ليس ثمة مدلول حقيقي على سوء واقع الرياضة السعودية الراهن إلا ما تعيشه اليوم من تعاطٍ مخجلٍ مع العد التنازلي لانطلاق أولمبياد لندن، حيث تدير ظهرها لأكبر تظاهرة رياضية عالمية، إذ لا نرى حراكاً، ولا نسمع ولو همساً عن أي عملٍ يدلل على أي نوع من أنواع الاستنفار، بل إننا لم نقرأ خبراً رسمياً واحداً صادراً عن اللجنة الأولمبية، في حين شمر العالم ذراعيه تأهباً لساعة الصفر. يكفي فقط أن كل المهتمين بالمشاركة السعودية في الأولمبياد المنتظر لا يعلمون عن أبسط الأمور حول المشاركة، فضلا عن التفاصيل الدقيقة، فحتى هذه اللحظة لا يعرفون سوى أن ثلاث ألعاب ستكون حاضرة في لندن وهي ألعاب القوى، والفروسية، ورفع الأثقال، بينما لا يعلمون عن عدد اللاعبين المشاركين، ولا الهدف المرسوم لمشاركتهم، بل لا يعملون حتى اللحظة من هو الرياضي الذي سيتشرف بحمل العلم السعودي في حفل الافتتاح، وهو الشرف الذي يتمناه كل رياضيي العالم، بل حتى المشاركة النسوية السعودية لم تعلن عن طريق اللجنة الأولمبية السعودية وإنما عن طريق السفارة السعودية في لندن، وحتى اللحظة لا تنبس لجنتنا الموقرة ببنت شفة في هذا الموضوع وكأن على رأسها الطير!. وكيف ننتظر أدنى اهتمام من لجنتنا الأولمبية بالحدث العالمي وهي تغط في سبات عميق، باستثناء صحوتها في ليلة (الصقر الأولمبي) حين حدثتنا في ليلة وردية حالمة أشبه ما تكون بليالي ألف ليلة وليلة بأن ذلك الصقر سيكون ذا جناحين كبيرين، ومنقاراً جارحاً، ومخالب حادة، ونظرة ثاقبة، سيتمكن معه رياضيونا من التحليق عالياً في عاصمة الضباب لاصطياد ما خف وزنه وغلا ثمنه، قبل أن نتفاجأ في ساعة الجد أن صقرنا الذي أقمنا له الأفراح والليالي الملاح ليس سوى صقر من ورق، لا يهش ولا ينش، وليس عنّا الأولمبياد العربي في الدوحة ببعيد!. ما يجب أن يقال اليوم بكل وضوح، إن أولمبياد لندن إن كان يعري شيئاً من حقيقة رياضتنا فإنه لا يعري إلا جزءاً يسيراً من تلك السوءة الفاضحة، وإلا فإن حقيقة هذه الرياضة أكبر بكثير من أن تختزل في مقالة مقتضبة، أو حديث مرتجل، فالإهمال يضرب أطنابه في جل الاتحادات، والفشل يعشعش في أركان غالبيتها، والفوضى تنسج خيوطها في معظمها، والناجحون منهم يشكون لطوب الأرض من اللامبالاة، وعدم التقدير، وسوء التعامل، فلا موازنات مالية تلبي الحدود الدنيا، ولا تكريم يعبر عن قيمة المنجز، بل ولا حفاوة معنوية تليق بما يتحقق من نجاح. إنني أسأل هل تلقى ألعاب القوى بكل ما قدمت من إنجاز على مدار عقدين كاملين، وبما أسهمت فيه من حفظ لماء وجه الرياضة السعودية في غير مناسبة الدعم الذي يليق بها، وهل وجدت كرة اليد وهي التي ما برحت تشعرنا أننا لازلنا موجودين على الخارطة العالمية ما يتوافق وهذا الوجود، وحتى يأتي الجواب من المعنيين بالأمر سأترككم تبحثون عن الأسباب التي تجعل الأمير نواف بن محمد لا يفتأ يفكر في الرحيل عن ألعاب القوى بعد كل تلك المنجزات التي حققها، ومعها الأسباب التي تجعل عبدالرحمن الحلافي وهو الرئيس الأنجح على الإطلاق هذا العام يعلن استقالته!