانة» ورواية عبدالعزيز الصقعبي «رائحة الفحم»، ورواية «الغصن اليتيم» لناصر الجاسم.