أجاد فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد في موضوع خطبته ليوم الجمعة الماضي والتي تطرق خلالها إلى ظاهرة جديدة على مجتمعنا وهي ظاهرة تحويل ساعات الليل إلى سهر وعمل وتحويل ساعات النهار إلى نوم .. وأن هذه الظاهرة تخالف سنّة الحياة التي خلق الله سبحانه وتعالى عليها عندما جعل الليل للنوم والنهار للعمل ؟؟ حقيقة عند التمعن في هذا الموضوع الذي أثاره فضيلة خطيب الحرم المكي الشريف ندرك فعلاً أن السهر طوال الليل حتى طلوع الفجر أو حتى طلوع الشمس ومن ثم النوم إلى منتصف النهار أو أكثر من ذلك إنما هي ظاهرة آخذة في الانتشار بين كثير من شرائح كثيرة في المجتمع وأصبحت عادة لدى الكثيرين بل وأصبح هذا أسلوباً يتفاخر به الكثيرون الذين يرون أن السهر والنوم بمثل هذا الأسلوب علامة تميز وافتخار وتطور ؟! وبالتالي سرت هذه الظاهرة بين الشباب والأسر وخاصة أكثر خلال فصل الصيف ومع بداية الإجازة الصيفية 0 إن هذه الظاهرة بقدر ما تكون مقبولة للطلاب والعائلات خلال الإجازة الا ان المشكلة الأهم هنا أن هذه الظاهرة أو هذا الأسلوب في الحياة انتقل إلى فئات كثيرة وخاصة من المسؤولين ومن الموظفين في أجهزة الدولة فقد أصبح تأخر حضور فئات كثيرة من المسؤولين في أجهزة الدولة ومؤسساتها الرسمية إلى أعمالهم ومكاتبهم إلى ما بعد بداية الدوام الرسمي بعدة ساعات هي الظاهرة الأهم هنا؟؟ وذلك يعود إلى اعتيادهم الشخصي على تحويل الليل إلى وقت العمل وتحويل النهار إلى وقت نوم؟؟ ولهذا سرى هذا الأسلوب او الطابع في حياة أولئك إلى فئات أخرى من الموظفين فأصبح منهم من يضطر إلى مواصلة العمل مع السهر وبالتالي يكون حضوره إلى عمله كعدمه بسبب الحالة التي يحضر بها إلى عمله. إن وضعنا الاجتماعي في ظل هذه الظاهرة يؤكد تفشي سلبيات كثيرة تجتاح المجتمع وبالتالي تعطي الانطباع الحقيقي لقياس تطوره ووعيه وثقافته ونظام العمل في هذا المجتمع وهي جزء من مقاييس كثيرة أصبحت تتأثر كلها بانتشار هذه الظاهرة التي أصبحت تؤدي إلى إهدار وضياع وتأخير حقوق كثيرة للمراجعين وللمصلحة العامة ؟؟!! بسبب قلب نظام الأداء والعيش والعمل المثالي الذي خلق الله الإنسان عليه .. وأيضا تأثير ذلك سلبياً على بقية نفسية الموظفين الملتزمين بوقت الحضور الرسمي للعمل ؟؟0 إن مجتمعنا أصبح في ظل تفشي هذه الظاهرة بحاجة ماسة وملزمة إلى إعادة تنظيم أسلوب عمله وحياته الأسرية والخاصة والاجتماعية.. وأعتقد أن ذلك يدخل ضمن مسؤوليات جهات كثيرة أهمها اجهزة الرقابة والمتابعة في كافة قطاعات الدولة التي يجب أن تجبر جميع العاملين في أجهزة الدولة كبيرهم قبل صغيرهم على الالتزام التام بالحضور الى العمل في تمام الساعة السابعة والنصف صباحا وعدم الخروج منه قبل الساعة الثانية والنصف ظهرا كما هو مكتوب في نظام العمل الرسمي .. وهذا التطبيق الصارم سيلزم الجميع تلقائيا على النوم ليلا والعمل نهارا؟؟ كما أن نظام العمل التجاري أيضاً بحاجة إلى تغيير لأنه ليس من المنطق أن يظل الكثير من المحلات التجارية العامة يعمل إلى ساعة متأخرة جدا من الليل مما يعطي انطباعا مؤكدا ان السوق وساعات العمل لدينا ليس فيها نظام يحكم هذه الظاهرة أسوة بكل دول العالم؟؟ ولذلك ساعد استمرار عمل هذه المحلات الى منتصف الليل او بعد ذلك على تفشي ظاهرة السهر؟؟ وليس ذلك بسبب أن من يعمل فيها هم سعوديون بل على العكس من ذلك كله فمن يعمل في هذه المحلات هم من الإخوة غير السعوديين، العزاب الذين نراهم يأكلون وينامون في هذه المحلات ؟!! وهذه الفوضى العملية هي السبب الرئيسي في تعثر سعودة هذه المحلات بسبب عدم قدرة الشاب والمواطن السعودي على العمل في محلات ومهن تعمل على مدى عشرين ساعة في اليوم تقريبا ولا يحكمها نظام وقت عمل محدد وواضح يساعده أيضا على تكييف وقته الأسري والاجتماعي؟؟ .. لذلك فإن ظاهرة السهر والنوم نهاراً ظاهرة تحتاج إلى دراسة والمجتمعات المتطورة والمتحضرة في كل دول العالم لا نجد فيها مثل ذلك ..؟ وتلك المجتمعات نجد في أجهزتها الرسمية الالتزام المثالي والمحترم والمتكامل من الجميع وعلى رأسهم المسؤولون بوقت العمل منذ بدايته حتى نهايته وبكل احترام ؟؟!! والالتزام الكلي والمثالي بوقت العمل وبوقت النوم إنما هو مقياس حقيقي ومباشر لدرجة وعي المجتمع في أي دولة؟؟ وهذا ما ننشده حتى لا يتحول مجتمعنا إلى مجتمع ليلي ؟! [email protected]