كان سموه يقول معاتبا : أنا لا يقلقني السجين الذي ذهب إلى السجن بخطئه قدر ما يقلقني الطلقاء من أهله لأنهم يسجنون اجتماعياً وخصوصاً في القضايا الشائنة التي ينبذها المجتمع وهم الضحايا الحقيقيون، ولهذا نسارع في إطلاق ذويهم ونتلمس لهم عشرات الأعذار والمناسبات ونقيم قراراتنا في إطلاقهم على المعلومات المؤكدة التي تشير إلى أن الغالبية العظمى من المساجين لا يعودون إليها بعد أول درس. كان ذلك من أجمل ما قرأته ذات يوم لم يكفكف بها دمعي بأحدى مقالات الكاتب علي الموسى بجريدة الوطن كلمات جمعت بين الشدة والحزم بحياة فقيد الأمة والوطن الأمير نايف بن عبدالعزيز طيب الله ثراه من جهة وبين الرفق واللين من جهة أخرى شدة مع فرد أو فئة متمردة حاولت زعزعة أمن الوطن. هذا الفرد الذي انحرف فكره بات خطراً لا على وطنه فحسب بل على أهله وبالتأكيد على نفسه أولا . ولأن الذنب ذنب فرد فالتشهير به لأول وهلة ضرر على من حوله دون تحقيق فائدة ترجى. وهذا الضال يحتاج لتوجيه وإصلاح دون انتقام من أهله وذويه تلك كانت سياسته مع مثيري الفتنة والإرهاب وذلك ليس بمستغرب بسيرة رجل دولة كالأمير نايف بن عبدالعزيز وهو القائد والمسؤول الأول عن الملف الأمني وولي العهد، الذي لم يكن يتعامل مع الملف الأمني بشكل عسكري صرف، ولكن بحس من التربية والإدارة والأبوة مع حزم صارم لحماية الوطن وأبناء وبنات الوطن. كان رحمه الله وجعل الفردوس الأعلى مقامه يتمثل بتصرفاته ما تمليه عليه الحكمة وأروع ماسمع وما عرف عن شيم وأخلاق وشهامة العرب الحقيقيين والقادة المسلمين الأوائل وقبلهم الصحابة والرسل عليهم السلام . نعم هذا ما جبلت عليه النفوس الزكية والشخصيات القيادية الناجحة أمثال قامة شاهقة ظلت تحمل هم الوطن وتحقيق أمنه طيلة العمر كقائد استثنائي.. أثبت وجوده وهيبته ورسم خطة الأمن لأبعد مدى . نراه استثنائيا لأنه استشعر حجم وعِظم المسؤولية الملقاة على عاتقه، وأدرك معنى وأهمية ربط الوطن بالأمن، وربط الأمن بالمواطن، وربط الأمن بالمستقبل.فلا مستقبل بلا أمن وأمان . فلم يكن سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز، رحمه الله وأعاننا على فقده ، ولي العهد ووزير الداخلية ونائب رئيس مجلس الوزراء، شخصاً عادياً أو حتى قائداً عابراً، بكل يوم عاشه هناك بصمة علمنا بعضها وجهلنا أكثرها . يعمل بالخفاء والعلن ويخطط لحماية الوطن ضد المتربصين والحاقدين لينام كثيرون بلا خوف ويتحركون لقضاء حوائجهم بين المدن والدول عبر الطرقات والبحر والجو دون خوف على أنفسهم وأهاليهم وأملاكهم .. وبالنهاية أقول وإذا كان حاتم قد عرف وارتبط بالكرم، وعنترة بالبأس، ففقيدنا الراحل الأمير نايف بن عبدالعزيز فقد ارتبط بالأمن واشتغل بتحقيقه بتوفيق من الله .. فشكراً لك نايف وفقدك سيتعب من بعدك . لا يسعني الآن عند نفاذ أحرفي المفجوعة وهي تتأمل جنازته المحفوفة بالبياض والحزن لمثواه الأخير إلا أن أتقدم بصادق العزاء لوالدنا الغالي خادم الحرمين لشريفين عبدالله بن عبد العزيز آل سعود وسمو الأمير سلمان بن عبد العزيز حفظه الله وكافة أصحاب السمو الأمراء من أخوته وأخواته وأبنائه وبناته والأسرة المالكة وأبناءالوطن الغالي والأمة الاسلامية أجمع و ندعو لهم بالصبر والسكينة، والأجر.. فمن نعزي فيك يانايف وكلنا ألم على رحيلك .. اللهم، تقبله في عبادك الصالحين الذين يلقونك وأنت راض عنهم.. و(إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).